الحزب الحاكم في السودان يرشح البشير لرئاسة الحزب والجمهورية في الانتخابات المقبلة

أميركا تقدمت بـ 9 مقترحات لـ«نور وأركوي» لتجاوز خلافاتهما

TT

اعتمد مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بالإجماع أمس، ترشيح الرئيس عمر البشير، لرئاسة الحزب ورئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة. من جانبه، دعا البشير أنصاره في الحزب إلى إرساء ممارسة سياسية جديدة بالبلاد، والعمل لبناء جبهة عريضة لتحقيق وحدة الصف الوطني.

ويعد الحزب السوداني الحاكم منذ أمس مؤتمره العام، وسط ترقب شديد لنتائج أعماله من قبل القوى السياسية في البلاد، وقال الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، في تصريح صحافي، ان البشير أكد على زهده في تجديد رئاسته للحزب والدولة، واضاف أنه بحلول الانتخابات المقبلة، ستكون مدة رئاسته للجمهورية 19 سنة، ودعا البشير المجلس لاختيار وجوه جديدة وتأسيس ممارسة سياسية جديدة، معتبرا ان أصل الداء في التنظيمات السياسية بالعالم الثالث هو التكريس لزعامات وأفراد.

وحسب العتباني، فإن مجلس الشورى، وبعد مداولات واسعة، اعتبر ان حديث الرئيس أساس ممتاز لإرساء قيم وتقاليد جديدة، واعتبروه نموذجاً، وأجمع أعضاء المجلس على ان إتمام مسيرة السلام التي بدأت وإكمال الأهداف التي جاءت من أجلها الحكومة، تقتضي ان يبقى البشير في رئاسة الحزب ورئاسة الجمهورية للمرحلة المقبلة.

وقال غازي ان توصيات المؤتمر أكدت على ضرورة بناء جبهة سياسية عريضة لتحقيق وحدة الصف الوطني وإرساء شورى حقيقية، وان يتم اختيار القيادات داخل مؤسسات المؤتمر الوطني بالانتخاب، وشدّد البشير في خطابه على أهمية أن يكون المؤتمر الوطني على قدر مستوى التحدي. وجدّد التزامه بعملية السلام والشراكة مع الحركة الشعبية والتعاون مع كافة القوى السياسية، وبناء علاقات خارجية متوازنة.

ومن جهة أخرى، قالت مصادر مطلعة بخفايا الصراع بين حركة تحرير السودان لـ«الشرق الأوسط»، ان وسيطا أميركيا سيعقد خلال اليومين المقبيلن اجتماعا مع القيادتين المتصارعتين داخل حركة تحرير السودان المسلحة في اقليم دارفور المضطرب، في مسعى ثالث للإدارة الأميركية للمصالحة بينهما.

وكانت محاولتان مماثلتان لها منيتا بالفشل، الأولى في نيروبى الكينية، والثانية في مدينة الفاشر كبرى مدن جنوب دارفور التي تقع تحت سيطرة الحكومة السبت الماضي، لم تشأ المصادر تحديد المكان، غير انها قطعت الشك بأنها ليست في الفاشر. ويعتبر الخلاف بين جناحين في الحركة من أكبر المعوقات للجولة السابعة من مفاوضات ابوجا بين الحكومة والمسلحين في اقليم دارفور لإنهاء الصراع الدامى فيه منذ ثلاثة اعوام، وتتسارع جهات عديدة للتوسط بين المتصارعين في الحركة التي تعد أكبر الحركات المسلحة في دارفور، أبرزها الولايات المتحدة، والأمم المتحدة، ودولة تشاد المجاورة.

وكشفت المصادر ان الادارة الأميركية تقدمت بـ 9 مقترحات لقائدي حركة تحرير السودان المصطرعين «محمد نور واركوي» كحل وسط لتجاوز خلافاتهما وأمهلتهما أسبوعا واحدا لحسم الرؤى المتباينة والمشاركة في مفاوضات ابوجا في 28 من الشهر الجاري. وحسب المصادر، فإن الادارة الأميركية هددت بعد فشل مساعيها في الفاشر لتوحيد قائدي الحركة بإدراج اسم المجموعة التي ترفض الاستجابة لرأب الصدع ومطالب المجتمع الدولي لتحقيق السلام في دارفور في قائمة المحكمة الجنائية الدولية «لاهاي».

