ضحايا زلزال باكستان يغادرون خيامهم المبللة بمياه الثلوج ويلجأون إلى أطلال المنازل

700 إصابة بالالتهاب الرئوي.. وارتفاع عدد الوفيات بسبب انخفاض حرارة الجسم

TT

الناجون من الزلزال الذي ضرب باكستان والهند في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وصلوا أمس الى الحقيقة المرة، بل باتوا يعيشون أسوأ أيامهم مع تساقط كميات كبيرة من الثلوج وانخفاض درجات الحرارة بشكل متسارع، خصوصاً أن غالبية هؤلاء الناجين يعيشون مؤقتاً في خيام على سفوح الجبال وفي الوديان، واضطروا أخيرا الى مغادرة خيامهم التي بللتها مياه الأمطار والثلوج التي تذوب ببطء، واتخذوا ملجأ لهم بين أطلال المنازل التي دمرها الزلزال وذلك في انتظار خيام جديدة مجهزة لموسم الشتاء. ووصل عدد الأشخاص الذين توفوا إثر الإصابة بالالتهاب الرئوي وانخفاض حرارة الجسم الى 8 نتيجة موجة البرد التي ضربت المناطق المتأثرة بالزلزال. وقال مسؤولون في مستشفيات وآخرون في وزارة الصحة الباكستانية إن أكثر من 700 شخص يعانون من الالتهاب الرئوي وانخفاض درجة حرارة الجسم قد ادخلوا المستشفيات لتلقي العلاج نتيجة البرد القارس، فيما حذر مسؤولون ميدانيون من احتمال تدهور الوضع الى أسوأ مما هو عليه الآن اذا لم تتخذ التدابير اللازمة لحماية السكان. وكان الجليد قد تساقط على قرى جبلية خلال ليل أول من أمس وأدى الى انخفاض درجة الحرارة الى ما دون الصفر، ما يهدد بزيادة عدد الضحايا. وقال طبيب في مستشفى بمظفر آباد إن الالتهاب الرئوي انتشر بين عدد كبير من الأطفال، وأوضح ان المستشفى الذي يعمل فيه استقبل 200 حالة التهاب رئوي خلال فترة 12 ساعة حتى صباح امس. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين في منظمات اغاثة أمس ان بعض الناجين من الزلزال ما زالوا يعيشون من دون طعام او ملابس ملائمة رغم مرور نحو ثمانية أسابيع على وقوع الكارثة.

وقال جان فيليب بورجوا، وهو منسق ميداني في المنظمة الدولية للهجرة، ان جهود الاغاثة تركز الآن على الغذاء رغم استمرار الحاجة الى توفير المأوى. وأضاف «إنها مشكلة معقدة. لا الغذاء وحده ولا المأوى وحده بل الاثنان معا».

وقتل الزلزال 73 ألفا معظمهم في كشمير الباكستانية والإقليم الحدودي الشمالي الغربي. ويتخوف مسؤولو الإغاثة من انتشار الأمراض وسط البرد وسوء التغذية وان يتسبب ذلك في موجة ثانية من الوفيات. ولكن بن مالور، المتحدث باسم الأمم المتحدة، قال لـ«رويترز» إن الوفيات تحدث في المنطقة كل شتاء بسبب الأمراض المتعلقة بالبرد وان الحديث عن موجة ثانية من الوفيات بسبب البرد هو إثارة للفزع من دون داع.

وأضاف «ستحدث بعض الوفيات لكن لا يوجد معدل وفيات غير معتاد في هذا الوقت من العام. قمنا بما في وسعنا للوصول الى هؤلاء الأشخاص وتوزيع الامدادات».

وقال هارون الرشيد، وهو من سكان قرية جبلية شمال مظفر آباد عاصمة كشمير الباكستانية، إن سبعة من أسرته ينامون في العراء بلا خيام.

وقال الرشيد أثناء انتظاره مع مجموعة من القرويين في مهبط لطائرات الهليكوبتر في قرية بهيري «نعلم أن الخيام من السلع النادرة ولكن اذا لم نحصل على واحدة فمن المؤكد أننا سنموت من البرد». وأضاف انه يهبط من قريته على ارتفاع نحو 500 متر في الجبال الى قرية بهيري كل يوم على أمل الحصول على خيمة من طائرات الإغاثة التي تنقل معونات بصورة منتظمة الى هناك.

لكن طائرات الهليكوبتر تحمل هذه الأيام عادة أغذية وبطانيات وقماشا مشمعا، وكلها إمدادات يرسلها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة. وأقر الرشيد وآخرون أنهم تلقوا أغذية، ولكن مع وصول الشتاء فإن أكثر ما يحتاجونه هو المأوى. وقال محمد سين، الذي جلس أيضا في انتظار خيمة «نعيش في عشة لن تقينا من الأمطار والثلوج. نحن بحاجة ماسة للمأوى». وذكر أن اثنتين من بناته الخمس قتلتا في الزلزال.

وتحدثت جيسيكا باري، الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عن رحلتها بإحدى طائرات الإغاثة الى بعض المناطق المرتفعة حيث انخفضت الحرارة الى ما دون الصفر وتساقطت الثلوج في الظهر. وقالت «كانت منطقة فقيرة للغاية لم تصل إليها إلا إعانات ضئيلة جدا.. النساء والأطفال كانوا يسيرون حفاة».

وحصلت باكستان هذا الشهر على تعهدات بأكثر من ستة مليارات دولار من مانحين دوليين لتمويل أعمال الإغاثة وإعادة إعمار منطقة الزلزال. لكن معظم الأموال خصصت لأعمال البناء الطويلة الأمد، في حين يقول مسؤولو الإغاثة من الأمم المتحدة ووكالات أخرى إن الأموال ما زالت غير كافية لعملية إغاثة تستمر ستة اشهر للحفاظ على الناجين أحياء خلال هذا الشتاء.