الاتحاد الأوروبي يحذر إيران.. «نافذة الحوار» لن تبقى مفتوحة

إرجاء إحالة ملف طهران إلى مجلس الأمن انصياعاً للرغبة الروسية

TT

على الرغم من الخطوات الإيجابية لإرجاء إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، أكد الاتحاد الأوروبي أن «نافذة الحوار» لن تبقى مفتوحة، في حال تعثرت ايران في التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبينما أجمعت كل الأطراف في مجلس أمناء الوكالة على تأجيل احالة الملف النووي الى مجلس الأمن، شدد الأوروبيون على عدم قبولهم بتخصيب اليورانيوم على الاراضي الإيرانية. وبات العرض الروسي لتخصيب اليورانيوم في منشآت روسيا وأعادته لإيران كوقود العامل الذي هدأ الموقف، ووحد صف مجلس أمناء الوكالة المجتمعين ليومين، منذ أمس في العاصمة النمساوية فيينا. وأبدى السفير الروسي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية غريغورى بيرزينكوف، تفاؤله بأن تقبل ايران عرض بلاده، الذي وحد صف الوكالة. وجاء ذلك ضمن مخاطبته مجلس أمناء الوكالة أمس، حيث وافقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على اعطاء فرصة للطرح الروسي، على رغم انتقادات سفيريها لإيران. وأفادت وكالة «رويترز» بأن دبلوماسياً أوروبياً اكد أمس، أن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، توصل الى «توافق كبير في الآراء» بعدم السماح لإيران، بالمضي قدماً في عمليات التخصيب النووي، التي تسمح لها بتطوير قنابل ذرية. وتحدد هذا الموقف في مسودة بيان، قدمته الترويكا الأوروبية لرئيس مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وجاء في مسودة ملخص للبيان، الذي سيتلى في ختام اجتماع مجلس المحافظين اليوم: «هناك توافق كبير في الآراء بعدم السماح لايران في الظروف الراهنة، بالقيام بأنشطة ذات صلة بالتخصيب على ارضها». كما جاء في المسودة ان الدول الأعضاء في مجلس المحافظين، وعددها 35 «تأمل بالاجماع، في استئناف العملية التفاوضية، مع الوضع في الاعتبار، من ضمن افكار أخرى، المقترحات الروسية».

وحذر السفير البريطاني بيتر جنكينز لدى الوكالة، في بيان بالانابة عن المجموعة الأوروبية، من ان «نافذة (الحوار) لن تبقى مفتوحة في كل الظروف» مع ايران. وطالب المدير العام للوكالة محمد البرادعي، بإجراء تحقيق أكثر دقة، للتحري حول صحة المعلومات والتصاميم الخاصة، بأجزاء حساسة من رؤوس نووية سلمتها ايران أخيراً للوكالة. وأسف السفير جنكينز، متحدثاً الى الصحافة، لاستمرار ايران بعد 18 سنة من النشاطات النووية السرية في «نقض تأكيداتها، حول الطابع السلمي لبرنامجها النووي». وأضاف: «انها عملية لا تطبق الا في انتاج أسلحة نووية». وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، ان الوفد الإيراني فوجئ بلهجة السفير البريطاني المتشددة، في حين كان ووزيرا خارجية البلدين، على اتصال حتى ليل أول من أمس. وكانت ايران اوضحت انها حصلت على التصاميم من شبكة السوق النووية السوداء، التي كان يديرها العالم النووي الباكستاني عبد القادر خان، وانها لم تطلبها أو تستخدمها.

وقال السفير البريطاني، إن على إيران «النظر بجدية» في اقتراح موسكو، الذي أبدى الايرانيون رفضهم له في الوقت الحاضر. ومن المنتظر عقد محادثات بين الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) وروسيا وايران في هذا الشأن. ولم يؤكد السفير الروسي غريغوري بردينيكوف هذا التاريخ، لكنه قال للصحافيين «لم نسمع أي رفض للأفكار الروسية من جانب الإيرانيين». وأوضح أن «روسيا تأمل في حل دبلوماسي»، وترفض احالة الملف الى مجلس الأمن الدولي. وأبدى السفير الإيراني محمد اغا زاده «تفاؤله» بصدد إجراء مفاوضات، مرجحاً أن يعقد الاجتماع المقبل للتفاوض «في موسكو أو فيينا». وقال جواد واعدي نائب رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني، ان بلاده لم تتسلم بعد اي اقتراح رسمي سواء من روسيا او الاتحاد الاوروبي. وصرح لوكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية الرسمية في فيينا، بأنه «مع ذلك فإن ايران ترحب بأي اقتراح، يعترف بحقها في ان تتاح لها تقنية نووية سلمية، بما في ذلك دورة الوقود، ولا يحرم ايران من أية مرحلة من مراحل دورة الوقود النووي، ويضمن المشاركة المحلية والأجنبية».

من جانب آخر، وبينما اجمع المتحدثون على منح ايران فرصة زمنية، انقسموا بين مجموعة ترحب بالتعاون الايراني، ومجموعة أخرى ترحب، ولكن تحذر ايران من عواقب مستقبلية في حال لم تقتنع الوكالة بتعاونها الكامل. وكانت الولايات المتحدة على رأس المجموعة الأخيرة، ومعها كندا واستراليا، فأشادت بالتعاون الايراني وقرار ارجاء تحويل ملفها الى مجلس الأمن، لكن لم يفتها ان تحذر ايران، ان الوقت يمضي لغير صالحها، وأنهم لن ينتظروها الى ما لا نهاية. وأكد السفير الأميركي لدى الوكالة غريغوري شالت ان بلاده لم تغير موقفها، ولكنها لا تمانع منح فرصة للأوروبين وروسيا لحث إيران على قبول مقترح موسكو. وأضاف: «المجلس لا يمكنه أن يتحلى بصبر من دون حدود، ويجب ألا يقوم بذلك إذا أردنا استعادة الثقة في ما يتعلق ببرنامج ايران». وتشير هذه التطورات ان الملف النووي الإيراني تعدى مرحلة ان يكون امراً فنياً تقنياً بحتاً، ليصبح سيناريو سياسيا، وفقاً لمصالح كل دولة. وفي الوقت نفسه رحبت مجموعة دول السبع والسبعين وجنوب افريقيا بالتعاون الايراني، مع التأكيد على حق الدول جميعا في تطور نووي سلمى، كما جاء في خطابها.

من جانبه، أكد مدير عام الوكالة في بيانه لجلسة الافتتاح، على ضرورة أن تعود ايران للتفاوض مع جميع الاطراف المهتمة، من دون ان يسميها. وكرر البرادعي حثه ايران للمزيد من التعاون والتعامل بشفافية مع الوكالة، مؤكداً ان كل ما تقوم به حالياً من عمليات تخصيب بمنشأة اصفهان، يتم تحت اشراف الوكالة التي ستواصل اعمالها داخل ايران. وأضاف ان الوكالة تسعى للتأكد من ان اغراض النشاط الايرانى سلمية فقط.

الجدير بالذكر ان المعارضة الايرانية نجحت في تنظيم مظاهرة اكبر حجماً، مما دأبت على تنظيمه، مع كل اجتماع سابق، مطالبة بإحالة الملف النووي الايراني الى مجلس. وتظاهر مؤيدو «مجلس المقاومة الايرانية» أمام مبنى الوكالة الدولية، وحملوا لافتات تدين نظام طهران، وأعلاما ايرانية وصورا للمعارضة مريم رجوي.