القمة الأوروبية ـ المتوسطية: إسرائيل تخفض تمثيلها وبلير وأبو مازن يؤكدان أهمية فتح معبر رفح

TT

أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) تمسكه بالقدس الشرقة عاصمة لدولة فلسطين، الا انه قال ان هذا الموضوع لن يطرح في القمة الاوروبية المتوسطية، فهي «احدى قضايا المرحلة النهائية ونحن الى الآن لا نتحاور مع اسرائيل منذ لقاء كامب ديفيد حول قضية القدس والحدود واللاجئين، ولكن موقفنا واضحاً بأننا نريد دول فلسطينية في الاراضي التي احتلت عام 1967، وان القدس الشرقية التي احتلت هي العاصمة». وكان عباس يرد على سؤالاً لـ»الشرق الاوسط» في مؤتمر صحافي عقده مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بحضور الى رئيس المفوضية الاوروبية هوزي بوروسو ومنسق العلاقات الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا أمس قبل انطلاق القمة «الاوروبية المتوسطة» رسمياً أمس بكلمة افتتاح من الملك الاسباني خوان كارلوس.

وركز عباس وبلير على «الانجاز المهم»، لفتح معبر رفح. واعتبر بلير فتح معبر رفح بأنه اثبات على ان «رغم الصعوبات، من الممكن التقدم». وقال عباس انه من «الضروري حل النزاع العربي ـ الاسرائيلي مع دولة فلسطينية تعيش جنباً الى جنب مع اسرائيل». وأضاف: «اهمية حل النزاع العربي ـ الاسرائيلي لانه بؤرة الصراع ليس فقط في المنطقة وانما في العالم». وشدد على ان «السيطرة على الأمن قضية مهمة جداً وهذا من واجبنا وهذا ما نعمل به الآن ليستقر الوضع وحتى لا تكون هناك احداث تؤثر على علاقاتنا المحلية او الدولية». وعقد الزعيمان المؤتمر الصحافي بعدما عقدا لقاءً ثنائياً لبحث الاوضاع في الاراضي الفلسطينية و«الحل السياسي للوصول الى حل الدولتين». وقال عباس: «بدأنا بخطوات بدأت في رفح وستتطور هذه الخطوات بالدعم الاقتصادي القادم من الاتحاد الاوروبي أو من اطراف اللجنة الرباعية أو من أطراف عربية لنضوج الوضع الاقتصادي».

وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قلل بلير من أهمية عدم مشاركة غالبية قادة ورؤساء الدول العربية المدعوة للقمة. وقال: «للعلاقة الاوروبية المتوسطية دور اقتصادي وتنموي مهم ولكن، لها دور سياسي ضروري ايضاً، والعلاقة مع الدول التي لديها غالبية من الشعب المسلم لها دور خاص لتبين للناس ما لديهم من خصوصيات مشتركة وان يعيشوا جنباً الى جنب بغض النظر عن اية ديانة ينتمون اليها». وبعد عشر سنوات من انطلاق «عملية برشلونة»، كان الاوروبيون يأملون ببعث روح جديدة في المسيرة مع جمع قادة الدول الاوروبية والدول المتوسطة للمرة الاولى. ولكن مع غياب القادة العرب، تعثر الخروج بقرارات حاسمة. كما ان الوفد الاسرائيلي اخذ يتراجع هو ايضاً، اذ قرر وزير الخارجية الاسرائيلي سيلفان شالوم عدم المجيء بعدما حل محل رئيس الوزراء أرييل شارون. ويترأس الوفد الإسرائيلي نائب رئيس الوزراء وزير المالية ايهود أولمرت، مما أكد صعوبة التوصل الى صيغة نهائية للإعلان السياسي للقمة تجاه عملية السلام.

