مجلس الأمن يقر التمديد لقوات حفظ السلام في البوسنة ويدعو الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم تجاه محكمة لاهاي

TT

دعا مجلس الأمن في جلسته المنعقدة مساء امس الاول (الاثنين) جميع الأطراف في البوسنة إلى الوفاء بالتزاماتهم وفق مقتضيات اتفاقية دايتون، ولا سيما في ما يتعلق بالتعاون مع محكمة لاهاي الدولية الخاصة بجرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة، واعتقال وتسليم زعيم صرب البوسنة سابقا رادوفان كراجيتش، وقائد قوات صرب البوسنة أثناء الحرب الجنرال راتكو ملاديتش. وأشار مجلس الأمن إلى أن «قرار تغيير اتفاقية دايتون بيد السياسيين في البوسنة، وبدعم الامم المتحدة، وكبار الممولين من أجل إعادة بناء البلاد». كما أعلن مجلس الأمن تأييده لقرار المجلس الوزاري الاوروبي التمديد لقوات حفظ السلام الاوروبية (يوفور) البالغ عددها 6500 جندي مدة عام كامل. كما حيا مجلس الأمن التقدم الحاصل في البوسنة بعد 10 سنوات من توقيع اتفاقية دايتون. وجاء قرار المجلس بعد ساعات من تمديد المجلس الوزاري الاوروبي للقوات الاوروبية في البوسنة، واعلان الموافقة على بدء محادثات الاستقرار والتقارب مع البوسنة بعد غد (الجمعة) في سراييفو.

وقد تزامن قرار المجلس الاوروبي ومجلس الأمن الدولي مع الذكرى العاشرة لتوقيع اتفاقية دايتون (21 نوفمبر 1995 بولاية أوهايو الاميركية) و(14 ديسمبر من نفس العام في باريس). وكان الرئيسان الراحلان البوسني والكرواتي علي عزت بيجوفيتش، وفرانيو توجمان، والرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش، الذي يحاكم بتهم ارتكاب جرائم حرب في لاهاي، من بين الموقعين على الاتفاقية التاريخية التي أنهت حرب الابادة التي تعرض لها البوشناق المسلمون في البوسنة على مدى أربع سنوات.

وقد أعقب توقيع الاتفاق المذكور ارسال 60 ألف جندي إلى البوسنة ينتمون إلى 40 دولة، وتم تخفيض عدد الجنود الدوليين على مراحل في السنوات الماضية، ولم يبق منهم سوى 6500 جندي فقط تابعين للاتحاد الاوروبي، بينما يحتفظ حلف شمال الأطلسي بنحو 200 جندي فقط في البوسنة حاليا، وذلك منذ سنتين تقريبا. وكانت الحرب البوسنية قد قضت على حياة أكثر من 260 ألف نسمة، منهم 200 ألف من البوشناق، وهجر أكثر من مليوني نسمة وفق بعض التقديرات. كما حيا مجلس الأمن الاصلاحات الجارية في البوسنة، ولا سيما الاتفاق على توحيد الجيش (نهاية هذا العام) والشرطة (في غضون ثلاث سنوات) معتبرا ذلك «تقدما في اتجاه الاتحاد الاوروبي». وشدد المجلس على أن «اعتقال رادوفان كراجيتش والجنرال راتكو ملاديتش، ضرورة يقتضيها السلام في البوسنة».

وفي واشنطن وقع زعماء ثمانية أحزاب بوسنية، ومجلس الرئاسة الثلاثي (مجلس واحد من ثلاثة أعضاء) على بيان لتغيير الدستور في البوسنة، واعتقال وتسليم المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وعلى رأسهم رادوفان كراجيتش وراتكو ملاديتش. وجاء في البيان أن جميع الاطراف ستعمل معا من أجل تحقيق الاصلاحات التي من شأنها تهيئة البوسنة للانضمام لحلف شمال الاطلسي، والاتحاد الاوروبي.

كما أقر البوسنيون بمختلف طوائفهم ومشاربهم السياسية على انتخاب رئيس واحد وإقامة برلمان قوي وحكومة مركزية قوية بحلول مارس (آذار) 2006. وقال نيكولاس بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية إن «اعتقال المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وإنهاء مساعي التقسيم في البوسنة، هي الطريق نحو الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلسي». ودعا بيرنز جميع الجهات في البوسنة إلى أن يكونوا «جادين في ارساء السلام وتنظيم شؤون دولة البوسنة، التي سنعمل جميعا على ضمان مستقبلها»، كما دعا الشعب البوسني إلى «نبذ كل الحدود والعقبات التي وضعتها الحرب في سبيل بناء دولة المواطنين» وأكد على أن «الاحتفال بمرور 20 سنة على توقيع اتفاقية دايتون سيكون في بروكسل حيث ستكون البوسنة آنذاك عضوا في الاتحاد الاوروبي»، لكنه حذر من مغبة عدم اعتقال كراجيتش وملاديتش، مشيرا إلى أن ذلك سيمنع كلا من البوسنة وصربيا والجبل الاسود من الانضمام لحلف شمال الاطلسي.

من جهته قال الناطق باسم مكتب المبعوث الدولي إلى البوسنة ماريو بركيتش أمس إن «التغيير المطلوب على مستوى الدستور، لتتمكن البوسنة من الانضمام للشراكة الاوروأطلسية، لم يكن على المستوى المطلوب، لكنه يضع البوسنة على طريق التغيير من أجل التقدم إلى الامام» وتابع «السياسيون المحليون سيبحثون هذه القضية، وهناك آمال كبيرة لتحقيق هذا الانجاز في الفترة المقبلة». على صعيد آخر تقرر تأجيل محاكمة الرئيس اليوغسلافي الاسبق سلوبودان ميلوشيفيتش إلى يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) بعد تدهور حالته الصحية بسبب ارتفاع ضغط الدم لديه في المدة الاخيرة.