الإعلاميون يحتسون القهوة .. والتكنولوجيا وتاريخ مكة الثقافي

في المركز الإعلامي بفندق الشهداء:

TT

أنقذت القمة الاسلامية الاستثنائية التي بدأت أعمالها أمس في مكة المكرمة, الدوائر الثقافية في مكة من الحرج الكبير الذي كانت تعاني منه بعد أن فشلت طوال العام في الاحتفاء بمكة المكرمة عاصمة للثقافة الاسلامية لهذا العام. وشهدت ردهات المراكز الإعلامية التي خصصتها وزارة الاعلام لنحو ألف صحافي، قدموا من مختلف دول العالم لتغطية الحدث الكبير لحظة بلحظة، حوارات ثقافية اسلامية كان محورها اختيار مكة عاصمة للثقافة. وجاءت الرؤى من زوايا مختلفة تعكس الزخم الكبير الذي حظيت به مكة المكرمة من خلال هذا التجمع الكبير الذي يأتي في آخر العام ليلغي صورة 11 شهرا مرت بهدوء على فعاليات الاحتفاء بمكة بالشكل اللائق بها.

وعندما وافق قادة الدول الإسلامية على انشاء مقر للمنظمة الاسلامية في مدينة جدة السعودية، ضجت الصالة بالتصفيق من الاعلاميين الذين رأوا أن وجود هذا المكان هو ما كان ينقص المسلمين لتكون لهم قبلة ثقافية تساعدهم على تفعيل عواصمهم الاسلامية روحيا وثقافيا. واستبشر الاعلاميون بأن هذا القرار جاء في نفس العام الذي اختيرت فيه مكة عاصمة للثقافة الإسلامية بعد أن كانت تقارير اعلامية محلية وعربية لمحت في وقت سابق من العام الى ضعف الاحتفالية باختيار مكة غير أن من يقرأ تلك الحوارات التي تدور بين صحافيين ماليزيين ومصور أردني أو طاولة تجمع بين اعلاميين سعوديين وصحافيين هنود يعرف أن هذا التجمع حول الكعبة المشرفة هو أكبر احتفاء من نوعه بمكة.

ورغم اختلاف اللغات واللهجات داخل المركز الاعلامي للصحافيين الذين كانوا يتابعون وقائع القمة بعين ويتابعون ما يجري حولهم بالعين الأخرى, الا أن مفردة مكة كانت الكلمة الوحيدة التي اتفقت حولها كل تلك الأطياف اللغوية.

الاعلاميون وهم يحتسون القهوة ويستذكرون التاريخ الديني والثقافي لمكة كانت تستوقفهم المعلومات الواردة في كتيب وزعته وزارة الاعلام السعودية عن اختيار مكة لهذا العام عاصمة ثقافية, خاصة ما كان يحكى عن المدارس المكية وان «عددا من نسائها كن أساتذة ومجيزات لعدد من كبار العلماء في العالم الاسلامي, وهي صورة أليفة ومعهودة في المجتمع المكي الذي أعلى ولا يزال من مكانة المرأة العالمة والمثقفة والأديبة, لكونها مشاركة أساسية في الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية».

ويرى الدكتور عارف العبد وهو المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء اللبناني أنه ليس غريبا على مكة هذا الزخم الثقافي والاعلامي الذي عاشته منذ عصور الاسلام الاولى، واعتبر انعقاد القمة فرصة كبيرة لإعادة الوهج للعاصمة المقدسة للمسلمين, مؤكدا أنه لم يكن يعلم ببعض المعلومات التي تحكي تاريخ مكة في مجال المطبوعات الاعلامية وبداياتها المبكرة في العشرينات من القرن الميلادي الماضي.

وتلك المعلومات وهي من البديهيات اعتبرها إعلاميون يزورون السعودية للمرة الأولى أنها مفاجأة لهم خاصة وهم يتابعون الجدل اليومي عبر وسائل الاعلام المحلية في كل ما يخص المرأة, إذ رأوا أن من فوائد هذه القمة المنعقدة في هذا الوقت من العام الثقافي لمكة المكرمة أنها ساعدتهم على تغيير بعض المفاهيم السلبية عن صورة المرأة المثقفة اذ كانت المرأة المكية رائدة في حركة التغيير والتأثير الاسلامي.

ويقول الاعلامي عماد الرقاد وهو مذيع في التلفزيون الاردني, إنه يتمنى لو أن مكة أخذت من الاهتمام العالمي ما يتوجها عاصمة للثقافة الاسلامية, مشيرا لحالة من الضعف في وسائل الاعلام السعودية في اظهار مكة بوجهها الحضاري والضغط على الهيئات والامانات بتبني افكار مستديمة تحرك عجلة الاهتمام الدولي صوب مكة.

وقال إعلاميون إن مكة كانت جديرة بخطة ثقافية شاملة طوال العالم ليرى العالم المكانة الثقافية الكبيرة التي لعبتها مكة في رقعة الوعي الاسلامي وفي دعم التوجهات الجديدة, حيث أشاروا الى أن المدن التي تملك حق الاولويات في الاثراء هي أولى بالحضور في الوجدان الانساني, وعبروا بأن معرفتهم بأن مكة كانت سباقة في إنشاء الصحف والمطبوعات في العهد السعودي كجريدة أم القرى التي أنشئت في العام 1924 وما زالت حتى اليوم وتبعتها جريدة صوت الحجاز التي انشئت في العام 1931.

ودعا الاعلاميون الذين تحولت أوقات اعداد المواد الصحافية وارسالها لمطبوعاتهم، الى منتديات جانبية ذكرتهم بأن مكة المكرمة اشتهرت الى جانب مكانتها المقدسة، بشهرة أبنائها في عقد المنتديات في المقاهي والبيوت, أصبحت مع تطور العصر ما يعرف بـ«الصالونات الادبية والثقافية» وهي الثقافة التي انتقلت عدواها لعواصم اسلامية كبرى وباتت سمة أساسية أظهرت أجيالا من الادباء والشعراء والمفكرين.