ثاني قتيل في الانتخابات البرلمانية المصرية والإخوان يتوقعون خوض الإعادة على 30 مقعدا

منع الناخبين من التصويت وحرق صناديق اقتراع ومصادمات مع الشرطة

TT

عادت لغة الدم لتفرض نفسها على الانتخابات البرلمانية المصرية التي سجلت أمس في مرحلتها الثالثة والأخيرة سقوط القتيل الثاني، التي اتسمت بالهدوء الكامل في الدوائر التي لا يترشح فيها مرشحون للإخوان، فيما يتغير الوضع تماما في الدوائر التي تشهد كثافة إخوانية، خاصة في محافظات الدقهلية والشرقية وكفر الشيخ ودمياط بدلتا مصر.

وفيما اشتكت جماعة الإخوان المسلمين من وصول عدد معتقليها إلى 700 شخص حتى صباح أمس، أكد المتحدث باسم الداخلية المصرية اللواء إبراهيم حماد أن المناخ المصاحب للعملية الانتخابية جيد ومطمئن، مشيرا إلى وقوع بعض المشاحنات التي لا تخل بالأمن والاستقرار.

وأعلنت وزارة الداخلية المصرية في بيان أصدرته أمس أن قوات الشرطة اضطرت للتدخل في عدد من المحافظات لوضع حد لأعمال بلطجة قام بها مرشحون وناخبون يتبعون جماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى تفريق متظاهرين قطعوا طريق المنصورة دمياط وأحرقوا إطارات السيارات وإعادة الهدوء إلى دائرة الجمالية بالدقهلية بعد قيام أنصار مرشح الإخوان بإحراق 8 صناديق انتخابية في قرية الشبول، مشيرة إلى توقيف عدد من أنصار جماعة الإخوان المسلمين، لكن الجماعة اتهمت الشرطة ومرشحي الحزب الوطني بمنع الناخبين في قرى ومناطق ثقل مرشحي الإخوان. واعتدت بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي على الناخبين الذين أصروا على ممارسة حقهم في الاقتراع.

وحذر عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين ومرشحها في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية في مؤتمر عقده بالشارع من تفجر الأوضاع مؤكدا قيام قوات الأمن بمحافظتي الدقهلية والشرقية بمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم لمدة 6 ساعات كاملة.

وشهدت محافظة كفر الشيخ في دلتا مصر مواجهات بين الشرطة وأنصار رئيس حزب الكرامة النائب حمدين صباحي وأنصار مرشح الحزب الوطني الحاكم الذي أصيب باختناق واستخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لتفريق الناخبين، مما أدى إلى مقتل جمعه سعد الزفتاوي، وفقد أحمد جابر النهري عينه وإصابة 50 شخصا من بينهم حمدين صباحي نفسه.

ورصدت تقارير منظمات المجتمع المدني التي راقبت الانتخابات وقوع العديد من الانتهاكات والتجاوزات التي ظهرت بنحو لافت خلال المرحلتين الأولى والثانية. وطالبت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بالتحقيق الفوري في واقعة وفاة المواطن سعد الزفتاوي أحد مؤيدي حمدين صباحي في كفر الشيخ، وقالت المنظمة انها رصدت وجودا أمنيا مكثفا بالدائرة التي ينافس فيها صباحي مع المرشح الوطني علي رجب، وأنه تم منع الناخبين من دخولها وتم إطلاق أعيرة نارية ورصاص مطاطي وقنابل مسيلة للدموع على الناخبين.

وقال المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة إن يوم الاقتراع شهد ظواهر سلبية تمثلت في تأخير فتح مقار الاقتراع وفرض أطواق أمنية بكثافة ومنع الناخبين من الوصول للجان، واعتقال أنصار المرشحين، ومنع المراقبين من القيام بمهامهم ووجود عناصر من البلطجية يقومون بضرب الناخبين بدون تدخل أمني، ووجود 4 حالات لخطف بعض الناخبين إلى أماكن غير معلومة وبدا ذلك ظاهرا في بعض اللجان بمحافظات الدقهلية وكفر الشيخ ودمياط. ورصدت اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات استمرار عمليات اعتقال أنصار جماعة الإخوان والاعتداء على المراقبين ومنعهم من دخول اللجان في محافظة سوهاج وكفر الشيخ في الدائرة الأولى أمام مجمع مدارس العزبة الجديدة، وفي قرية الريمون والشرقية بدائرة كفر صقر، وكذلك منع مؤيدي المعارضة من التصويت، مشيرة إلى أنه تم ضرب مرشح الإخوان حسن أبو شعيشع بالدائرة الأولى بكفر الشيخ ومجموعة من أنصاره.

