استفتاء: غالبية الأميركيين منزعجون من «السمعة السلبية» لبلادهم في العالم

تخوفوا من «انعزالية جديدة» بسبب مواقف واشنطن من قضايا عالمية مهمة

TT

أوضح استفتاء أجرته مؤسسة «بيو» الاميركية أخيرا بان اغلبية الاميركيين ترى ان اكبر مشكلة تواجه بلادهم اليوم هي صورتها السلبية في العالم. وترى ان حرب العراق هي السبب الرئيسي لذلك، بالاضافة الى تأييد اميركا لاسرائيل، وقيادة اميركا لحرب الارهاب.

وقالت اغلبية الاميركيين ان حرب العراق والحرب ضد الارهاب اصبحتا اكبر مشكلتين تواجهان اميركا في الخارج. وقال الثلثان، للسنة الثانية على التوالي، ان العالم ينظر الى اميركا نظرة سلبية، بينما قال عشرة في المائة فقط ان اميركا اصبحت اكثر احتراما.

ونشرت هذه النتائج في نفس اسبوع نشر نتائج استفتاء آخر اوضح ان اكثر من ستين في المائة من الاميركيين يعارضون حرب العراق. وخطأت نفس النسبة الرئيس بوش في الطريقة التي يدير بها الحرب. وقالت نفس النسبة ان بوش «تعمد تضليل» الشعب الاميركي عندما اعلن اسباب الحرب.

وعارض، في نفس الاستفتاء، نصف الاميركيين الطريقة التي يدير بها بوش حرب الارهاب. مما يؤكد وجود صلة بين زيادة معارضة الاميركيين للطريقة التي يدير بها بوش حرب العراق وزيادة معارضتهم للطريقة التي يدير بها حرب الارهاب. وكان بوش، خلال انتخابات رئاسة الجمهورية في السنة الماضية، ربط بين حرب العراق والحرب ضد الارهاب، وساهم ذلك الربط في فوزه.

واوضح استفتاء «بيو» ان نصف الجمهوريين انضموا الى الذين اعلنوا قلقهم على سمعة اميركا السلبية في العالم، رغم ان الحزب الجمهوري يسيطر على البيت الابيض وعلى الكونغرس منذ خمس سنوات. وقال ربع الجمهوريين ان هذه السمعة السلبية مشكلة كبيرة، وان لا بد من العمل لتغييرها.

> قادة الرأي: وجاء الخبراء والعلماء في اميركا على رأس القلقين على سمعة اميركا السلبية في العالم. وربطوا ايضا بين السمعة السلبية وحرب العراق. قال ذلك خمسة وتسعون في المائة منهم من الخبراء والعلماء. وجاء قادة الرأي، ايضا، على رأس الذين ربطوا بين السمعة السلبية وتأييد اميركا لإسرائيل. وقال ذلك ثمانون في المائة من الصحافيين. وأيدهم العسكريون وخبراء السياسة الخارجية، سبعون في المائة. وأيدهم الاكاديميون ورجال الدين، ستون في المائة. لكن اربعين في المائة فقط من عامة الشعب قالوا ذلك، مما يوضح ان الشعب لا يعرف كثيرا عن تأثير تأييد اسرائيل على سمعة اميركا السلبية. غير ان المسيحيين المتطرفين، وهم اكثر المؤيدين لاسرائيل، جاءوا على رأس الذين اعترفوا بان تأييد اميركا لإسرائيل سبب رئيسي للصورة السلبية. قال ذلك اكثر من النصف، بالمقارنة مع نسب اقل وسط الكاثوليك وغيرهم من الطوائف المسيحية الاميركية.

