6 قتلى و اعتداء على رئيس الحزب الناصري وأمينه العام

نهاية دامية للانتخابات التشريعية في مصر

TT

بمشهد دموي أسدل امس الستار على أعنف انتخابات تشريعية تشهدها مصر في تاريخها بعد شهر كامل استغرقتها هذه الانتخابات التي أجريت على ثلاث مراحل لانتخاب 444 نائبا جديدا، مخلفة وراءها 9 قتلى (6 منهم امس) وعشرات الجرحى.

وشهدت جولة الإعادة للمرحلة الثالثة والأخيرة من الانتخابات أمس أعنف موجة من العنف والمصادمات، حيث سقط ثلاث قتلى في محافظة دمياط من أنصار المرشح الإخواني صابر عبد الصادق برصاص الشرطة وهم السعيد الدغيدي، 40 عاما، وعاطف محمد أحمد، 40 عاما، وسفيان أحمد أبوديقة، 44 عاما، فيما ترددت انباء عن وفاة شخص آخر لم تتأكد المعلومات بشأنه ليرتفع بذلك قتلى الانتخابات 9 قتلى على مدار مراحل الانتخابات الثلاث.

وشهدت هذه الجولة حصارا أمنيا في الكثير من الدوائر والقرى التابعة لها وصل في بعض الدوائر إلى منع تجوال مما حال دون وصول الناخبين إلى صناديق الاقتراع لدرجة أن بعض اللجان لم تشهد حضور أي ناخب بعد أن القيت القنابل المسيلة للدموع وأدت إلى إصابة عشرات المواطنين.

ومع تزايد المواجهات والمصادمات بين قوات الأمن والناخبين، وقعت المواجهات الاعنف في دوائر رموز المعارضة حيث تعرض ضياء الدين داود رئيس الحزب الناصري والمرشح في دائرة فارسكور بدمياط إلى واقعة اعتداء وكذلك أمينه العام أحمد حسن الذي أصيب بكسر في ساقه أثناء مطالبتهما قوات الأمن بالسماح للناخبين بالدخول إلى لجنة الروضة بالدائرة. وفي ما طالبت المنظمة المصرية بالتحقيق في الواقعة باعتبارها انتهاكا صارخا للدستور والمواثيق الدولية، هدد داود بالاعتصام احتجاجا على هذه الممارسات. ولم يكن حال نائب رئيس حزب الوفد محمود أباظة الذي يخوض الإعادة في مواجهة يحيى عزمي شقيق رئيس ديوان رئيس الجمهورية زكريا عزمي، افضل فقد تم منع الناخبين في بعض القرى من الوصول إلى اللجان فضلا عن حصار أباظة لنحو ربع ساعة عندما حاول مواجهة الأمن لفتح الطرق أمام الناخبين، غير ان اللافت أن دائرة الحامول بكفر الشيخ التي يخوض فيها حمدين صباحي وكيل مؤسس حزب الكرامة معركة الإعادة شهدت هدوءا ملحوظا رغم أن هذه الدائرة شهدت معركة دموية في الجولة الأولى أسفرت عن سقوط قتيل وعشرات المصابين والمعتقلين.

ووصف بيان للجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية جولة الإعادة أمس بأنها حرب شوارع واعتقالات وليست انتخابات.

وأكد المركز المصري لحقوق المرأة أن الأمن رفض التصريح لبعض مراقبي حقوق الإنسان بمتابعة سير العملية الانتخابية من داخل اللجان. وقال مركز سواسية إن الأمن اعتقل عددا من أساتذة الجامعات من زملاء مرشح الإخوان وعضو مكتب إرشاد الجماعة الدكتور محمد مرسي في دائرته بالزقازيق، في وقت اتهم المركز، البلطجية بالتعدي على صحافيين ومراسلين منهم مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية عزة محيي الدين، وطاقم قناة الجزيرة وقناة الحرة في مناطق أخرى. وقالت الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي إن الأمن اصبح يدير الانتخابات وإن التدخلات الأمنية طالت كل شيء حتى إرادة المواطنين وإن ما شهدته جولة الإعادة يمثل انتهاكا لكل القيم والمبادئ والأعراف الديمقراطية وخرقا ضخما لنصوص الدستور والقانون.

ورصدت الجمعية وقائع تدخل أمني وصفتها بالفاضح في لجنة مدرسة الشهيد عاطف الشرقاوي بدائرة طلخا في الدقهلية و«لجنة قوته» الابتدائية بدائرة قلين بكفر الشيخ ومدرسة الإعدادية بنين بدائرة القنايات بالشرقية.

وأعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء استمرار قوات الأمن في إغلاق العديد من اللجان أمام الناخبين وبعض المرشحين أنفسهم والسماح فقط لمرشحي الحزب الحاكم بدخول اللجان على حد قول المنظمة، مشيرة إلى أن ذلك حدث في لجان مدرسة عين الأسمر ومدرسة ابن سيناء ومدرسة ابن صقر بالعريش في محافظة شمال سيناء، ولجان مدرسة المحلاوي في دائرة الجمالية بالدقهلية، وقالت إن مراقبيها رصدوا إغلاق العديد من اللجان في 6 محافظات هي «دمياط وكفر الشيخ والدقهلية والشرقية وسوهاج وشمال سيناء»، وأن عدد اللجان المغلقة وصل إلى 355 لجنة انتخابية، إضافة إلى عدم السماح للمراقبين بدخول اللجان وطرد مندوبي المرشحين والتأخير في فتح اللجان من مواعيدها القانونية.

