ورقة مالية مزيفة من فئة مليون دولار تثير حالة استنفار في المغرب

TT

أفاد مصدر مطلع ان تنسيقا يجري حاليا بين السلطات الأمنية المغربية، ونظيرتيها الأميركية والسعودية، لفك لغز ورقة مالية مزعومة من فئة مليون دولار، حجزت لدى مدير شركة يملكها مستثمر سعودي، عند تقديمها إلى مدير بنك المغرب بالرباط لفتح حساب مصرفي بها بعد تحويلها الى الدرهم المغربي.

وعلمت «الشرق الاوسط» ان السلطات الامنية اعتقلت المسمى (ع . ب)، وهو من مواليد عام 1972 بالدار البيضاء، نقلت المتهم الى سجن سلا (مجاورة للرباط)، ووجهت له تهمة النصب وإدخال عملة أجنبية مزيفة للمغرب، ومحاولة تداولها والنصب، لكنه قال في التحقيق إنه كان يعتقد بالفعل أن الورقة حقيقية.

وفي إطار التحقيق في الملف حررت السلطات القضائية بتنسيق مع الأجهزة الأمنية مذكرة بحث عن مستثمر سعودي يدعى (أ.ب)، يملك شركة في منطقة الدمام.

وتبين بعد تحريات أن المواطن السعودي غادر المغرب في 10 أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي من مطار محمد الخامس، وهو من مواليد 17 أكتوبر 1973 بالدمام، أما شركته، فقد تبين من خلال البحث أنها في ملكية والده المولود في 7 سبتمبر (ايلول) 1937.

ووفقا لمعطيات من ملف القضية، تبين أن المستثمر السعودي ووالده حضرا إلى المغرب بتاريخين مختلفين ومتقاربين، أحدهما في 4 أكتوبر 2005 والآخر في 5 من الشهر نفسه، وأثناء اقامتهما في المغرب التقيا بشخص يدعى (ع . ب)، واتفقوا جميعا على تأسيس شركة بغرض الاستثمار، أطلق عليها اسم (b-glass services)، وهي شركة لصناعة الزجاج وتسويقه.

وبعد الاتفاق توجه المعنيون بالأمر بعد أن سلموا الورقة المالية من فئة مليون دولار إلى المغربي ليستثمرها في المغرب، في إطار مشروع صناعة الزجاج الذي اتفق عليه، وقصدوا مقر بنك «الشركة العامة المغربية للأبناك»، واجتمعوا بمدير البنك، وتوج اللقاء بفتح حساب بنكي بالعملة الصعبة.

ومباشرة بعد مغادرة السعوديين للمغرب، عاد المسمى (ع . ب) إلى مدير البنك المذكور ليخبره أن بحوزته 5 أوراق مالية من فئة مليون دولار يرغب في تحويلها إلى الدرهم المغربي لاستثمارها في المغرب.

وبعد طلب الاستشارة في هذا الباب نصحه مدير البنك بالتوجه إلى بنك المغرب (البنك المركزي) بالرباط، على اعتبار أنه الجهة الوحيدة القادرة أولا، والمخولة على صرف مبلغ بهذا القدر.

وتوجه المغربي في اليوم التالي إلى المقر الرئيسي لبنك المغرب بالرباط، والتقى نائب المدير وعرض عليه الأمر، وسلمه الورقة المالية من فئة مليون دولار، لكن المسؤول البنكي فوجئ بقيمتها، فأشعر على الفور رئيسه وهو مدير بنك المغرب، الذي اتصل بالسلطات الأمنية حيث حضرت إلى المقر الرئيسي لبنك المغرب، واعتقلت المتهم (ع . ب) وحجزت الورقة المالية التي كانت بحوزته وقيمتها مليون دولار. وكشف تحقيق السلطات الأمنية مع المتهم أن الورقة المالية سلمت له من طرف مالك الشركة السعودي التي كلفه بادارتها، وأن لديه توكيلا خاصا بصرف الورقة المالية.

وأطلع المتهم نفسه المحققين على هوية المستثمر السعودي ووالده، وكذلك على وثائق تؤكد أن الورقة المالية سلمت له من مالك الشركة السعودي الجنسية من أجل الاستثمار في المغرب. وفي إطار التحقيقات الجارية حول الورقة المالية تم استدعاء مدير فرع بنك «الشركة العامة للأبناك»، من أجل الاستماع إلى شهادته في الملف، وصرح المدير أن المتهم قدم إلى مقر البنك بمعية شخصين يحملان الجنسية السعودية، وفتحوا حسابا بالعملة الصعبة، وبعد يوم من اللقاء معهم استقبل مسير الشركة المغربي في مقر البنك، الذي أطلعه أن بحوزته خمس ورقات من فئة مليون دولار، وأنها مودعة في خزنة في بنك المغرب، ويرغب في تحويلها إلى العملة الوطنية.

لكن المغربي (ع . ب) أنكر ما جاء في تصريح مدير البنك بخصوص حيازته لخمس ورقات من فئة مليون دولار، وأكد أن ما كان بحوزته هو ورقة واحدة فقط من الفئة المشار إليها.

ولكشف ملابسات القضية واستجلاء حقيقة الملف تم استدعاء مسؤول في بنك المغرب، الذي قال إن الشخص المعتقل أطلعه على ورقة مالية من فئة مليون دولار، كان يرغب في صرفها، وهو الأمر الذي فوجئ به واضطر البنك إلى إبلاغ السلطات الأمنية. وبغرض تعميق التحقيق في الملف دائما، أحيلت الورقة المالية على المختبر الوطني للشرطة العلمية، التابع للإدارة العامة للأمن الوطني، وتبين من خلال الأبحاث العلمية التي أجريت على الورقة المالية، أنها ذات سلسلة رقم ( D0038090 A)، صادرة عام 1995، وأكد البحث أنها مزورة وغير قابلة للتداول بالمغرب.

وظهرت من خلال إحدى الوثائق المضمنة في الملف وثيقة موقعة من طرف المستثمر السعودي (أ. ب)، يؤكد فيها لمدير بنك المغرب أن لا مانع لديه في أن يصرف الورقة المالية من مبلغ مليون دولار التي بحوزته، وكيل أعماله في المغرب، وذلك لتنمية استثماراته العقارية، والتمس من مدير البنك التكرم بتسهيل مهمة وكيل أعماله.

ولم تعثر الشرطة خلال عملية تفتيش منزل وكيل أعمال المستثمر السعودي على الأوراق المالية الأخرى من الفئة نفسها، التي قال مدير فرع بنك المغرب سابقا إنه أخبره بها.

وجرى التنسيق مع مصلحة التقنين والمستندات العامة، وضبطت تواريخ دخول ومغادرة المستثمرين السعوديين للمغرب لإفادة البحث في الملف، وأحيل المسمى (ع. ب) على قاضي التحقيق، لفك لغز الورقة المالية من فئة المليون دولار التي تسببت في حالة استنفار في مقر بنك المغرب.