قمة مكة الإسلامية.. هدوء العاصمة المقدسة يقابله صخب في المركز الإعلامي

TT

أمس افتتحت قمة استثنائية اسلامية في عاصمة اسلامية كلها استثناءات، بدءا بتلك العبارة على طريق مكة السريع التي تمنع دخول غير المسلمين الى حدودها حتى لو كانوا رؤساء دول اسلامية، مرورا بحالة الزحام اليومي التي هي في أي عاصمة أخرى كارثة بينما هي في مكة حالة طبيعية، وليس انتهاء بتلك البطاقات التي عادة ما يضعها الاعلاميون لتسهيل مهامهم الصحافية فيما تضعها مكاتب العمرة لتسهيل الاستدلال على وفودها في حال ضياعها وسط طوفان من البشر لا ينتهي.

الضجيج في داخل المركز الاعلامي وحرب الكراسي والأجهزة للحصول على عشر دقائق يجلس فيها المراسل الصحافي ليرسل تقريره الى جريدته, يقابله هدوء في خارج تلك المراكز لا يقطعه سوى صوت الأذان، فيما ينزل المعتمرون والزوار من مقار سكناهم للصلاة في الحرم المكي والعودة بنفس الهدوء الى حيث يقطنون.

اسلام بدر الدين وهو معتمر بنغلاديشي، قال إنه لا يعرف بالقمة الاسلامية فهو معتكف منذ أيام في الحرم الشريف، غير أنه أبدى سعادة عندما علم أن بلاده مشاركة، مضيفا أنه يتمنى أن يلتقط صورة تذكارية مع زعماء الدول الاسلامية.

في المقابل لم تصدق السيدة أم محمد وهي بحرينية قادمة للعمرة مع ولديها أن الأسئلة هي لصالح صحيفة عربية, لكنها ابتسمت وأردفت قائلة: «مهما يكن.. لا أحب الحديث في السياسة, أنا هاربة من فوضى النشرات الاخبارية وأحداث القتل.. أريد أن أحيا أياما بعيدة عن كل هذا الجدل»، ثم تحركت بسرعة وهي تدعو بالتوفيق لقادة الدول فيما كان موكب رسمي يقترب منها باتجاه بوابة قصر الصفا.

في أحد الفنادق المجاورة للمركز الاعلامي, كانت معظم طبعات الصحف السعودية الصادرة أمس أمام عبدالرحمن الولي وهو معتمر ماليزي يجيد الحديث باللغة العربية, يتصفحها بسرعة وهو يستعرض معلومات هامة عن القمه لمجالسيه وهو يتحدث عن آخر قمة اسلامية عقدت في مكة قبل أكثر من 20 عاما مضت, «لقد جئت إلى مكة في هذا التوقيت من العام كي أشهد أجواء القمة, كنت أتمنى لو تم بث الكلمة الافتتاحية وربطها بمآذن المسجد الحرام ليسمع العالم الاسلامي صوت الوسـطية في الدين والمعاملة».

تلك الشفافية والرؤية العميقة للمعتمر الماليزي كان يقابلها في المركز الاعلامي عشوائية في أسئلة بعض الصحافيين, حتى أن أحدهم كان يتساءل عن اسم رئيس احدى الدول الاسلامية المشاركة في القمة, فيما كان آخر في آخر ردهة المركز الاعلامي يخوض حربا شرسة مع بعض الاصناف الغذائية دون أن يفكر في محاور لقضية الفقر التي تنهش جسد العالم الاسلامي، وتعتبرها منظمة العالم الاسلامي إحدى أخطر المشاكل التي تواجه دولها.

وبطيبة معهودة وقفت سيدة سعودية مسنة أمام البوابة الزجاجية للفندق الذي يجلس فيه الاعلاميون متساءلة عن التواجد العسكري أمام البوابة, لكنها لم تجد اجابة لتساؤلها وقالت «أنا أكبر من هذا الفندق بسنين طويلة, فقط كنت خائفة أن مكروها حدث بالقرب من منزلي..». وعندما علمت سبب هذا التواجد والقمة التي يجتمع فيها رؤساء الدول الاسلامية رفعت كفيها بالدعاء أن «يعينهم الله تعالى على الفئة الضالة التي روعت المسلمين».

القمة التي التقى فيها ملوك ورؤساء الدول في مشهد احتفالي يعزز الثقة بين قادة تلك الدول في انشاء مبنى منظمة الدول الاسلامية وتحقيق تطلعات الشعوب في منظمتهم, قابله حالة من الحذر في التعاطي مع مفردات القمة عند المعتمرين والزوار القادمين من كل بقاع الأرض ولسان حالهم يقول «نريدها قمة استثنائية بالنسبة لكل القمم السابقة, تماما كاستثنائية مكة المكرمة قياسا بكل عواصم السياسة والاقتصاد في دول العالم».