الشرع يطالب مجلس الأمن وأنان «بتفسير» القرار 1636 وبانسجام التحقيق الدولي مع معاهدة التسليم اللبنانية ـ السورية

أكد استمرار تعاون سورية مع ميليس رغم الطبيعة «الافتراضية» لتقريره

TT

اكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع مجددا امس، التزام بلاده بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية «رغم طبيعة تقرير ديتليف ميليس الافتراضية» التي شرحتها سورية في مجلس الامن الدولي، ورغم نتائج التقرير غير المدعمة، وطالب بتحديد اسس ومعايير التعاون بين سورية واللجنة الدولية، في بروتوكول تعاون يراعي مقتضيات السيادة الوطنية السورية وحقوق الاشخاص السوريين. وطالب الوزير الشرع رئيس مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة كوفي انان بتفسير القرار 1636 وتطبيقه وفق مبادئ القانون الدولي العام المتعارف عليها، وبضرورة انسجام عملية لجنة التحقيق الدولية مع المعايير المناسبة للعدالة ومع معاهدة التسليم السورية ـ اللبنانية لعام 1951.

وصرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية بان الشرع بعث السبت الماضي برسالتين الى كل من رئيس مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة، اكدتا التزام سورية بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، واشارتا الى ان استمرار التعاون يتم رغم النتائج غير المدعمة التي قدمها تقرير لجنة التحقيق وطبيعته الافتراضية التي تم شرحها بالتفصيل في مجلس الامن من قبل سورية، واضاف المصدر، في بيان تلقى مكتب «الشرق الأوسط» بدمشق اليوم نسخة منه، ان الرسالتين اوضحتا ان سورية تعتقد ان قرار مجلس الامن 1636 يتعين ان يتم تفسيره وتطبيقه وفقا لمبادئ القانون الدولي العام المتعارف عليها، ونتيجة لذلك لا بد ان تنسجم عملية لجنة التحقيق الدولية مع المعايير المناسبة للعدالة، كما لا بد من انسجامها مع معاهدة التسليم السورية ـ اللبنانية لعام 1951. ونقل المصدر عن رسالتي الشرع القول، ان القرار 1595 المؤكد بالقرار 1636 يقر هذا المبدأ، في ما يتعلق بلبنان، الا انه لا يوجد شيء مماثل في القرار 1636 بالنسبة لسورية، رغم انها شكلت لجنة قضائية سورية خاصة لمساعدة اللجنة الدولية في انجاز مهمتها، وهي ما تزال بانتظار رد من اللجنة الدولية على مراسلاتها.

واضاف الوزير الشرع في رسالتيه انه «تجنبا لاي التباس حول مسألة التعاون، فان من الضروري تحديد اسسه ومعاييره في بروتوكول تعاون بين سورية واللجنة، ينطلق من مراعاة عناصر هذا التعاون لمقتضيات السيادة الوطنية السورية ولحقوق الاشخاص السوريين». واضافت الرسالتان، ان سورية كانت قدمت لميليس، خلال اجتماعه مع المستشار القانوني لوزارة الخارجية الجمعة الماضي، اقتراحات يمكن تضمنيها في بروتوكول تعاون بين الجانبين، بما في ذلك اتاحة اللقاء بالاشخاص السوريين المطلوب الاستماع اليهم.

وقال المصدر، ان رسالتي الشرع طلبتا مساعدة رئيس مجلس الامن الدولي والامين العام للامم المتحدة، في ان يتم انجاز بروتوكول تعاون مع الحكومة السورية، وذلك احتراما لميثاق الامم المتحدة ومقتضيات السيادة السورية، وان الرسالتين اكدتا ان سورية تنطلق من ان هدف مجلس الامن الدولي، هو الوصول الى حقيقة ما جرى في الرابع عشر من فبراير (شباط) 2005 مثلما هو هدف الجمهورية العربية السورية.

في غضون ذلك قال الناطق باسم اللجنة القضائية السورية، ابراهيم الدراجي لـ«الشرق الأوسط»، ان اللجنة استجوبت بعض الشخصيات التي ورد اسمها في الطلب الاخير، الذي تقدم به القاضي ديتليف ميليس الى سورية بهذا الشأن، موضحا ان اللجنة السورية تقوم بصورة دورية بتزويد لجنة التحقيق الدولية بكل الخلاصات التي تتوصل اليها وبمحاضر التحقيق التي اتمتها بناء على طلب ميليس نفسه.