وأفادت مطلعة لـ«الشرق الأوسط» ان التعثر في ايجاد صيغة يتفق عليها الجانبان العربي والإسرائيلي تركز في تحديد حدود الدولة الفلسطينية والعودة الى حدود 1967. كما ان الوثيقة الاوروبية التي سربت الى الصحافة قبل يومين عن الرؤية الاوروبية لحل النزاع العربي ـ الاسرائيلي احرجت الاسرائيليين بعد اتهامهم بنقض اتفاق «خريطة الطريق» مع عملها لضم القدس الشرقية الى اراضيها. وأبدت الوفود العربية تمسكها في القدس عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة، تدعمها «عملية برشلونة».

ولم تحل الاختلافات بعد حول اعلان القمة ضد الارهاب بسبب تفاوت الآراء في تعريف حق المقاومة. وقال بلير انه هناك «عملية ديمقراطية تعتمد على الحوار والتفاوض» في المسالة الفلسطينية, مضيفاً: «نتفهم ان البعض يشعرون بالظلم وهذا ليس من طرف واحد ولذلك من الضروري ان يكون هناك تقدم على الطرف الفلسطيني من الجانب الاقتصادي والسياسي». وتابع: «البعض يتصور ان الارهاب يساعد في هذه العملية، على العكس، الارهاب عقبة للتطور ومن الضروري ان يستطيع الجانب الفلسطيني ان ينمي الحوار».

من جانبه، قال ابو مازن: «في كل مناسبة نحن ندين الارهاب ولا نقبل به ولا يمكن ان يحل مشكلة بل يعقد المشاكل».

أما الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى فقال لـ«الشرق الأوسط» ان «المقاومة هي حق يعترف به القانون الدولي ولا يحتاج الى موافقة، وبوجود الاحتلال هناك مقاومة»، مقللاً من شأن الخلافات حول فقرة المقاومة. الا انه أضاف انه يجب «ادانة الارهاب الذي يروع المدنيين».

واكد مصدر دبلوماسي سوري لـ«الشرق الاوسط» ان وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الذي وصل الى برشلونة ظهر امس، التقى الوفد الهولندي ووزير الخارجية الاسباني انخيل موراتينوس. وأضاف المصدر ان «الكثير من الوفود طلبت لقاء الوزير ولكن ضيق الوقت لن يسمح للكثير من اللقاءات الاضافية». من ناحية أخرى أقر وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، بوجود خلافات بين الدول الأوروبية، ودول جنوب المتوسط، المشاركة في القمة «الأوروبية المتوسطة»، حول نقاط عدة، مثل تعريف الإرهاب والمقاومة. واعتبر أبو الغيط، الذي وصل الى برشلونة أول من امس لحضور القمة، أن حل النزاع العربي الفلسطيني هي «النقطة المعلقة الاساسية، التي تواجه المؤتمر»، ولكنه أعلن أن «العرب وأوروبا في قارب واحد»، بوجه اعتراضات إسرائيلية حول مسار عملية السلام. وفي مواجهة «توافق عربي أوروبي»، بحسب وزير الخارجية المصري، «تحاول إسرائيل المقاومة ورفض بعض النقاط»، التي يريد العرب والأوروبيون ادخالها في البيان الختامي للقمة. وكانت وسائل الاعلام الاسرائيلية، تناقلت أنباءً عن احتمال انسحاب اسرائيل من القمة، بسبب الضغوط التي تتعرض لها للتفاوض، كما انها تطالب الدول العربية، بالتنديد بتصريحات الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد الأخيرة المطالبة بـ«محو إسرائيل من الخريطة». ومن أبرز النقاط المثارة، هي جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من الأسلحة النووية ، وهذا ما يريده العرب، ولكن تعترض عليه اسرائيل. وأفاد أبو الغيط بأن الوفود ستعمل حتى اللحظة الأخيرة على حل الخلافات مع الجانب الاسرائيلي، قبل اختتام القمة اليوم. وتحاول اسرائيل «حذف الكثير من المطالب العربية»، ولكن الوزير أكد الإصرار العربي على النقاط حول الحقوق الفلسطينية. وفي حال عدم التوافق، قال: «فليكن هناك موقف عربي أوروبي، ولننشر الوثيقة». وفاجأ الوزير الصحافيين عندما دخل الى الصالة الخاصة بالصحافة، من دون سابق انذار، وعقد مؤتمرا صحافيا مصغرا مفاجئا بعدما احتشد الصحافيين حوله.

