فرنسا: محاكمة متشدد بتهمة سرقة مليون دولار.. ونقل مهندس بسبب «حساسية» عمله

مؤشرات على تزايد وجود المتطرفين في القطاع الخاص في باريس

TT

عمال شركة نقل في مطار شارل ديغول يشيدون بهجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول).. وتقني في شركة «برينكس» يتهم بسرقة مليون دولار لمجموعة مغربية متطرفة.. ومهندس مسلم يجري تغيير مكان عمله في مطار بسبب حساسية موقعه. هذه بعض الحالات الموجودة في فرنسا، التي تشهد تطرفاً اسلامياً على اراضيها، تعكس المخاوف من انتشار التطرف الديني في القطاع الخاص.

ويمكن أن يكون الخط الفاصل بين التعبير الديني المشروع والتخريب المتطرف خطا غامضاً. لكن دراسة اخيرة اعدها مركز ابحاث فرنسي تقدم صورة لصعود الأصولية في أماكن العمل، وهي تمتد من اساليب الضغط حتى النشاطات الارهابية.

وجاء في الدراسة ان عاملين في سلسلة متاجر السوبرماركت في مناطق كثيفة بالمهاجرين، وشركات اخرى، يتسببون في توترات في اماكن العمل عبر فرض أفكار أصولية على رفاقهم في العمل والضغط على المديرين لمقاطعة منتجات معينة.

وتؤكد الدراسة أن الشبكات الاصولية تحاول أن تؤسس وجودا في شركات معنية، وتحديداً في قطاعات مثل الأمن والنقل والحمولات والعربات المصفحة، وما أن تجد موطئ قدم، تقوم بجمع أموال للمتطرفين عبر السرقة والسطو.

وتستنتج الدراسة التي اعدها مركز ابحاث المعلومات في باريس انه «بموازاة هذه المخاطر الشبيهة بالمشاكل الطائفية، جرى تسجيل انتشار للممارسات الجنائية وسط الشركات».

ويتفق مسؤولون فرنسيون في مجال مكافحة الارهاب مع بعض نتائج الدراسة على الرغم من أنهم يقولون ان أجزاء منها تبالغ في قضية معقدة أو تبسطها. وعلى كل، فان القلق مبرر في اطار أوسع.

وفي ضاحية أرجنتوي، التي تقع شمال غربي باريس، ساعدت نساء تحولن الى الاسلام، في اقامة مركز رعاية يومية غير مرخص به لعشرات من الأطفال في شقة سكنية. وبعد أن اكتشف المسؤولون الاستخباراتيون بان المركز يدار في اطار فلسفة أصولية متطرفة اغلقته السلطات العام الماضي. واعترف معد الدراسة ايريك دينيس بأن القضية معقدة، وقال ان «التركيز على القطاع الخاص جديد لأن سلطات تطبيق القانون لا تعمل كثيرا في هذا المجال، اذ لديها اهتمامات أخرى. لكن يشار ايضا الى ان مدراء الشركات لم يرغبوا في الحديث عن هذا الموضوع الحساس، ويشعر بعضهم بالقلق من امكانية وصفهم بالعنصريين».

وتستشهد دراسة دينيس بحالة جرى التدقيق فيها عام 2004 من قبل وكالة الاستخبارات الداخلية، وترتبط باكتشاف ما وصفته بـ «حوالي 10 غرف سرية للصلاة» على أراضي يورو ديزني. ويزعم دينيس أيضا ان الأصوليين يعملون في القوة الأمنية للمنتجع، لكن متحدثا باسم «يورو ديزني» قال ان هذه المزاعم غير دقيقة. اما بالنسبة لأماكن الصلاة فقال المتحدث بيتر بوترمان ان الشركة حلت تلك المسألة.

وهناك أمثلة قليلة واضحة عن اختراق مزعوم لعدد من الشركات. ففي العام الماضي حققت الشرطة في عملية سطو في شركة «برينكس» زعم بانها اعدت من جانب شخص مرتبط بشبكة اصولية مغربية تنسب اليها تفجيرات 11 مارس (آذار) 2004 في مدريد. وكان حسن باوتشي، الذي كان يبلغ 23 عاما حينها، يعمل كتقني في مجال أجهزة الصرف الآلي. وكان شقيقه مصطفى في معسكرات «القاعدة» بأفغانستان ويعتقد انه أنه أحد العناصر البارزة في الشبكة. وفي مارس 2004 ادعى حسن باوتشي أن لصوصا هاجموه خلال جولاته شمال العاصمة وسرقوا منه نحو 1.2 مليون دولار، ولكنه الآن ينتظر محاكمة بتهم الاحتيال بشأن عملية السرقة بالتعاون مع اشخاص يشتبه في علاقتهم بالتطرف. وقد عثر على نحو 40 الف دولار مع هارب اعتقل في الجزائر.

ويصف التقرير حالة حققت فيها الشرطة مع شركة حمولة في مطار شارل ديغول الدولي الذي يعمل فيه حوالي ثلاثة آلاف شخص. واشتكى المدراء من أن مجموعة صغيرة من المتطرفين كانت قد حاولت التأثير عبر الوعظ على مجموعة من المشاركين في العمل وهددت بتكرار الضربات. وعبر بعض النشطاء عن اشادتهم بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وفقا للتقرير. وأكد مسؤول استخباراتي فرنسي أن السلطات تراقب بدقة وجود المتطرفين الاسلاميين في أوساط كثير من العمال المهاجرين في المطار.

وفي عام 2002 منع مهندس أنظمة يبلغ 27 عاما ويعمل في برج المطار من الوصول الى المناطق الأمنية. واكتشفت الشرطة انه من أتباع امام متطرف غالبا ما يتوجه الى اماكن يلتقي فيها المتطرفون بفرنسا، وفي بلده الاصلي المغرب. وهذا الامام المولود في العراق يخضع الآن للاقامة الجبرية ومتهم بالقاء خطاب يحث على الكراهية.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»