وأكدت غرفة عمليات جماعة الإخوان المسلمين التي تخوض المعركة بـ 35 مرشحا في الجولة التي تتم المنافسة فيها على 121 مقعدا أن معركة الانتخابات بدأت بمحاصرة لجان الاقتراع في محافظة الشرقية وأن دائرة فارسكور تحولت إلى ثكنة عسكرية وأن الأمن دخل منازل المواطنين لتحذيرهم من النزول إلى الشوارع، وقالت إن دمياط شهدت حرب شوارع وتم اعتقال عدد كبير من أنصار مرشح الإخوان وإنه تم إطلاق الرصاص على المواطنين في جزيرة الخضراء والاستيلاء على بطاقات وكلاء المرشحين في الدقهلية وإغلاق بعض اللجان بالكامل في الشرقية وأن سوهاج شهدت حصارا أمنيا غير مسبوق لمنع الناخبين من التصويت. وفيما سبق لمجلة «المصور» الأسبوعية القريبة من الحكومة في مصر نشر وثيقة قالت إن الإخوان أعدوها باسم «فتح مصر» تتضمن تفاصيل عن تحركات الجماعة وخططها قبل الانتخابات، نفى النائب الثاني للمرشد العام للجماعة محمد خيري الشاطر وجود مثل هذه الوثيقة وقال انها «مفبركة» وان التوقيع باسمه غير صحيح، مؤكدا أنه سوف يقاضي المجلة بسبب نشرها معلومات كاذبة.

وفي العريش بمحافظة شمال سيناء التي يخوض الانتخابات فيها مرشح جماعة الإخوان عبد الرحمن الشوربجي في مواجهة مرشح الحزب الوطني حسن نشأت، تجمع أكثر من 150 مواطنا امام محكمة العريش يطالبون لقاء المستشار رئيس اللجنة العامة للانتخابات بشمال سيناء للشكوى من التدخلات الأمنية في الانتخابات وإغلاق معظم لجان الانتخابات على مستوى الدائرة ويطالبون بتيسير عملية الإدلاء بأصواتهم طبقا للدستور.

وقامت قوات الأمن بتطويقهم لمنعهم من لقاء المستشار، واعتقلت 12 من المواطنين. ومن ناحية أخرى وصل إلى محافظة شمال سيناء وفد من المعهد الوطني الديمقراطي (إحدى منظمات المجتمع المدني) لمراقبة انتخابات الإعادة لمجلس الشعب بالدوائر الثلاث بشمال سيناء، ويضم الوفد ناشطين في مجال حقوق الإنسان من أميركا ويوغوسلافيا وإيطاليا إلى جانب مصريين عاملين في نفس المجال. وقام الوفد بالمرور على عدد من اللجان الانتخابية بكل من بئر العبد ورفح والشيخ زويد، إلا ان الوفد لم يتمكن من مراقبة لجان الانتخابات في مدينة العريش نفسها بسبب إغلاق لجانها.

من ناحيته أكد اللواء إبراهيم حماد مساعد وزير الداخلية والمتحدث الرسمي باسم الوزارة أن الوضع الأمني على مستوى المحافظات التسع التي جرت بها الانتخابات في جولتها الأخيرة مطمئن للغاية، حيث قامت الشرطة بواجباتها الأمنية في حماية اللجان الانتخابية وحماية القضاة من أي تهديد أو إخلال بالأمن. وقال اللواء إبراهيم حماد المتحدث الرسمي إن ما رددته بعض القنوات الفضائية عن سير العمليات الانتخابية في بعض الدوائر الانتخابية غير صحيح ولا يتسم بالدقة، ووصف ما يبث بأنه ادعاءات ليست لها أية مصداقية، وأن حقيقة الأمر أن طاقم احدى القنوات لم يمنع من التصوير في إحدى اللجان الانتخابية في شمال سيناء ولم يتم احتجاز سيارة الطاقم. وأكد أن هناك تعاونا كاملا وتنسيقا كبيرا بين وزارتي العدل والداخلية وانهما على اتصال دائم وتنسيق كامل، موضحا أن القضاة يؤدون عملهم بكامل الاطمئنان في ظل تأمين كامل لكافة اللجان الانتخابية. وأشار إلى أن أجهزة الأمن تمكنت من ضبط أحد المقار التي قام القائمون عليها بتخزين العديد من الأسلحة المتنوعة من السيوف والجنازير والعصي تمهيدا لاستخدامها في إفساد العملية الانتخابية في عدد من اللجان بمحافظة الشرقية، وضبط القائمين عليها وقدموا إلى النيابة للتحقيق. كما تم العثور على 5 زجاجات حارقة خاصة ببعض المؤيدين من أنصار المرشح الاخواني بدائرة طلخا في دلتا مصر.