محاولات لتهدئة الموقف بين إيران والغرب.. وروسيا الوسيط

توقعات دبلوماسية متواضعة تجاه اجتماع وكالة الطاقة الذرية غداً

TT

استبعد مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» في فيينا احتمال خروج اجتماع مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة غداً الذي سينظر في الملف النووي الإيراني بأكثر من استخلاصات تقر بضرورة مواصلة التعاون الايراني مع الوكالة وحث إيران على العودة لطاولة المفاوضات. وأشارت مصادر أوروبية الى تأجيل إحالة الملف النووي الايراني الى مجلس الأمن، اذ يعول غالبية المجتمعين غداً على اقتراح روسي لترضية طهران بالسماح لها بتحويل اليورانيوم ونقله الى روسيا للتخصيب. وقالت مصادر في المجلس الوزاري الاوروبي في بروكسل أمس ان وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أجرى سلسلة محادثات مع رؤساء الدبلوماسية الأوروبية حول الملف الايراني، متوقعة ان يكون لموسكو دور مهم خلال المرحلة المقبلة. وبينما برزت مؤشرات بأن الولايات المتحدة والدول الأوروبية ستجلان المطالبة بإحالة الملف النووي الايراني الى مجلس الأمن في اجتماع مجلس أمناء الوكالة، نفت بريطانيا الأنباء حول احتمال معاودة المفاوضات بين الترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) وطهران.

وفي محاولة لاحتواء الخلاف بين إيران والغرب، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السماح لإيران بمواصلة معالجة اليورانيوم، على أن ينقل الى روسيا لتخصيبه، مما يصعب على إيران تطوير يورانيوم قد يستخدم في صناعة الأسلحة. واتفق الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة على تعليق مساعيهما لإحالة الملف النووي الايراني الى مجلس الأمن لمنح روسيا الوقت لإقناع طهران بالموافقة على الاقتراح. وأكد مصدر مطلع آخر لـ«الشرق الأوسط» أن الدول الأوروبية لن توافق على عرض مسألة إحالة الملف النووي الى مجلس الأمن للتصويت مرة ثانية. فإن كان القرار بإحالة الملف لمجلس الأمن قد وجد معارضة فنزويلا فقط المرة السابقة، فإنه سيجد معارضة كوبا وسورية هذه المرة. وانضمت كوبا وسورية الى مجلس أمناء الوكالة في هذه الدورة، كما انضمت مصر وليبيا. ولهذا فان الدول الأوروبية مضطرة للموازنة ما بين التصعيد ومواصلة الضغط، ومحاولة إقناع إيران بتقديم عرض تقبله. ووصف الدبلوماسي الموقف الأوروبي الحالي بأنه «أشبه بحالة انعدام وزن»، وان أهمية الأوروبيين تراجعت لتصبح روسيا «اللاعب الرئيسي» بتقديم عرض يتمنى الجميع أن تقبل به إيران للخروج من هذا المأزق. وأكد الدبلوماسي أن اجتماعاً برعاية روسيا كان من المفترض أن يعقد في موسكو أمس بين طهران والأوروبيين، إلا أن عدم رد إيران على الاقتراح الروسي أدى لتأجيل ذلك الاجتماع. وفي بروكسل، قال جاك سترو، وزير الخارجية البريطاني، الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للاتحاد الاوروبي، إن الوزراء توصلوا الى اتفاق بشأن توجيه رسالة قوية الى طهران مع «إبقاء باب التفاوض مفتوحاً». أما وزير الخارجية الفرنسي، فيليب دوست بلازي، فقد توقع أن يكون اجتماع فيينا، معبراً في نتائجه عن موقف المجتمع الدولي ويكون أكثر حزماً تجاه الملف النووي الايراني. وأوضح دبلوماسي في فيينا أن الدول التي دفعت مجلس الأمناء السابق لاتخاذ قرار بالتصويت ضد إيران تبدو الآن في موقف ندمت عليه، فالتهديد لم يؤد لغير تعسف في الموقف الايراني، وصعوبة التكهن بما يدور داخل طهران. ورجح الدبلوماسي أن إيران لن تتراجع لشعورها بقوة لما تمتلكه من أساليب ضغط سياسية وخصوصاً إزاء الدور الذي تلعبه داخل أفغانستان والعراق. وقال الناطق باسم الخارجية البريطانية أمس إن «لندن تدعم الاقتراح الروسي لأنه يعني منع ايران من تخصيب اليورانيوم». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» أضاف انه رغم إعلان إيران رفضها للخطة الروسية، إلا أن «الايرانيين يدرسون هذا المقترح». ولم ترفض إيران الفكرة رسميا ولكنها شددت مراراً على أنها تسعى لتخصيب اليورانيوم داخل البلاد، قائلة إن هذا حق سيادي لن تتخلى عنه. ونفى ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية أن الترويكا الأوروبية حددت الشهر المقبل موعدا لمعاودة المفاوضات مع إيران في شأن ملفها النووي بعدما أشيع. وشدد على أن «بريطانيا كانت دوماً مستعدة للتفاوض مع ايران ولكن ضمن إطار اتفاق باريس» الذي ينص على تعليق طهران نشاطها النووي. وكانت المحادثات بين إيران والترويكا الأوروبية قد توقفت في أغسطس (آب) الماضي حين أعلنت طهران استئناف تحويل اليورانيوم.

وكانت وكالة الصحافة الفرنسية قد أفادت أمس أن دبلوماسيين في فيينا قالوا إن الترويكا الأوروبية اقترحت يوم 6 ديسمبر (كانون الأول) موعدا لإجراء مفاوضات جديدة مع طهران حول برنامجها النووي. الا ان الناطق البريطاني صرح بأن «أحداً في فيينا استبق الأحداث عندما تحدث عن تحديد موعد للمفاوضات، فنحن ننتظر نتائج اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع قبل اتخاذ الخطوات المقبلة». من جانب آخر، شدد مسؤول بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن تقريرها الذي وزعته على الدول أعضاء مجلس الأمناء، لم يمض لأكثر من مطالبة إيران بمزيد من الشفافية في تعاونها مع الوكالة، باعتبار أن الشفافية هي الوسيلة الوحيدة لإعادة الثقة التي تفتقدها إيران. وأضاف المسؤول أن التقرير أشاد بتسليم إيران مزيدا من المعلومات المهمة للوكالة، وأنه لم يذكر مطلقاً أن تصاميم الرؤوس النووية التي سلمتها إيران للوكالة دليل على أن إيران تنتج أسلحة نووية. وما تزال طهران متمسكة بحقها في ممارسة نشاطها النووي التي طالما قالت إن أهدافه سلمية. وفي خطوة للتأكيد على هذا التمسك، صوت مجلس الشورى الايراني أمس على قانون يجيز لإيران التملص من نظام مراقبة مشددة لأنشطتها النووية واستئناف تخصيب اليورانيوم، إذا أحيل ملف برنامجها النووي الى مجلس الأمن الدولي. وينص هذا القانون على أن «تكف الحكومة عن تطبيق التدابير الطوعية والقانونية غير الملزمة في حال أحيل الملف النووي الايراني الى مجلس الأمن الدولي ليتولاه أو ليطلع عليه». ويؤكد النص أن طهران «متمسكة بتنفيذ برامج الأبحاث والتنفيذ العلمية لضمان احترام حقوق الشعب الايراني وفق معاهدة حظر الانتشار النووي».