> حرب الإرهاب: وقال اكثر من نصف الشعب ان حرب الارهاب التي تقودها اميركا هي سبب رئيسي لصورة اميركا السلبية في العالم. وايدت ذلك نسب مماثلة، او اقل، وسط قادة الرأي. واشارت نسبة الثلث وسط الشعب، ووسط قادة الرأي، الى السبب الرابع لصورة اميركا السلبية، وهو تأييد اميركا للانظمة الدكتاتورية في الدول العربية. واكثر الذين قالوا ذلك هم الصحافيون وخبراء السياسة الخارجية.

وبالاضافة الى السياسة الخارجية، سأل الاستفتاء اذا كان سبب الغضب العالمي على اميركا هو المجتمع الاميركي نفسه. لكن الذين قالوا ذلك اقل من الذين اشاروا الى حرب العراق وتأييد اسرائيل. وقال النصف ان السبب هو قوة اميركا العسكرية والاقتصادية، وقال الثلث ان السبب هو المادية، وقالت نسبة الربع او اقل ان السبب هو تدين الاميركيين.

> انعزالية أميركية: واوضح الاستفتاء ان زيادة قلق الاميركيين على صورتهم السلبية في العالم ربما سيكون سببا في انعزالية اميركية جديدة. وبينما ايدت اغلبية الاميركيين نشر الديمقراطية في العالم، اوضحت الاغلبية ان تحقيق ذلك لن يكون سهلا، ولن يكون سريعا. وقال ثلاثون في المائة فقط ان نشر الديمقراطية واجب على اميركا، او انه هدف اميركي رئيسي.

كان قادة الرأي، في الماضي، اكثر تأييدا لدور اميركي كبير في العالم، بالمقارنة مع عامة الشعب الذين كانوا يميلون نحو الانعزالية. لكن السنوات القليلة الماضية، وللاسباب السابقة، شهدت زيادة تأييد قادة الرأي للانعزالية. وكان ثلاثة ارباع خبراء الشؤون الأمنية يؤيدون دورا اميركيا متزايدا في العالم، لكن هذه النسبة انخفضت الى اقل من النصف في استفتاء الاسبوع الماضي. وانخفضت نسبة المؤيدين لدور متزايد لوسط عامة الناس. وقال اكثر من نصف العلماء والمهندسين ورجال الدين ان اميركا يجب ان تلعب دورا اقل في العالم.

> 11 سبتمبر: واوضح الاستفتاء، بالمقارنة مع استفتاءات سابقة، ان هجوم 11 سبتمبر زاد كثيرا تأييد الاميركيين، بكل قطاعاتهم، قادة وقاعدة، لدور اكبر في العالم. وكان السبب الرئيسي لذلك هو رغبة كثير من الاميركيين في الرد على الهجوم. ولهذا وجدت الحرب ضد الارهاب تاييدا شعبيا قويا، وساهم هذا التأييد في اعادة انتخاب الرئيس بوش للمرة الثانية، في السنة الماضية.

في ذلك الوقت، ايد ستون في المائة من الاميركيين تدخل حكومتهم في شؤون الدول الاخرى باسم محاربة الارهاب. لكن استفتاء الاسبوع الماضي اوضح ان عشرة في المائة فقط من الاميركيين يؤيدون احتكار اميركا لدور قيادي في العالم. وايد الربع دورا اميركيا مشاركا لدول اخرى، ربما الاتحاد الاوروبي. وقال النصف ان اميركا يجب ان تكون مثل اي دولة اخرى في العالم، اي تتحاشى التدخل في شؤون الدول الاخرى، وتتحاشى تبني قضايا داخلية، وتلتزم بالعمل في نطاق الامم المتحدة.

> الأمم المتحدة: واوضح الاستفتاء ان رغبة الاميركيين في الابتعاد عن مشاكل العالم ربما ستتطور وتصبح انعزالا كاملا، وذلك بسبب زيادة نسبة الذين لا يريدون حتى التعاون مع الأمم المتحدة.