وذكرت المصادر ان المقترحات سلمتها اليهما مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية جنداي فريزر في اجتماع الفاشر الفاشل، وعددت المصادر المقترحات في: ان موقفاً تفاوضياً مشتركاً للحركة يعد أمراً جوهرياً من اجل دفع محادثات ابوجا للامام ويوفر اعلان المبادئ قاعدة لذلك، وان الهدف هو التوصل الى اتفاق يعالج التظلمات المشروعة في دارفور ويجب ان يكون الاتفاق منسجماً مع اتفاقية السلام الشاملة «نيفاشا»، وان هناك عناصر في اتفاقية السلام الشاملة تنسحب على كامل البلاد مثل ضمان الحريات الاساسية، ونظام وطني فيدرالي، ومبادئ تقاسم السلطات والثروات، والحكم الديمقراطي، والانتخابات يتوجب الاعتراف بها والالتزام بضمينها، ووجوب تقديم التسوية السياسية بدارفور لشعبها من خلال آلية فعالة للتشاور الشعبي، وان تتضمن التسوية تنفيذاً فعالاً من خلال المؤسسات الحكومية على المستوى الفيدرالي، ويجب ان تتضمن الترتيبات الأمنية نزع سلاح ميليشيا الجنجويد وحلها مع انسحاب قوات الحكومة وجيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة من المناطق الخاضعة لها وان تخضع لإشراف الاتحاد الافريقي الى حين توفير قوات حفظ السلام في المستقبل، وحتى ذلك الوقت تتم عملية تسريح للمتمردين ونزع سلاحهم واعادة دمجهم وتنسحب بصفة متزامنة قوات الحكومة الى مستويات مقبولة ويتعين القيام ببعض الخطوات مثل إعادة دمج القوات، وأن يحدد الطرفان ترتيبات لضمان اطار للمحاسبة وتعزيز مصالحة القبائل، وان يتم تطبيق التسوية فيما يتعلق بإقليم دارفور خلال فترة محددة لا تتعدى عاما واحدا وقبل اجراء الانتخابات المقررة باتفاقية السلام الشاملة، وان يعترف المجتمع الدولي بالتسوية في قرار بمجلس الأمن ويدعم تطبيقها.

وقالت المصادر ان مجموعة عبد الواحد وافقت على المقترحات الأميركية بدون أدنى تحفظ، فيما تحفظت مجموعة اركوي على المقترحات وأبدت ملاحظات تتمثل «في رفض الحركة اختزال قضية السودان في دارفور الى مستوى التظلمات، وثانياً سعي الحركة للوصول الى اتفاق سلام شامل وعادل للقضية وليس مجرد تسوية سياسية وان موضوع الترتيبات الأمنية الواسعة يتم الاتفاق عليها على طاولة المفاوضات بابوجا، واخيراً ان الحركة تؤيد وتتمسك بتطبيق كل قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بقضية السودان بدارفور وخاصة القرارين 1591 و1553».

من ناحيته، قال يان برونك، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان، في مؤتمر صحافي في الخرطوم، أمس، انه سيتوجه الى دارفور للقاء «اركوي» في منطقة «مهاجرية» بولاية جنوب دارفور اليوم، وسيتوجه من هناك للقاء «محمد نور»، ولم يحدد المكان، ولكنه ذكر ان لقاء الخصمين يتعلق بترتيبات جولة مفاوضات ابوجا المقبلة ورسم خطة فعالة لإنجاح المفاوضات.

وتوقع يان برونك أن تبدأ جولة ابوجا السابعة في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، ودعا الأطراف المعنية بالمفاوضات الى العمل على ضمان بداية سلسلة للمفاوضات والالتزام بالمواعيد التي اعتمدوها في الجلسة الاخيرة من الجولة الماضية، وقال ان رسالة المجتمع الدولي تنص على ضرورة ان تتوجه كافة الاطراف الى ابوجا والعمل على التوصل الى سلام في دارفور بنهاية هذا العام.