الأميركيون متذمرون من تزايد حالات تورط أعضاء الكونغرس في الشبهات المالية

7 مشرعين يواجهون المقاضاة أو التحقيق بشأن الاحتيال والتبرعات غير السليمة

TT

مضت عدة سنوات والشركات والمؤسسات الثرية تقوم بتقديم التبرعات والهدايا للحملات السياسية، ويبدو أن الكثير من رجال القانون، وقطاعا مهما من الناخبين، وصلوا إلى استنتاج مفاده بأن الأمور في هذا المجال تجاوزت الحدود.

فبعد سنوات كثيرة على تحكم الدولار في العلاقات بين جماعات الضغط وأعضاء الكونغرس أصبح الطرفان يواجهان حاليا ما قد يكون موجة من توجيه الاتهامات القضائية ضدهم وتغيرات حادة في صناديق الاقتراع. ويبدو أن الحالات المتطرفة من هذا التقارب بين الطرفين أصبحت غير مقبولة.

يعتبر الجمهوريون الذين يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ الأكثر عرضة لهذه الموجة. لكن منظمي استطلاعات الرأي يقولون إن الناخبين يرون أنه كلما قل ثقل الحزبين السائدين زادت أهمية أي قضية متعلقة بالفساد. وبوسع السياسيين الذين يحتلون مناصب وظيفية حاليا أن يشعروا بغضب الجمهور إذا تضاعفت قضايا الاتهام خلال الأشهر المقبلة.

ويبلغ عدد أعضاء الكونغرس الذين وجهت ضدهم اتهامات، حتى الآن، سبعة أفراد من بينهم ديمقراطي واحد، وهؤلاء إما اعترفوا بالذنب أو ما زالوا تحت إجراءات التحقيق لتصرفات غير مناسبة مثل التواطؤ أو الاحتيال في مجال السندات المالية وتبرعات لحملات انتخابية غير سليمة. وهبطت درجة تقييم الكونغرس ضمن بعض استطلاعات الرأي بسبب العناوين العريضة في الصحف لهذه الفضائح.

وقال ويليام ماكنتيرف، منظم استطلاعات الرأي الجمهوري،: «الاتهامات والتحقيقات عززت من القناعة التي ترى أن الكثير من الأموال استخدمت في واشنطن من أجل التأثير على القرارات الرسمية. واستطلاعات الرأي تظهر أنه لا يوجد أي حزب يملك احتراما عاليا من الجمهور».

وجاءت آخر قضية قضائية أول من أمس حينما بكى عضو الكونغرس الجمهوري راندي كنينغهام بشكل علني معترفا بأنه مذنب في مساعيه لتجنب دفع الضرائب والتواطؤ. وجاء الاتفاق الذي يشمل اعترافه بالذنب بعد أقل من أسبوع عن اعتراف مدير العلاقات العامة مايكل سكانلون بدوره في التواطؤ سعيا لرشوة عضو في الكونغرس.

واعترف أعضاء من الكونغرس ومنظمون لاستطلاعات الرأي أن كلتا الحادثتين قد تشكلان بداية لتقليد دوري في العاصمة الاميركية : اللحظة التي ينظر فيها إلى أعضاء الكونغرس والخارجين عنه بأنهم قريبون جدا من بعضهم البعض، فيواجهون ردود فعل غاضبة من قبل الجمهور إضافة إلى ملاحقات قضائية كنتيجة لهذا التشابك بينهما.

وقال المحامي الجمهوري جان باران: «انا أعيش في هذه المدينة منذ 30 عاما ويبدو أنه خلال العشر سنوات الأخيرة، أو نحو ذلك، أصبحت هناك سلسلة من هذا النوع من القضايا. نحن بالتأكيد ضمن هذه المرحلة». وقال المحامي الجنائي ستانلي براند الذي كان يعمل لصالح الديمقراطيين في الكونغرس: «وصلت الأمور إلى مستوى لا يمكن تجاهلها بعد».

وأسوأ ضربة قضائية وانتخابية ستكون في حالة عدم توصل التحقيقات إلى أي نتائج حاسمة. وحاليا ما زالت بعض التحقيقات في أولى مراحلها وقد تتطلب أشهرا وسنوات ليتم حسمها. وإضافة إلى ذلك، يقول الخبراء إن معظم القضايا هي خروق للقوانين وهي لذلك ستحتاج إلى تحقيقات أكثر وتوجيه تهم أكثر مما هو قائم حاليا.