وقال نصف الاميركيين انهم يريدون تعاونا كاملا مع الامم المتحدة. هذه نسبة اقل، لأن الثلثين قالا ذلك قبل ثلاث سنوات، عندما غزت اميركا العراق. ويدل هذا على ان حرب العراق اثرت على الاميركيين في اكثر من مجال.

قبل ثلاث سنوات، عندما غزت اميركا العراق، قال ثلاثة ارباع الاميركيين انهم لا يهتمون برأي العالم (ورأي الامم المتحدة) في اميركا ما دامت اميركا تريد حماية أمنها، سواء بحرب الارهاب او حرب العراق. لكن، في الاسبوع الماضي، قال الثلثان ان اميركا يجب ان تضع اعتبارا لرأي العالم.

يقود الديمقراطيون الميل نحو وضع اعتبار للرأي العالم العالمي. ويقود الجمهوريون الابتعاد عن الامم المتحدة، وذلك لأن كثيرا من المسيحيين المتطرفين، المؤيدين للحزب الجمهوري، يرون الامم المتحدة مقدمة لحكومة عالمية علمانية.

> الأوروبيون: وركزت اغلبية كبيرة من الاميركيين، اكثر من ثمانين في المائة، على التعاون مع الدول الاوروبية، وقال بعضهم ان قوة الاتحاد الاوروبي هي قوة لاميركا. لكن، مثل حالات اخرى، يتحمس قادة الرأي، اكثر من عامة الناس، لهذا الاتجاه. وتعتبر نسبة ثمانين في المائة زيادة كبيرة على ما كانت عليه قبل ثلاث سنوات عندما عارض كثير من الاوروبيين غزو العراق.

وتغيرت، ايضا، نظرة الاميركيين لبعض القرارات السريعة التي اصدرتها الحكومة بعد هجوم 11 سبتمبر، مثل تقييد قبول الطلاب الاجانب، خاصة من الدول العربية والاسلامية. وقالت اغلبية الاكاديميين والصحافيين ورجال الدين والخبراء السياسيين ان القرار كان مبالغا فيه. لكن اغلبية عامة الناس لا تزال تخاف من الارهاب، ولا تزال تؤيد القرار.

ومثلما اصبح كثير من الاميركيين يؤيد العودة الى الحظيرة الدولية، اصبح كثير منهم يؤيد الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية، التي رفضتها ادارة الرئيس بوش. وشذ العسكريون عن بقية المجموعات القيادية، وعارضت اغلبية قليلة وسطهم الانضمام الى المحكمة.

> هجوم آخر: لا تزال اغلبية الرأي العام الاميركي تتوقع هجوما ارهابيا على اميركا، رغم ان النسبة قلت عما كانت عليه بعد هجوم 11 سبتمبر. لكن قادة الرأي اقل خوفا من عامة الناس، ربما لانهم اكثر متابعة للتطورات السياسية والأمنية.

لا يتفق الاميركيون على سبب واضح لعدم وقوع هجوم جديد. وقالت نسبة كبيرة ان السبب هو الحظ، وربما تقصد ان الارهابيين لم يقدروا، او لم يخططوا، او لم يريدوا القيام بهجوم جديد. ولهذا يستمر الحذر وسط نسبة كبيرة من الاميركيين، ولهذا يستمر، ايضا، تأييد حرب الارهاب، رغم انخفاض تأييد الطريقة التي يقود بها بوش هذه الحرب.

ورغم انخفاض تأييد حرب العراق، لم ينخفض التأييد لحرب الارهاب. لكن الاميركيين يختلفون حول خطورة كل واحدة منهما. وقالت نسبة اكبر وسط العسكريين والصحافيين ان حرب الارهاب اهم من حرب العراق. وقالت نسبة اكبر وسط الاكاديميين والعلماء ان حرب العراق اهم. ويعتقد مراقبون وصحافيون في واشنطن ان هذه مقدمة لنقاش كبير حول حرب الارهاب نفسها، بعد ان قل التأييد لحرب العراق.