المفوضية العراقية العليا للانتخابات تؤسس مكاتب اقتراع في 15 دولة

الناخب المغترب كلف 400 دولار في الانتخابات السابقة

TT

شدد عضو المفوضية العليا للانتخابات في العراق فريد ايار على أهمية استقلال المفوضية وعدم تأثير الاحزاب السياسية عليها، في حديث لـ«الشرق الاوسط» أجري بلندن. وقال ان المفوضية قررت ارسال مفوضين الى الدول الـ15 المستضيفة للانتخابات العراقية خارج البلاد للتأكد من نزاهة العملية. ولهذا يزور لندن.

وأضاف: «عندما انتخبت المفوضية من قبل الأمم المتحدة كان أبرز ما فيها الاستقلالية والسيادية وعدم الانتماء الى حزب معين». وبناءً على ذلك، شدد ايار على ضرورة ان تكون «العملية الانتخابية عملية للعراقيين كافة وبعيدة عن التحزب والفوارق المذهبية أو الطائفية أو القومية».

وناشد ايار المنظمات الدولية بعث مندوبيها لمراقبة العملية الانتخابية في مراكز الاقتراع في العراق والدول الـ15 المستضيفة للانتخابات. ولفت الى ان المفوضية ستشرف على الانتخابات خارج العراق، بعدما استبعدت منظمة الهجرة الدولية التي نظمت الانتخابات السابقة لـ«عدم كفاءتها وبذخها الهائل» الذي كلف الحكومة العراقية 400 دولار لكل ناخب عراقي خارج البلاد.

وشرح انه زار المملكة المتحدة وبعدها السويد «لمحاولة تعديل أي مسار معوج عن الطريق السليم لإجراء انتخابات شفافة وسليمة خارج العراق». وبينما يزور اربعة اعضاء من المفوضية الدول المستضيفة للانتخابات هذا الأسبوع، يحاول العاملون لدى المفوضية الإسراع في ترتيب عشرات المكاتب ومراكز الاقتراع حول العالم ليصوت العراقيون المغتربون لانتخاب مجلس النواب (البرلمان) الجديد منتصف الشهر الجاري. وبأقل من اسبوعين قبل بدء عملية الاقتراع، تواجه المفوضية صعوبات في ترتيب الانتخابات ونشر المعلومات اللازمة للناخبين المغتربين. وكان تحفظ ايار واضحاً تجاه مشاركة المغتربين في الانتخابات، إلا انه مع قرار الجمعية الوطنية اشراكهم في العملية توجب العمل على تأسيس مكاتب في 15 دولة. وقال: «لم نكن فرحين عندما علمنا ان قانون الانتخابات تضمن فقرة بإجراء الانتخابات في الخارج، فهذه الفقرة تضمنت في المسودة الاخيرة للانتخابات وذكرنا لهم الصعوبات وفضلنا ارجاءها الى دورة الانتخابات القادمة». وأضاف: «كان يجب علينا البقاء في داخل البلد والانتخابات على الابواب، ففي داخل البلد 15.5 مليون عراقي له حق الانتخاب، وإذا قضينا كل وقتنا في محاولة تصليح الاخطاء في الخارج سنركز على مليون ونترك الغالبية». وأضاف ان أكبر التحديات التي تواجهها المفوضية في إجراء الانتخابات خارج العراق هي بسبب عدم وجود احصاءات دقيقة للعراقيين المغتربين. وتابع: «ما يوجد حالياً من احصاءات هي مجرد افتراضات من قبل فئة أو اخرى، فحتى اختيار مواقع الاقتراع في الخارج تم على أسس التوقعات والتكهن، فنحن لا نعرف حقاً، وهذا قصور من العام السابق». وأشار الى عقبات اخرى مثل «عدم وجود الكفاءات المؤهلة لتنظيم الانتخابات في الخارج، ولذلك نعتمد على العراقيين ولكن لم يبلغ عديدهم المستوى المطلوب. وينتابنا الخوف ان تنحرف الانتخابات الى هذه الفئة أو تلك». والدول المستضيفة للانتخابات خارج العراق هي الاردن، سورية، ايران، تركيا، الامارات، لبنان، الولايات المتحدة، كندا، استراليا، المملكة المتحدة، ألمانيا، هولندا، الدنمارك، السويد والنمسا، وقررت المفوضية عدم فتح مراكز اقتراع في فرنسا، بعدما شارك فقط 1.061 في الانتخابات السابقة.