ولم تتضح بعد النقاط الرئيسية حول البيان الختامي للقمة، إلا أن رئيس الدبلوماسية المصري، أوضح ان الخلاف الأبرز في هذا المجال، ينحصر في حق المقاومة. وشرح أن «توجد نقطة واحدة، ليس بالضرورة ان يتم تضمينها في البيان الخاص في الارهاب، وهو حق المقاومة».

وتريد الأطراف العربية تدوين حق المقاومة في البيان الختامي، الا ان الأوروبيين يتحفظون على هذا الطرح، مما قد يعني عدم ادخاله في البيان الختامي اليوم. وشدد ابو الغيط على ضرورة «عدم خلط الأمور في الحديث عن الارهاب والمقاومة».

واعتبر الارهاب «قتل المدنيين الابرياء، وهذا ارهاب، ويجب تسميته بمساه، ولا أحد يصف المقاومة بالارهاب، طالما لا تتعرض للمدنيين». وأكد «يجب عدم السماح بوجود التعبيرين في فقرة واحدة، لأن المقاومة شيء نبيل والارهاب غير نبيل». وعن غياب القادة العرب، قال إنه «لا شك بأن له تأثيرا، ولكن هناك ظروف ضاغطة على كافة الرؤساء فرضت مثل هذا الوضع». ولكنه أردف أن هذه المشاركة العالية من المسؤولين العرب «على مستوى رؤساء الحكومات، ربما يقترب من تعويض ذلك». ووصل رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف الى برشلونة أمس، للانضمام الى الوفد المصري، الذي كان من أكبر الوفود المشاركة بأكثر من 20 مبعوثا من مسؤولين ودبلوماسيين. ورفض الوزير المصري الافتراض بأن الدول العربية، ليست متمسكة بالمسيرة وهو ما استنتجه البعض، بسبب ضعف الحضور. وأكد تمسك مصر بـ«عملية برشلونة»، التي تحتفل بعيدها العاشر. وقال وزير الخارجية المصري، إن «الجانب الأوروبي يساير الطرح العربي، في أن المجتمع المدني له كل الحق في العمل، ويجب ان نساعد نموه، ولكن في اطار التمسك بالقوانين الوطنية لكل طرف». وأكد أن الاجتماعات الدائرة بين المسؤولين العرب والأوروبيين، تطرقت لهذا الموضوع و«اعترف الجانب الاوروبي» بهذا الحق. وأكدت مصادر مطلعة بأن هذا الاعتراف، أدى الى توافق بين الدول المشاركة على مسألة عمل المجتمع المدني، قبل بدء القمة والاحتفاظ بحق كل دولة تنظيم منظمات المجتمع المدني فيها.

ونفى وزير الخارجية المصري، ان تكون نقطة خلاف دائرة حول الدعم المادي لدول المتوسط، اذ لا يوجد على جدول أعمال القمة، فرض الارقام المحددة حول المنح المادية. وتعتبر قمة اليوم هي «الافصاح عن النيات الاوروبية، واعادة الدعم لمبادئ رئيسية»، بحسب الوزير. وذكر الوزير أن التوافق بين الدول الأوروبية والمتوسطة هي «عملية ويجب ألا يتحدث احد عن انتهائها». كما أشار الى أن أوروبا هي الشريك الرئيسي التجاري لمصر، ولذلك تسعى بلاده لتوثيق العلاقات بين الطرفين، مضيفاً ان «مصر الدولة الرئيسية في هذا المجال، وتوثيق الموقف العربي». ونفى وجود تحفظات مصرية على سياسة الجوار، وتستمر المباحثات بين الطرفين حول هذا الموضوع.