ومع ذلك، فإن النشاطات الخاضعة للمراقبة يمكن النظر اليها ايضا في سياق كونها امتدادا منطقيا للأعمال التي كانت تحدث نادرا في أوقات سابقة لكنها اصبحت شائعة بمرور الزمن، مثل الحملات الضخمة لجمع التبرعات لأغراض سياسية، والرحلات الخاصة لأعضاء الكونغرس، وتقديم هدايا، وفوائد اخرى، الى مسؤولي الحكومة بواسطة مجموعات الضغط. وكما اتضح من قضية سكانلون، فإن كسب المحاباة وصل مدى لم تعد معه وزارة العدل تحجم عن توجيه تهم حتى اذا كانت الهدايا في الحدود المسموح بها او دون الحد الأدنى المسموح به طبقا للوائح وقوانين تمويل الحملات الانتخابية. ويقول براند ان توجيه التهم امر وارد في حال تقديم هدية قيّمة لمسؤول رسمي. وكان سكانلون شريكا لعضو مجموعة الضغط جاك ابراموف، ويخضع كلاهما لتحريات بشأن جمعهما بصورة غير لائقة مبلغ 82 مليون دولار من قبائل هندية. ووافق سكانلون على إعادة مبلغ 19 مليون دولار، وأبدى تعاونا مع السلطات التي وسعت من دائرة تحرياتها لتشمل ستة من أعضاء الكونغرس وزوجات بعضهم، بالإضافة الى عدد من المساعدين الذين اصبحوا اعضاء في مجموعات ضغط، طبقا لتصريح محامين يعملون في هذه القضية. وأبلغ مدعون عضو مجلس النواب الجمهوري روبرت ناي، والمدير السابق لموظفيه، انهم بصدد النظر في توجيه اتهامات اليهما وربما قضية رشوة. كما ينظر نحو 40 من المحققين والمدعين في نشاطات عدد من أعضاء الكونغرس من بينهم السناتور الجمهوري كونراد بيرنز وعضو مجلس النواب الجمهوري جون دوليتيل وزعيم الاغلبية السابق بمجلس النواب توم ديلاي، الذي يواجه اتهامات تتعلق بنظم ولوائح تمويل الحملات الانتخابية بولاية تكساس، إلا ان بيرنز ودوليتيل ودي لاي نفوا ان يكونوا قد ارتكبوا أية أخطاء. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» ان محققين يعملون الآن على جمع معلومات حول توظيف أبراموف عددا من زوجات اعضاء في الكونغرس، بمن في ذلك زوجة توم دي لاي، التي ظلت تعمل من عام 1998 حتى عام 2002 مع مؤسسة تعمل في مجال مجموعات الضغط يديرها موظفون كانوا يعملون في السابق مع دي لاي، فضلا عن زوجة دوليتيل، التي تملك شركة استشارات استعان بها أبراموف، وشركة «غرينبيرغ ترورينغ» للمحاماة التي كان يعمل بها في السابق لجمع تبرعات لصالح جمعية خيرية أسسها أبراموف. وفي قضية اخرى استدعي زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ، بيل فريست، بشأن تحقيق تجريه لجنة السندات والتبادل ووزارة العدل، حول بيعه اسهما تقدر قيمتها ملايين الدولارات في شركة «اتش سي أي» وهي مجموعة مستشفيات في ناشفيل أسسها والده وشقيقه. وفي قضية اخرى يخضع عضو مجلس النواب الديمقراطي ويليام جيفرسون لتحقيق من قبل وزارة العدل حول مخالفة محتملة من جانبه لها صلة بصفقة في مجال الاتصالات كان يحاول ابرامها في نيجيريا، إلا ان أعضاء في الكونغرس نفوا ان يكون جيفرسون قد ارتكب أي عمل مخالف للقانون. وبسبب التقارير العامة حول هذه التحقيقات، بدأ يحدث تحول عكسي لدى الناخبين ازاء الكونغرس اعتبارا من عام 2001 . فطبقا لاستطلاع للرأي اجرته «واشنطن بوست» ـ أي بي سي، قالت نسبة 59 بالمائة من الاميركيين انهم راضون عن أداء الكونغرس، بينما عبر 34 بالمائة عن عدم رضاهم. وتفيد نتائج استطلاع اجري مطلع هذا الشهر بان نسبة الذين ابدوا موقفا رافضا لأداء الكونغرس وصلت 59 بالمائة مقابل 37 بالمائة عبروا عن تأييدهم للطريقة التي يعمل بها الكونغرس. ولأول مرة منذ 15 عاما كشفت نتائج استطلاع اجرته «وول ستريت جورنال» و«ان بي سي» هذا العام ان المشاعر السلبية لدى الاميركيين فاقت المشاعر الايجابية تجاه الحزبين الجمهوري والديمقراطي. ويقول ماكنتيرف ان هذه «مؤشرات تحذير يمكن ان تؤثر على الموقف السياسي للحزبين الجمهوري والديمقراطي».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»