كارثة الطائرة الإيرانية: الطيار أجبر على الإقلاع رغم وجود مشاكل تقنية

رابطة الصحافيين الدوليين تصف الحادث بالأسوأ في تاريخ منتسبيها

TT

تعرضت السلطات الايرانية الى انتقادات لاذعة امس إثر مقتل 108 اشخاص، غالبيتهم من الصحافيين في تحطم طائرة عسكرية بعد ارتطامها بمبنى سكني في العاصمة طهران. وذكر عدد من المصادر المطلعة ان قائد الطائرة العسكرية التي تحطمت اول من امس أجبر على الإقلاع رغم وجود مشاكل تقنية. وكانت الطائرة التي اشترتها ايران من الولايات المتحدة قبل الثورة الاسلامية التي قامت قبل ثلاثة عقود وتفتقر الى قطع الغيار، قد واجهت عطلا في المحرك بعد دقائق من إقلاعها واصطدمت بمبنى سكني.

وقال التلفزيون المحلي ان عدد القتلى وصل الى 108 اشخاص، بمن فيهم كافة ركاب الطائرة وطاقمها وعددهم 94 شخصا. وروت زوجة محمد كربلائي، المصور في صحيفة «همشهري» المحافظة، والذي قتل في حادث الطائرة «كان يفترض ان تقلع الطائرة الساعة السابعة صباحا، لكن زوجي اتصل بي من الطائرة الساعة الثامنة ليبلغني ان الطائرة تعاني مشاكل تقنية (...) فأصبت بقلق شديد، وعاودت الاتصال به في الساعة العاشرة فعلمت ان الطائرة لم تقلع بعد، وأخبرني ان الطيار يرفض الاقلاع بسبب مشاكل تقنية». وأقلعت الطائرة التابعة للجيش الإيراني من طهران قرابة الساعة 13.00 (11.30 ت غ) قبل ان تتحطم، وكانت تقل 68 صحافيا الى جنوب البلاد لتغطية مناورة عسكرية في مدينة بندر عباس. وذكر العديد من الصحافيين الايرانيين ان زملاء لهم على متن الطائرة اتصلوا بهم قبل الاقلاع ليبلغوهم ان الطيار يرفض الإقلاع بسبب مشاكل تقنية. وقالت صحيفة «همشهري» «على المسؤولين ان يشرحوا سبب السماح لطائرة تعاني مشاكل تقنية ولا تصلح إلا كقطعة خردة، بالاقلاع». وقالت تقارير صحافية ان قائد الطائرة «طلب مرتين السماح له بالهبوط الاضطراري في مطار مهراباد الا انه تم رفض طلبه». ووصفت رابطة الصحافيين الدوليين الحادث بأنه «الاسوأ» الذي يتعرض له الصحافيون. وقال ايدان وايت الأمين العام للرابطة في بيان «نحن نريد أجوبة.. اذا كانت هذه الطائرة لا تصلح للطيران، فكان يجب ان يتم إخراجها من الخدمة». ونقلت صحيفة «شرغ» عن رسول خادم، عضو المجلس البلدي في طهران، «الى متى يتم التلاعب بحياة الناس (...) الى متى يستمر استخدام طائرات لا تطابق المواصفات وتصلح فقط كقطعة خردة». وقال النائب المحافظ جلال كاظمي «يجب ان تقدم وزارة الدفاع أجوبة. لا يمكنهم التغطية على هذا الحادث».

ونقلت وكالة «مهر» شبه الرسمية للانباء عن الجنرال نامي مساعد رئيس اركان الجيش نفيه «لإشاعة، فحواها ان طاقم الطائرة كان يعلم بوجود مشاكل تقنية قبل الاقلاع». واثيرت تساؤلات اخرى عن الاستمرار في استخدام مطار مهراباد الواقع وسط المدينة لإقلاع الطائرات المدنية والعسكرية وهبوطها. وتم بناء مطار جديد في الصحراء جنوب المدينة إلا انه لا يستخدم الا لخدمة أعداد قليلة من الرحلات المتجهة الى منطقة الخليج. ونقلت وكالة الانباء الإيرانية الرسمية عن وزير الثقافة محمد حسين سافار ـ هراندي قوله «هذه كارثة حلت بالأوساط الصحافية، وقد اعلنت الحكومة يوم حداد للاعلام». كما وجه مرشد الجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي رسالة تعزية الى اهالي الضحايا.

ويعتقد ان القوات الجوية الايرانية ما زالت تشغل نحو 15 طائرة اميركية الصنع من طراز سي ـ 130 المعروفة كذلك باسم «هيركيوليز» والتي كانت قد اشترتها من الولايات المتحدة قبل الثورة عام 1979 اثناء حكم الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان يحظى بدعم الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الوقت، والولايات المتحدة تفرض على النظام الايراني عقوبات صارمة تمنعها من شراء قطع غيار مهمة للطائرات الأميركية التي تستخدمها القوات الجوية الايرانية وشركة الخطوط الجوية الايرانية وشركات الطيران المحلية. وقال عزة الله بابي، المسؤول في هيئة الطيران المدني، «العقوبات الاميركية تخلق لنا مشاكل دائما عندما نحاول الحصول على طائرات». واضاف «يوجد لدى ايران نحو 100 طائرة مدنية، بعضها مستأجر وتطابق المعاييرالمطلوبة للطيران». وعلى صعيد البرنامج النووي الايراني، قال دبلوماسيون بالاتحاد الاوروبي ان ايران باصرارها على تخصيب اليورانيوم بنفسها تبدو كما لو كانت تسخر من عرض غربي باستئناف المحادثات حول برنامجها النووي، وهو ما قد لا يترك مجالا سوى لتحرك من مجلس الامن الدولي. وأضافوا ان المخاوف بشأن موقف ايران ستكون أساس اعلان ستصدره قريبا القوى الكبرى الثلاث بالاتحاد الاوروبي وهي بريطانيا وفرنسا والمانيا والتي كانت تأمل في استئناف المحادثات مع الايرانيين هذا الشهر. ويُحتمل أن يختص الاعلان الوشيك، الذي سيُصدر، بالذكر تصريحات علي لاريجاني، كبير المفاوضين النوويين الايرانيين، والتي قال فيها ان طهران ستبدأ في اجراء أبحاث حول أجهزة الطرد المركزي. ويمكن استخدام اليورانيوم المخصب وقودا لمحطات الطاقة الذرية أو في صنع أسلحة نووية. الى ذلك، قال وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف امس ان لروسيا كل الحق في بيع أسلحة الى ايران، وذلك في رد على انتقادات متزايدة لصفقة أعلن عنها، الاسبوع الماضي، بمليار دولار. وقالت الولايات المتحدة التي تعتبر ايران «دولة راعية للارهاب» ان بيع الاسلحة للجمهورية الايرانية لا يساعد على حل الوضع في الشرق الاوسط.