مجلس الأمن يصوّت اليوم على قرار فرنسي يدعو سورية إلى التعاون في التحقيقات مع «ميليس»

قرار باريس طالب بتمديد مهمة لجنة التحقيق ستة أشهر أخرى من دون الإشارة إلى العقوبات

TT

تسلم أعضاء مجلس الأمن، مشروع قرار جديد أعدته فرنسا، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا، يمدد التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري مدة ستة اشهر اخرى، ويتُوقع أن يتم التصويت عليه اليوم، حسب ما أكده مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، جان مارك ديلاسابليار. وتسعى فرنسا الى تمرير قرار جديد يرتكز على «تمديد تقني» لمهمة لجنة التحقيق ستة أشهر اضافية، بناء على الطلب الرسمي الذي قدمته الحكومة اللبنانية وتوصية رئيس اللجنة، دتليف مليس، في تقريره الأخير، لحرصها على عدم وجود أي انقطاع في عمل لجنة التحقيق. ولا ترى فرنسا، حسب مصادر دبلوماسية مطلعة، الحاجة في هذه المرحلة الى لجوء مجلس الأمن مرة أخرى الى التهديد باتخاذ «تدابير أخرى»، في اشارة الى العقوبات، مع الاكتفاء بالاشارة الى القرار السابق (1636) الذي تبناه المجلس في أكتوبر الماضي، والذي تحدث عن امكانية اتخاذ المجلس تدابير، اضافية في حال عدم تعاون سوريا مع لجنة التحقيق.

ويُتوقع أن يطالب القرار الجديد الحكومة السورية بتقديم مزيد من التعاون للجنة التحقيق، من دون الاشارة الى موضوع العقوبات، بعدما أقنعت فرنسا، حسب بعض المصادر الدبلوماسية، الولايات المتحدة بعدم الدفع باتجاه اثارة مسألة العقوبات في هذه المرحلة لا سيما في ضوء التباين في تقييم أعضاء مجلس الأمن التعاون الذي أبدته السلطات السورية مع عملية التحقيق، حسب ما جاء في التقرير الذي أعده رئيس لجنة التحقيق الدولية. وقد اعتبر مندوب الولايات المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، أن تقرير ميليس «أظهر فشل الحكومة السورية في الامتثال للقرار 1636»، واصفاً تعاون سوريا مع لجنة التحقيق بأنه «ليس تعاوناً بل اعاقة لمسار العدالة»، فيما عبرت الجزائر، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، عن ارتياحها لمستوى التعاون الذي أبدته السلطات السورية مع التحقيق. وقال مندوب الجزائر، عبد الله بعلي، ان ثمة مشاكل واجهت عمل لجنة التحقيق في البداية الا أن «سوريا تعاونت جيداً مع لجنة التحقيق في نهاية المطاف».

وتتمحور المناقشات بين أعضاء مجلس الأمن حول مسألة توسيع نطاق عملية التحقيق، لتشمل التفجيرات الأخيرة التي وقعت في لبنان والتي استهدفت سياسيين وصحافيين بارزين. وقال المندوب الفرنسي ان بلاده ستؤيد هذا الطلب اللبناني، فيما عبر مندوب بريطانيا، امير جونز باري، الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن للشهر الحالي، ان موقف بلاده يؤيد تقديم «رد ايجابي للحكومة اللبنانية في ما يتعلق بنطاق التحقيق والعملية القضائية المرتبطة بمحاكمة مرتكبي هذه التفجيرات». من جانبه، قال مندوب الولايات المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، ان «الوقت حان للنظر الى الوضع في لبنان ككل»، مشيراً الى سعي واشنطن الى الربط ما بين القرار 1559 الذي ينص على ازالة سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، والقرار 1595 المتعلق باغتيال رفيق الحريري. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، أن موضوع توسيع نطاق عملية التحقيق «شائك وحساس»، مشيراً الى أن القرار يعود الى مجلس الأمن لتحديد كيفية المضي قدماً. وقال أنان، في تصريحات للصحافيين، إن مستوى تعاون السلطات السورية، كما وصفه رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رفيق الحريري، المحقق الألماني دتليف ميليس، يمكن النظر اليه على أنه «بدأ ولكنه لا يزال هناك بعض المسافة أمامنا»، رافضاً التعليق على ما اذا كان مستوى وسرعة التعاون الذي أبدته الحكومة السورية يستوجب تهديد مجلس الأمن بفرض عقوبات فردية على المسؤولين السوريين المشتبهين أو التهديد بها في المرحلة الحالية.

وأكد الأمين العام، أنه يبذل جهوداً حثيثة لإيجاد خلف لرئيس لجنة التحقيق الدولية، في أسرع وقت ممكن، مشيراً الى أنه سيكون في موقع يسمح له الاعلان عن اسم الشخص الذي سيتولى رئاسة اللجنةً «خلال أسبوع أو أسبوعين». وأشار الأمين العام الى انه اتخذ اجراءات لضمان عدم وجود أي انقطاع في عمل اللجنة حتى يتسلم رئيس اللجنة الجديد مهامه. وأكد أنان أن عدداً من المرشحين للمنصب رفضوا العرض الذي قُدم اليهم، الا أنه سبق وواجه صعوبات مماثلة في المرحلة ما قبل تعيين ميليس في مايو (أيار) الماضي. وقال: إن «مهمة رئاسة لجنة التحقيق صعبة، ولكنني سأجد شخصاً للقيام بها». وبات القلق ينتاب بعض المسؤولين في الأمم المتحدة والدبلوماسيين في مجلس الأمن، الذين ينظرون بقلق الى احتمال أن يولد رحيل ميليس، فراغاً في عملية التحقيق قد تستغله السلطات السورية لتمييع التحقيق وللمماطلة في التعاون. وأكد مصدر رسمي في الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» ان الأمانة العامة لا تزال تبحث عن مرشحين لتولي رئاسة التحقيق، بعدما رفضت غالبية المرشحين العرض الذي تلقته من الأمانة العامة، بما في ذلك قاضي التحقيق البلجيكي، داميان فاندرميرش. ولا تزال الأمم المتحدة تنتظر رداً من مرشح بلجيكي آخر، حسب هذا المصدر.