6 حكومات في عهد الملك عبد الله الثاني بواقع حكومة في كل عام

الأزمات تعصف بالحكومات الأردنية في مهدها مما يصعب تنفيذ برامجها

TT

بتشكيل حكومة الدكتور معروف البخيت بلغ عدد الحكومات الأردنية في عهد الملك عبد الله الثاني منذ أن تولى العرش بعد رحيل والده الملك حسين عام 1999، ست حكومات، بمعدل حكومة في السنة الواحدة، الأمر الذي لا يمكنها من تنفيذ برنامجها وخططها التي تلتزم بها عادة في بيانها الوزاري أمام مجلس النواب الذي يمنحها الثقة على أساسه.

ومنذ عام 1999 تم تشكيل ست حكومات توصف بالمرنة وذات الطابع السهل في التغيير، الا ان لكل من هذه الحكومات الأسباب التي حدت باستقالتها لإتاحة الفرصة لتشكيل حكومة جديدة. وكانت حكومة عبد الرؤوف الروابدة الأولى في عهد الملك عبد الله الثاني حيث باشرت بتنفيذ برنامجها الإصلاحي، الا ان استقالة الحكومة السريعة حالت دون تنفيذ برنامج الإصلاح السياسي الذي يقوم على تكريس الديمقراطية وتعزيز التعددية السياسية والحريات العامة. وجاءت استقالة الحكومة نتيجة ردود الفعل التي أثارها القرار الذي اتخذته هذه الحكومة بإبعاد قادة «حماس» هذا القرار الذي اثار السخط الشعبي الجماهيري ومؤسسات المجتمع المدني من احزاب ونقابات ضدها، مما حدا بها الى الاستقالة لتجنب المزيد من الغضب الشعبي والتأليب السياسي ضدها. وأعقبت حكومة الروابدة حكومة علي أبو الراغب ورفعت شعار الإصلاح الاقتصادي بدلا من شعار الإصلاح السياسي الذي رفعته سابقتها، خاصة ان حكومة الروابدة رفضت ازالة القيود التي تعترض الفعاليات الاقتصادية وفي مقدمتها انشاء منطقة اقتصادية حرة خاصة في مدينة العقبة تخوفا من عمليات غسل الأموال وانتشار المخدرات والملاهي الليلية في العقبة الملاصقة لإسرائيل.

ورغم نجاحها في النهوض بالفعاليات الاقتصادية إلا ان حكومة أبو الراغب لم تتمكن من احراز أي اصلاح سياسي، بل على العكس من ذلك استغلت غياب البرلمان وأصدرت أكثر من 200 من القوانين الاستثنائية المؤقتة التي تحد من الحريات العامة وتضيق على الأحزاب والنقابات، مما ادى الى استقالة الحكومة وتكليف علي أبو الراغب بتشكيل حكومة جديدة للمرة الثانية.

وعملت حكومة أبو الراغب الثانية التي استمرت زهاء العام على معالجة الاختلالات الاقتصادية وفتحت حوارا مع الأحزاب السياسية والنقابات لكسب التأييد لجماهيري الواسع الذي تحظى به هذه المؤسسات، كما انفتح على العراق حيث كان اول مسؤول عربي يزور العراق الذي فرضت عليه الأمم المتحدة حصارا شاملا بعد غزوه الكويت عام 1990. وبالإضافة الى ذلك ركزت حكومة ابو الراغب على معالجة الأوضاع الاقتصادية، إلا انها لم تحقق أي انجاز سياسي وكلف العاهل الأردني هذه الحكومة مهمة اجراء الانتخابات البرلمانية عام 2003 لسد الفراغ الدستوري في البلاد الذي استمر أكثر من عامين ونصف العام. وتلا ذلك تشكيل حكومة برئاسة فيصل الفايز الذي عمل في الديوان الملكي فترة طويلة والذي بدوره رفع شعار الإصلاح الإداري بالاضافة الى الإصلاح السياسي الذي أنشئت له وزارة خاصة هي وزارة التنمية السياسية. الا ان الفايز لم يحقق إصلاحا سياسيا أو إداريا بل على العكس من ذلك افتعل معركة مع النقابات المهنية حيث اصدرت حكومته قانونا جديدا للنقابات المهنية يمنعها من مزاولة النشاط السياسي ويفصل بين النقابات في الأردن وفروعها في فلسطين ويحظر عليها تقديم اي دعم مالي الى أعضائها في الضفة لغربية التي كانت جزء لا يتجزأ من الأردن حتى صدور قرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الجانبين عام 1988.

وكانت معركة النقابات بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وأجهزت على حكومة الفايز التي لم يأسف احد عليها، بسبب ما اشيع من تبديد للملايين من الدنانير على الهبات والعطايا على شرائح اجتماعية عديدة بلا طائل او مبرر، مما حدا بالعاهل الأردني الى إقالتها وتشكيل حكومة جديدة برئاسة أكاديمي عريق هو الدكتور عدنان بدران.

وتفاءلت الجماهير بتشكيل حكومة بدران باعتباره من التكنوقراط حيث عمل في الجامعات الأردنية عقودا من الزمن، كما عمل في اليونسكو بالاضافة الى مشاركته في بعض الحكومات السابقة، الأمر الذي اكسبه خبرة علمية وسياسية وعملية.

الا ان اصطدام حكومة بدران مع البرلمان منذ الساعات الأولى لتشكيلها افقدها القدرة على العمل، فمنذ إعلان التشكيل الحكومي الذي خلا من أبناء الجنوب، هدد عدد من النواب بحجب الثقة عن الحكومة ما لم تتضمن وزراء من محافظات الجنوب وقد استغرق ذلك شهرين من الزمن لتمكين حكومة بدران من تجاوز هذه العقبة حيث أرغم على إجراء تعديل قسري في حكومته ضمنه تعيين 4 وزراء من الجنوب مما مكن حكومته من الحصول على ثقة غالبية أعضاء مجلس النواب.

إلا أن هذه العقبة لم تكن الوحيدة التي اعترضت حكومة بدران، فما أن تغلبت هذه الحكومة على عقبة «وزراء الجنوب» حتى برزت أمامها عقبة أخرى تمثلت بتحفظ النواب على الفريق الاقتصادي في الحكومة. ومطالبتهم بتنحي هذا الفريق، مما حمل قائد هذا الفريق الدكتور باسم عوض الله الذي كان يشغل منصب وزير المالية الى تقديم استقالته لإتاحة الفرصة لرئيس الحكومة لإجراء تعديل وزاري. وجاء قرار حكومة بدران برفع أسعار المشتقات النفطية بنسبة كبيرة تجاوزت الـ55 في المائة مرتين خلال شهرين بمثابة «الضربة الثالثة والقاضية» التي أجهزت على حكومة بدران بعد اقل من ثمانية اشهر على تشكيلها، الأمر الذي اتاح المجال لتشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور معروف البخيت، وهو شخصية عسكرية ودبلوماسية وأكاديمة في آن واحد، سيكشف البيان الوزاري عن برنامجها وتوجهاتها في المستقبل.