الاتحاد الأوروبي يبدأ اليوم محادثات الاستقرار والتقارب مع البوسنة

بيل كلينتون: تغيير اتفاقية دايتون كان مخططا له

TT

من المقرر أن يتم اليوم تدشين مفاوضات الاستقرار والتقارب بين البوسنة والاتحاد الاوروبي، ويقود الجانب الاوروبي مفوض شؤون توسيع الاتحاد أولي رين الذي يصل اليوم إلى سراييفو. وكان المجلس الوزاري الاوروبي قد قرر يوم 21 نوفمبر الجاري إعطاء إشارة انطلاق مفاوضات الاستقرار والتقارب، التي تسبق مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد. وكانت البوسنة قد نجحت في اجراء الاصلاحات المطلوبة على صعيد توحيد الجيش والشرطة ونظام الاعلام، ويطالب الاتحاد الاوروبي بمواصلة الاصلاحات واعتقال وتسليم زعسم صرب البوسنة رادوفان كراجيتش وقائد قواته الجنرال راتكو ملاديتش. وأعلن الجانب البوسني أنه مستعد لمحادثات الاستقرار والتقارب. من جهة أخرى أكد الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون أن تغيير اتفاقية دايتون كان مخططا له، وأنه وضع بالصيغة التي كان عليها لوقف الحرب الدامية التي استمرت أربع سنوات، وتسببت في مقتل 260 ألف نسمة منهم 200 ألف بوشناقي مسلم، وتهجير أكثر من مليوني نسمة، وهدم 90 في المائة من البنية التحتية. وقال كلينتون بمناسبة مرور 10 سنوات على توقيع اتفاقية دايتون التي يحتفل بها هذه الايام، من 21 نوفمبر إلى 14 ديسمبر القادم، «كنا في حاجة لوقت لتطوير اتفاقية دايتون، لمنع حصول حوادث واشتباكات مسلحة، وللحصول على دعم محلي ومؤسساتي داخل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي». وتابع كلينتون في شرح يجدر بأساتذة العلوم السياسية والحكومات الاستفادة منه «دعوة القادة السياسيين في البوسنة للاجتماع مرة أخرى بعد 10 سنوات في واشنطن لم يكن صدفة ولا اعتباطا، فقد تم غرس مبادئ في ثنايا الاتفاق تسمح بعقد مثل هذا الاجتماع والتوصل إلى اتفاق جديد يطور ما تم اتخاذه من خطوات قبل 10 سنوات». وأضاف «بنود عودة المهاجرين إلى ديارهم الاصلية، ومحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم، وفتح الباب لاحتمالات تغيير الاتفاقية بالاتفاق بين الاطراف البوسنية، أثمر النتيجة التي نرغب في رؤيتها قبل مارس العام القادم وهي انتخاب رئيس واحد بدل مجلس رئاسي واحد يضم ثلاثة أعضاء، وإقامة حكومة مركزية تتولى اتخاذ القرارات دون الرجوع للحكومات الاقليمية، وبرلمان قوي يصوت على خيارات الشعب البوسني السياسية والاقتصادية وغيرها». وأشار كلينتون إلى أنه «لا أحد في البوسنة، أو خارجها كان يعتقد بأنه يمكننا تحقيق مثل هذا الانجاز بسلاسة غير معهودة في الحروب، فقد عاد نصف المهجرين، ولا توجد مشكلة في التنقل وحرية الحركة، والأطفال يلعبون اليوم في الشوارع والساحات دون خوف من القناصة الصرب»، واعترف الرئيس الاميركي الاسبق بأن «اتفاقية دايتون أخمدت نار الحرب، لكنها لم تخمد أطماع البعض وتطلعاتهم المناهضة لدولة البوسنة والهرسك، وهذا ما يتطلب تدخلا جديدا لاخماد هذه التطلعات للأبد»، وعن أهمية البوسنة قال كلينتون «الحرب اليوغوسلافية كانت الحرب الاولى التي تندلع في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وقد مثلت تهديدا للسلام الدولي، فمنها انطلقت شرارة الحرب العالمية الاولى، ولم تكن الحرب العالمية الثانية بعيدة عنها، وكانت مركز تجاذب أثناء الحرب الباردة، ولقد حان الوقت لتحقيق حلم أوروبا في الوحدة والسلام». وحيا كلينتون دعوة القادة الصرب لزعيمهم السابق رادوفان كراجيتش وقائد قوات صرب البوسنة أثناء الحرب راتكو ملاديتش للاستسلام، مؤكدا أن «البوسنة ستحصل على رئيس واحد وحكومة مركزية وبرلمان قوي العام المقبل»، وفي سياق متصل قال الدبلوماسي الاميركي دونالد هايز «في السنوات العشر الماضية لم تستطع الحكومة المركزية فعل شيء يذكر بسبب التعقيدات السابقة في اتفاقية دايتون حيث كان بامكان أي جهة عرقلة القرارات».

من جهته قال البمعوث الاميركي الخاص إلى البلقان روبرت غيلبارد إن «صلاحيات الكيانين، روبيبليكا صربسكا، والفيدرالية البوشناقية الكرواتية، ستتقلص كثيرا لصالح الحكومة المركزية». وتابع «سيبقى الكيانان في شكل غداري وليس سياسيا، وليست هناك حاجة لقيام ثالث للكروات، لأنهم وفقوا سنة 1994 على الفيدرالية ولا سمكن تغيير ذلك»، وألمح إلى وجود تغييرات لاحقة، معتبرا الاصلاحات التي أدخلت على الدستور «ضرورية لبداية التحديث». وأكد على أن «التغييرات تتم بالتعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا». من جانب آخر، أعلنت اللجنة الدولية للبحث عن المفقودين، أنه لا يزال هناك 14 ألف مفقود في البوسنة، بعد 10 سنوات من انتهاء الحرب وتوقيع اتفاقية دايتون. وقالت اللجنة في اجتماع لها في سراييفو، أنه لا توجد أي معلومات عنهم حتى الآن. وتستمر معاناة عوائل المفقودين بعد عقد من غيابهم، رغم كل محاولات الحصول على معلومات من اللجان الاقليمية، التي تجتمع دوريا لبحث مشكلة المهجرين والمفقودين. ورغم أن الاعتقاد السائد هو أن لا أحياء بين المفقودين الـ 14 ألفا، إلا أن لا أحد يعرف حتى كتابة هذا التقرير، أماكن وجود عظامهم ورفاتهم، ليجعل لها قبورا وشواهد، ويتسنى لذويهم زيارتها، وحل المشكلات العائلية الناجمة عن غيابهم. وقال عمر ماشوفيتش رئيس اللجنة البوسنية للبحث عن المفقودين إن «عدد المفقودين في البوسنة وصل إلى 27 ألف نسمة، عثر على ما لا يقل 8 آلاف منهم داخل المقابر الجماعية، وهناك بين 6 و7 آلاف ضحية لم تحدد هوياتهم بعد»، وتابع «عثرنا حتى الآن على 580 مقبرة جماعية، أكبرها في تسرني فره وبها 629 ضحية»، وكانت المقبرة قد عثر عليها في الشهور القليلة الماضية. وكانت البوسنة قد أقامت هذا العام معهدا للمفقودين في محاولة للكشف عن أماكن إخفائهم، وهي المقابر الجماعية لا محالة.