بوتفليقة يعاتب قضاة الجزائر على «تقاعسهم» في محاربة اللصوصية والإجرام

قال في خطاب أمامهم: هل نخرج من الإرهاب لنسقط في إرهاب آخر؟

TT

كشفت مصادر جزائرية مطلعة عن عتاب شديد وجهه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى قضاة البلاد بسبب استفحال ظاهرة اللصوصية والإجرام في المدن الكبيرة، وأبدى في لقاء مغلق معهم جرى أمس في العاصمة، غضبا شديدا من الفضائح التي هزت القطاع المصرفي العمومي والتي تداولتها الصحف المحلية قبل أيام.

ودام الاجتماع حسب المصادر التي تحدث لـ«الشرق الأوسط» حوالي ساعة، أعاب بوتفليقة فيه على أعضاء المجلس الأعلى للقضاة الذي يرأسه بحسب ما ينص عليه الدستور، «تساهلا في إصدار الاحكام القضائية ضد اللصوص والمجرمين». وتناول الرئيس في الاجتماع، بحسب المصادر، «استياءه من استعمال مسؤولين في الدولة نفوذهم لتحقيق مآرب شخصية»، مطالبا القضاة بـ«تسليط أقسى العقوبات ضد من تثبت عليه تهمة اختلاس المال العام مهما كانت الدرجة التي يمارسها».

وتم اللقاء قبيل إشراف بوتفليقة على الافتتاح الرسمي للسنة القضائية الجديدة 2005 ـ 2006، حيث بقي أعضاء الحكومة وعدد كبير من القضاة والمحامين والصحافيين ينتظرون خروجه إليهم ليسمعوا منه الخطاب الذي درج على إلقائه في كل سنة. ولاحظ جميع من حضروا جلسة افتتاح السنة القضائية، استياء كبيرا باديا على محيا الرئيس وهو يتوسط وزير العدل والقاضي الأول بالمحكمة العليا، الأمر االذي أثار تعاليق البعض منهم. وترجم بوتفليقة الحالة التي كان عليها في خطابه الذي قرأه بنبرة حزينة تدل على شعور بالخيبة. ومن بين ما قاله الرئيس: «هل نخرج من إرهاب لنسقط في إرهاب من نوع آخر.. المجتمع ينتظر منكم (القضاة) الكثير وينتظر منكم صرامة لا رحمة فيها». مشيرا إلى «استفحال اللصوصية استفحالا خطيرا في بلادنا .. وقد باتت محاربتها تشكل شغلا شاغلا يتعين على القضاء التكفل به». وتابع:«إن ظاهرة اللصوصية عرفت في الآونة الأخيرة تصاعدا كبيرا في ظل الإضطرابات الناجمة عن وضع اللاأمن الذي عشناه وبات من الضروري محاربتها بلا هوادة».

وكانت تقارير أمنية دقت ناقوس الخطر من تنامي السرقة والاعتداءات على الأشخاص وممتلكاتهم في وضح النهار، في السنتين الأخيرتين واعتبرها مختصون في الشأن الأمني مسألة مرتبطة بانحسار ظاهرة الإرهاب. وتنقل الصحافة يوميا شكاوى الجزائريين من حالة اللا أمن التي تسود مدنهم وأحياءهم، والكثير يفضل دخول البيت قبل أن يحل الظلام تفاديا للتعرض إلى مكروه. وأوعز أعوان أمن تنامي ظاهرة الإعتداءات والسرقة إلى سياسة العفو عن المساجين التي يعتمدها الرئيس في كل مناسبة دينية أو وطنية، بحيث يعود المئات منهم إلى ممارسة السرقة والاعتداء على الأشخاص، فور خروجهم من المؤسسات العقابية.

وقال بوتفليقة إن إصلاح القضاء وترقية آداء القضاة «بات هاجسا من هواجسي كلها وسيظل حالي كذلك ما لم تترسخ في بلادي ثقافة العدل لدى الحاكم والمحكوم». وأشار في ذات السياق إلى ضرورة ان «يتنزه المسؤولون عن استعمال نفوذهم لتحقيق مآرب شخصية على حساب الصالح العام وعن توظيفه للحصول على ما لا يحق لهم من إمتيازات» داعيا القضاة إلى متابعتهم قضائيا. «فهم بما يقترفونه من تجاوزات يتسببون في إشاعة التذمر في أوساط المواطنين ويدفعونهم إلى القنوط».