وفي اشارة الى عدم تعاون اللجنة الدولية مع اللجنة السورية قال الدراجي «اننا لا نزال نطمح لان يكون هناك تواصل مباشر مع اللجنة الدولية، باعتبار ان الغرض الرئيس لتشكيل اللجنة السورية، هو ان تكون هذه اللجنة أداة التواصل والتعارف مع اللجنة الدولية».

واضاف الدراجي لقد سبق ان وجهنا رسالة الى القاضي ميليس تتضمن دعوته الى سورية لبحث آلية التعاون، لكن للأسف لم نتلق منه جوابا، حيث اكتفى بتوجيه رسالة الى وزارة الخارجية السورية اعلمها فيها بوصول رسالة القاضية غادة مراد، رئيسة اللجنة السورية، مطالبا بتزويده بأية نتائج يمكن ان تتوصل اليها اللجنة القضائية السورية».

وقال الدراجي «ان اللجنة السورية، ايمانا منها بأن هناك هدفا واحدا للجميع، هو الوصول الى الحقيقة، قامت بالفعل بتزويد اللجنة الدولية بمحاضر الاستجوابات التي تمت على امل ان يكون هناك المزيد من التعاون في المستقبل، خاصة ان القاضي ميليس سبق ان وجه مذكرة الى الجانب السوري، تتضمن اسماء بعض الشخصيات السورية التي كان قد اتخذ قرار بطلب منع مغادرتها الاراضي السورية». وسألت «الشرق الأوسط» الدراجي ان كانت اللجنة السورية قد تلقت جوابا من القضاء اللبناني على رسالتها اليه؟ فقال «لقد تلقينا جوابا من القاضي سعيد ميرزا، قال فيه ان طلب دمشق الاطلاع على المحاضر هو قيد النظر، الا اننا لم نتلق منه حتى الآن اية محاضر».

ورأى الدراجي ان الموضوع بالنسبة للجنة القضائية السورية شائك لعدة اسباب، منها ان منطلقات هذه اللجنة هي التعاون مع السلطات القضائية اللبنانية ولجنة التحقيق الدولية والاطلاع على محاضر التحقيق حتى يكون بالامكان توجيه الاسئلة والاتهامات ان استدعى الامر ذلك. وقال «ان اللجنة تعمل في ظل ظروف صعبة جدا ان لم يتم التعاون المطلوب مع اللجنة الدولية والقضاء اللبناني، لانه لا يمكن للجنة السورية ان تحقق او تعاين مسرح الجريمة عن بعد، لكن وفي كل الاحوال، فإن الامل لم ينقطع بامكانية التواصل والتعاون، صحيح اننا لم نتلق جوابا ايجابيا، لكننا لم نتلق جوابا سلبيا، ونأمل في ان يكون هناك شيء من هذا القبيل».

وعما اذا كان ميليس لا يرغب بالتعاون والحوار سوى مع الخارجية السورية قال الدراجي: «حتى الآن لا يمكن ان نحسم هذا الامر، باعتبار ان الحوار قد يحدث الآن، في حال قبل ميليس ابرام مذكرة تفاهم مع سورية، وعندها ربما تكون اللجنة السورية هي أداة التواصل بين سورية واللجنة الدولية، لكن حتى الآن لم يتم حسم شيء وباعتقادي فإن الايام المقبلة سوف تحدد هذه الامور».

من جهة اخرى نفى مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية ما تردد عن عقد اجتماع في بيروت اول من امس، بين المستشار القانوني للخارجية السورية الدكتور رياض الداوودي والمحقق ديتليف ميليس وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، ان هذا الخبر عار عن الصحة تماما، وان ما تردد بشأنه انما يندرج في اطار التكهنات. وامتنع المصدر عن التعليق عما يروج حول تحديد اسماء واماكن ربما يكون احدها مكانا لاستجواب الضباط السوريين الستة، لكنه لم ينف وجود عروض لبعض الامكنة، وكانت دوائر اعلامية قد اشارت الى ان عددا من الاماكن يحتمل ان يكون احدها مكانا للاستجواب بينها قبرص وجنيف.