ونصبت المفوضية العليا خلال الايام الماضية هيئات مشرفة على الانتخابات في كل بلد. وقال أيار انه اختير «اناس مشهود لهم بالنزاهة والصدق وعدم الانتماء الى حزب معين، بالاضافة الى ايجاد مجموعات اخرى لتعمل بإشراف الهيئة». وعلى العاملين في المكاتب المشرفة على الانتخابات التوقيع على تعهد في استمارات التقديم للعمل بعدم انتمائهم الى أي حزب سياسي. وقال أيار: «اذا ثبت انتماء أي شخص يعمل في الانتخابات الى حزب سياسي سيقدم الى القضاء». ولن يكون هناك دور للسفارات العراقية في اجراء الانتخابات، اذ ينص قانون الانتخاب عدم تدخل الحكومة والمؤسسات الحكومية في العملية الانتخابية. وتساهم بعض السفارات بـ«تسهيل الامور الاجرائية، ولكن لا تتدخل حتى لا تحسب بأن الحكومة هي التي تجري الانتخابات»، بحسب ايار. وكانت المشاركة الضئيلة من قبل العراقيين المغتربين في الانتخابات السابقة ـ اذ توقع مشاركة مليون و250 الف ناخب ولم يصوت إلا 260 ألف عراقي حول العالم (ما عدا العراق) ـ «محبطة للآمال ومؤسفة» بحسب ايار. وكانت منظمة الهجرة الدولية هي المسؤولة عن اجراء الانتخابات خارج العراق والتي كلفت 75 مليون دولار(من اصل 92 مليونا خصص لها)، مما ادى الى اتهامها بـ«البذخ الهائل». ورأى أيار ان هذه المشاركة الضئيلة لم تكن موازية «للجهد المبذول أو الأموال التي صرفت». وأضاف: «كلف كل ناخب عراقي مغترب 400 دولار في حين في اكبر واغلى دولة يكلف الناخب 20 دولارا». ولم تكن لدى ايار احصاءات عن تكلفة الناخب داخل العراق، اذ لم تتوفر عوامل قياسها. وكانت المفوضية العليا اختارت منظمة الهجرة الدولية للاشراف على الانتخابات السابقة «لانه لم تكن لدينا أي خبرة في الانتخابات في ذلك الوقت، وايضاً كانت مبنية على توصيات من هيئة الامم المتحدة». ولكن هذه المرة أتخذ القرار «لينجز العراقي هذه العملية وليس منظمة الهجرة الدولية التي تصرف يميناً وشمالاً من دون أي حرقة دم على الاموال العراقية». وتابع: «استبعدنا منظمة الهجرة الدولية لأنها غير كفوءة في هذا المجال».

وطلبت المفوضية العليا موازنة عامة بقيمة 320 مليون دولار، يخصص جزء منها للانتخابات، ولم يفصح ايار عن المبالغ المحددة للانتخابات في العراق. إلا انه قال ان عملية الاقتراع خارج البلاد ستكلف بين 40 و45 مليون دولار، ولن تحدد النسب المادية لكل دولة حتى الآن. وكانت بعض الجمعيات الممثلة للجاليات العراقية في الخارج طالبت المفوضية بتسيير وسائل نقل الناخبين أو تحمل تكاليف نقلهم لمراكز الاقتراع. وقال ايار: «لا نتدخل بشؤون العراقيين، فهم أحرار بالانتخاب أو عدم الانتخاب. ولا نستطع التدخل بتنقلهم، فإذا فعلنا ذلك، سيتهمنا البعض بأننا ننقل اشخاصا من منطقة او حزب معين، ونقصر مع آخرين، وهذه ليست من المسؤوليات المدرجة الينا».

وأكد ايار ان المفوضية بذلت «الجهد الخالص لتأمين اجراءات الانتخابات قبل شهر أو شهرين من موعدها، بما في ذلك إقرار القوانين والاجراءات وطبع اوراق الاقتراع، وأنهينا توزيع صناديق الاقتراع وفتح 6235 مركزاً يحتوي على حوالي 32 الف محطة». وأعلن ان المفوضية مستعدة الآن لبدء عملية الانتخاب في الساعة السابعة صباحاً من يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وطبعت 22 مليون ورقة اقتراع للاستهلاك الداخلي، اذ أن من المتوقع ان هناك 15.5 مليون ناخب داخل العراق وطبعت 6.5 مليون ورقة اضافية احتياطية. وأبدى ايار تفاؤله بضبط الوضع الأمني في العراق خلال فترة الانتخابات، خصوصاً بعدما اجري الاستفتاء على الدستور العراقي قبل شهرين في هدوء نسبي. واعترف بأن بعض المناطق تعاني من الاضطرابات الأمنية، قائلاً: «نجد صعوبة في بعض المناطق، لكن الأمور ستنتظم في تلك المناطق ايضاً». وستؤمن الشرطة العراقية، بمساعدة الحرس الوطني، مراكز الاقتراع داخل العراق. وأضاف ايار ان «القوات المتعددة الجنسية سيكون لها وجود ولكن بعيدة عن الانظار، ولن تتدخل حتى لا ينفعل بعض العراقيين برؤية القوات المتعددة الجنسية خلال الانتخاب». وسيكرر فرض منع تجول السيارات واجراءات اخرى لضبط الأمن. وفي المملكة المتحدة، ستبعث 180 ألف ورقة انتخاب، على الرغم من ان توقعات ايار بمشاركة العراقيين فيها أقل بكثير من هذا العدد. وشرح عضو المفوضية: «لا نتوقع مشاركة ربع هذا العدد، ولكن نريد ان نكون جاهزين في كل حال». وستفتح مراكز اقتراع في مدن لندن وبرمنغهام ومانشستر يوم 13 و 14 و15 من الشهر الجاري، من التاسعة والنصف صباحاً الى التاسعة والنصف مساءً. ويتم تسجيل الناخبين في نفس يوم التصويت، وعلى الناخب ابراز وثيقتين ثبوتيتين عراقيتين، على ان تكون واحدة منها على الأقل نسخة أصلية. وستبعث المفوضية نماذج من الوثائق العراقية الى مراكز الاقتراع في الخارج للتأكد من سلامة وثائق المغتربين.