المعمارية زها حديد صممته بهيئة مركبة فضاء هائلة بـ 250 «محطة» اختبار في الكيمياء والفيزياء والهندسة

TT

كرس الفنان والباحث الاميركي، جو انزل، عدة عقود من عمره في تصميم وتجهيز 31 معرضا علميا في مختلف بقاع العالم. لكنه كرس كل خبراته هذه المرة في فولسفبورغ (ألمانيا) ليساهم في وضع لبنات أول معرض ـ متحف يعمل بمثابة مركز أبحاث ويتيح للزوار إجراء التجارب العلمية بأنفسهم، فالزائر المفضل في متحف «فينو» (مختصر كلمة فينومينا Phenomena أي الظاهرة)، عكس بقية المتاحف التي تحظر لمس وتصوير المعروضات، هو الزائر النشيط الذي يساهم في التجارب، وليس الزائر المتفرج.

صممت المهندسة العالمية زها حديد المتحف بشكل مركبة فضاء هائلة على مساحة 9000 متر مربع، مقسمة في 40 قسما واكثر من 250 «محطة» اختبار تجمع بين الكيمياء والفيزياء والهندسة والفضاء... إلخ. وقال عالم الفيزياء بيتر روزنر، المشرف على المعرض، انه رافق الزوار بنفسه لمعرفة انطباعاتهم وحماسهم للمساهمة في إجراء التجارب. وأبدى الزوار، من مختلف أعمارهم، اهتماما كبيرا في رصد وتجربة كيفية حدوث 35 ظاهرة طبيعية كالانهيارات الجليدية والزوابع والبراكين. كما اجتذبت تجارب وعروض الخداع البصري العديد من الزوار، وخصوصا تلاميذ المدارس.

وبين التجارب التي يمارسها الزائر بنفسه، استخدام كشافات ضوئية في غرفة مظلمة لمزج الأخضر والأحمر والأزرق بدرجات معينة وصولا إلى مختلف الألوان، وخصوصا الأبيض الذي يعتبر قمة الانجاز في اللعبة. وهناك صالة صنعت فيها الجبال، والثلج المتراكم عليها، من الرمل الأبيض الناعم وتكشف كيفية حدوث الانهيارات الجليدية بحكم تغير درجات الحرارة وبالصوت أو بحركة الأرض.

وتحدث روزنر عن تعمد المسؤولين عن المعرض تقليل عروض الكومبيوتر ووسائل الاعلام المتعدد (ملتيميديا) لصالح عرض الظواهر والقوانين الطبيعية التي تحرك الذهن، فالمعرض عبارة عن متحف وورشة عمل ومختبر يوفر المتعة والتفكير والعمل للزائر. وهناك، مثلا، ذراع ميكانيكية تحرك مولدا للكهرباء، تتطلب جهدا لتحريكها، بغية إشعار الزائر بالطاقة المبذولة في انتاج الكهرباء. ولا تنتهي التجربة هنا لأن الكهرباء المنتج يستخدم في مختبر لشطر الماء الى اوكسجين وهيدروجين، ويستطيع الزائر بعدها خزن الهيدروجين واستخدامه لإطلاق صاروخ صغير.

وهناك غرفة فيها كرة بيضاء غاية في الخفة على مائدة تشبه منضدة البلياردو. يجلس زائران على مقعدين متجاورين، يلبسان خوذات معينة، ويحاولان بالتركيز والتفكير تحريك الكرة إلى هدفها. ويمكن للأطفال اختبار قدراتهم على البناء في ورشة تحتوي على طابوق (آجر) صناعي «موزون» ومصمم بحيث يمكن بناء جسر مقوس منه (بالاحتكاك) من دون الحاجة إلى مواد أخرى. وطبيعي فإن البناء لا يقوم إلا بعد ترتيب الطابوق بدقة وبشكل موزون.

ومن عروض الخداع البصري، يجد المرء ريشة معدنية في صندوق أسود يتأرجح بذبذبات سريعة، وينبغي على الزائر أن يمد يده داخل الصندوق للإمساك بالريشة. وهي عملية صعبة بسبب سرعة حركة الصندوق، لكن من نجحوا في إيلاج أيديهم في الصندوق وجدوه فارغا من أية ريشة.

وبوسع الزائر تحريك الظواهر الطبيعية كالبراكين (ينفجر كل ربع ساعة) والزوابع والفيضانات من خلال جمع العوامل الطبيعية المؤدية لحدوث هذه الكوارث. والمهم، حسب تقدير روزنر، هو أن التجارب لا تجيب على كل الأسئلة ولا توفر كافة الشروط لأنها تريد إشراك الزائر في التفكير والتجاوب ولا تطرح له الحلول بسهولة.