وكشف مركز «سواسية» لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز أنه تم الاعتداد على صحافيتين هما رشا عزب من مجلة «الموقف العربي»، ودينا العامي باحثة في الجامعة الأميركية أثناء قيامها بتغطية الانتخابات في الدائرة الرابعة ومقرها مركز شرطة الزرقا بمحافظة دمياط. ورصدت وجود البطاقة الدوارة في الدائرة الأولى بالمنصورة ووجود حالات قيد وتصويت جماعي في دائرة كفر صقر بالشرقية ووجود عمليات منع للناخبين من التصويت في دائرة فارسكور بدمياط.

وأكد تقرير للجنة التنسيق بين النقابات المهنية بالدقهلية أن هناك لجانا مغلقة بالكامل في مدرسة جزيرة الورد والنهضة الإعدادية ومدرسة الملك الكامل، وفي دائرة كرتسي، واتميده، وبني عبيد، ونبروه، وتمي الإعدادية.

ورغم شكاوى مرشحي الإخوان المسلمين من منع أنصارهم من الاقتراع فإن مراسلي «الشرق الأوسط» في محافظات الدقهلية والشرقية ودمياط لاحظو إقبالا على التصويت لمرشحي الإخوان في المحافظات الثلاث حتى في أماكن قوة مرشحي الحزب الوطني والمستقلين.

ووفقا للماكينات الانتخابية لجماعة الإخوان المسلمين، فإنهم رصدوا تقدما لمرشحيهم ويشيرون إلى أن 30 في الأقل من بين 49 مرشحا للإخوان المسلمين سيدخلون مرحلة الإعادة ورجحوا إمكانية فوز عدد محدود من مرشحيهم في هذه الجولة، ومع زيادة عدد المرشحين الذين يصل عددهم 1770 مرشحا يتنافسون على 136 مقعدا لا يتوقع حسم اكثر من 20% من المقاعد في الجولة الأولى وأن أغلب الدوائر ستشهد إعادة بين المرشحين الحاصلين على أكبر نسبة من الأصوات يوم الأربعاء القادم.

وحصلت جماعة الإخوان المسلمين على 76 مقعدا في الجولتين الأولى والثانية من أصل 302 مقعد جرى حسمها وتخوض جماعة الإخوان الانتخابات بثمانية عشر مرشحا في محافظة الدقهلية و13 مرشحا في الشرقية؛ من بينهم خمسة نواب في البرلمان الحالي، يتقدمهم الدكتور محمد مرسي عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين في الزقازيق بالشرقية.

لكن الأمين العام للحزب الوطني الحاكم، صفوت الشريف، أكد أمس أن الانتخابات تجري في هدوء وشفافية تحت إشراف قضائي كامل، مشيرا إلى أن المؤشرات الأولية تشير إلى تقدم مرشحي الحزب. وتوقع الشريف أن تجرى الإعادة في عدد كبير من الدوائر يوم الأربعاء القادم وذلك بسبب كثرة عدد المرشحين. وقال الشريف إن ثقة المواطنين وطموحاتهم وتأييدهم لمرشحي الحزب الوطني هي التي ستحسم هذه الجولة ليفوز الحزب بأغلبية مريحة تمكنه من تشكيل حكومة قوية قادرة على تنفيذ برنامج الرئيس حسني مبارك الانتخابي الذي حاز ثقة الناخبين وكذلك برنامج الحزب الوطني الانتخابي.

وأشار الشريف إلى أن الحزب الوطني حريص على أن يكون برلمان 2005 هو برلمان العبور للمستقبل لتنفيذ الإصلاحات في مختلف المجالات موضحا أن خطة الحزب لتأييد مرشحيه تنطلق من خطة حزبية وخريطة انتخابية وتمثيل جغرافي لتحقيق الفوز، مؤكدا أن الحزب الوطني الديمقراطي حصل على 214 مقعدا خلال الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات.

وقال ناشطون سياسيون إن المحافظين في عدد من المحافظات عقدوا اجتماعات مساء أول من أمس مع المرشحين المستقلين عن الحزب الوطني وأبرموا معهم اتفاقات بانضمامهم للحزب في حالة نجاحهم، مشيرة إلى أن المحافظين قالوا لهم إنهم مرشحون للحزب الحاكم لكن غير معلنين.