سورية: تقرير ميليس لا يشير إلى أي دليل جنائي يتطلب توقيف الشهود

استنكرت وصول التقرير إلى الصحف قبل أعضاء مجلس الأمن وقالت إنها تعكف على دراسته

TT

شككت السلطات السورية في صدقية التقرير الجديد للجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري واكدت على عدم علاقتها بهذه الجريمة قبل عرض هذا التقرير على مجلس الامن امس. كما اكدت مصادر سورية ان تقرير ميليس لا يشير الى اي دليل جنائي يتطلب توقيف الشهود السوريين.

ورغم انه لم يصدر اي رد رسمي مباشر على تقرير ديتليف ميليس الجديد الذي وزع اول من امس والذي يشير الى ادلة جديدة على تورط مسؤولين سوريين في اغتيال الحريري، كما شكك في تعاون سورية مع التحقيق، الا ان مصدرا سوريا مسؤولا ابلغ «الشرق الأوسط» في وقت سابق أن وزارة الخارجية السورية عكفت على دراسة التقرير من جميع جوانبه ونواحيه، وذلك في إطار تأكيد استمرار سورية في التعاون مع التحقيق الدولي تنفيذاً للقرار 1636، حيث من المتوقع أن يكون لديها ما تطرحه في جلسة مجلس الأمن.

وقال مسؤول آخر لوكالة الصحافة الفرنسية ان بلاده تدرس تقرير ميليس و«ستتم قراءته من كافة جوانبه القانونية والسياسية لاتخاذ ما يلزم من القرارات التي (تخدم) مصالح سورية». واكد المصدر نفسه ان بلاده تفضل انتظار اجتماع مجلس الامن الدولي بشأن التقرير قبل التعليق مشددا على انه «لا يوجد اي مبرر لاتخاذ أي اجراء ضد سورية الا اذا كان هناك عملية تسييس» لتقرير ميليس.

في غضون ذلك كشف مندوب سورية لدى الامم المتحدة فيصل مقداد ان لديه معلومات حول نية الولايات المتحدة وفرنسا الاعداد لمشروع قرار في مجلس الأمن ضد سورية، معرباً عن الأسف لأن يتعامل مجلس الأمن مع هذه القضايا ببساطة وبعدم احترام لقوانين واجراءات المجلس بالذات، موضحاً أن «النوايا والتوجهات أصبحت معروفة وحتى قبل صدور تقرير ميليس وهو خطأ وتجاوز كبير لكرامة المجلس والدول الاعضاء في المجلس». وصرح مقداد ان بعض أجهزة الإعلام قامت ببث تقرير ميليس بشكل مباشر قبل ان يتسلم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن صورة عنه مما يخالف كل منطق وأبسط قواعد الموضوعية في التعامل مع قضايا مهمة من هذا النوع.

واكدت وسائل الاعلام السورية على وجود شهادات تدحض تقرير ميليس، وقال فايز الصايغ المدير العام للتلفزيون السوري ان «لدى سورية شهادات جديدة غير شهادة حسام طاهر حسام وزهير الصديق لم تكشف النقاب عنها لدحض تقرير ميليس الذي يندرج في اطار الضغوط ضد سورية ولبنان».

واضاف الصايغ ان طلب توقيف اي مسؤولين سوريين «يفترض ان يحال الى سورية وبدورها تحيله الى لجنة التحقيق السورية وهي المخولة بطلب الادلة والقرائن ومناقشتها»، مؤكدا أن «تقرير ميليس لا يشير الى اي دليل جنائي يتطلب توقيف الشهود السوريين».

وذكر ميليس في تقريره حول اغتيال الحريري ان التحقيقات الاولية تشير الى ان السلطات السورية «تحرك» الشاهد السوري حسام حسام الذي تراجع عن افادته بعد عودته الى دمشق.

وكان حسام اعلن في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) انه اجبر تحت ضغط التهديد على الادلاء بشهادة كاذبة حول ضلوع مسؤولين سوريين كبار في اغتيال الحريري. واشار التقرير الدولي الى ان لجنة التحقيق طلبت الاستماع الى ستة مسؤولين امنيين سوريين وصفوا بالمشتبه فيهم، الا انه لم يتم الاستماع الا الى خمسة اشخاص لم تكشف السلطات السورية اسماءهم.

وكان ميليس اعتبر في تقريره الاول الذي قدمه في العشرين من اكتوبر (تشرين الاول) الماضي ان مسؤولين امنيين لبنانيين وسوريين متورطون في اغتيال الحريري في الرابع عشر من فبراير (شباط) الماضي.

وقال صايغ لوكالة الصحافة الفرنسية ان دمشق تفضل انتظار نتائج اجتماع مجلس الامن (امس) قبل ابداء أي رد فعل رسمي. وحسب التقرير الجديد لميليس فان بعض الشهود قدموا خلال الفترة الاخيرة «معلومات اساسية» بشأن مدبري ومنفذي الاعتداء.

واكد التلفزيون السوري في نشرته الصباحية على «براءة سورية من جريمة اغتيال الحريري»، معتبرا انها «ضحية مخطط صهيوني اميركي يريد تركيعها». وحملت صحيفة تشرين امس على «حفنة» من اللبنانيين «الحاقدين» الذين يستغلون تقرير لجنة التحقيق الدولية حول اغتيال رفيق الحريري «المليء بالمغالطات والمعطيات المفبركة لتدمير سورية».

من جهتها رأت الإذاعة السورية أنه كان مأمولاً أن يلحظ التقرير الحقائق والمعطيات الجديدة التي استجدت على الارض لسد ثغرات التقرير السابق، لكنه اضاف اليها مزيداً من التطورات والاستنتاجات التي تحتاج الى اثباتات وادلة. واكدت الإذاعة أن التقرير الثاني يضيف اسئلة اكثر اشكالية من سابقاتها وأنه امام هذا المعطى الخطير ثمة الكثير من التداعيات المرتكبة التي وضعت اللجنة الدولية نفسها فيها والمجتمع الدولي معها وستقود مجلس الأمن الدولي الى وضع يحتاج فيه الى نظرة تختلف عن السياق التي اوصله اليه عمل المحقق ميليس.