ويلش: بدأنا نفقد الثقة بالقيادة السورية

مساعد وزيرة الخارجية الأميركية في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» يؤكد تطبيق «اتفاق القوافل» بموعده

TT

قال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ويلش في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس ان المجتمع الدولي «بدأ يفقد الثقة بالقيادة السورية»، مبدياً اسفه لاغتيال النائب والصحافي المقتول جبران تويني، معتبرا انه «مثل كل ما هو كان جيداً في لبنان». وحول نتائج تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس بشأن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، طالب ويلش سورية «بأن تقوم باتخاذ القرار الصادق والكامل للتعاون (مع لجنة التحقيق)، فيبدو مما عرفناه من تقرير ميليس ان أعلى مستويات المسؤولين في الحكومة السورية لم يتعاونوا بعد». ورأى ويلش ان ذلك جعل المجتمع الدولي «يفقد الثقة في التعامل مع سورية، وهذا ما يقلق ميليس». وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركي ان بلاده تريد ان «يسير هذا التحقيق بأسرع وتيرة ممكنة، والطريقة والوحيدة لتحقيق ذلك هي بتعاون الجميع. ومن الواضح ان دمشق لا تفعل ذلك». وأكد ان الولايات المتحدة تقف وراء قرارات مجلس الأمن الدولي للتحري في مقتل الحريري وتنوي «دعم هذه القرارات لانجاح التحقيق واذا لم تتعاون دمشق سيناقش المجلس اجراءات اخرى»، ولكنه لم يدخل في تفاصيل هذه الاجراءات.

وقال ويلش ان التحقيق الدولي لا يركز فقط على الدور السوري المحتمل في الاغتيالات، اذ يتطرق الى الكثير من الاطراف و«لا شك لدي ان التحقيق ينظر الى جميع الاحتمالات الأخرى». وأشاد ويلش بالمحقق الدولي ميليس، معتبرا «انه مدع ذو خبرة وتصميم شديدين، يدعمه فريق دولي.. ومن المؤكد ان هذا التحقيق يتمتع بخبرة ومهنية».

وعن زيارته الى الاراضي الفلسطينية واسرائيل الاسبوع الماضي، قال ويلش انه «واثق من الالتزام بالموعد المحدد لتطبيق» اتفاق القوافل للمسافرين الفلسطينيين الذي يسمح للحركة الحرة بين قطاع غزة والضفة الغربية التي من المنتظر ان تبدأ غداً. وأضاف: «النقاشات ما زالت مستمرة بين الأطراف المعنية، ونتوقع تطبيق الاتفاق في موعده»، مقللاً من شأن تقارير صحافية اسرائيلية تشير الى رفض اسرائيل التمسك بموعد تطبيق القرار. واعتبر ان اتفاق القوافل «لديه نقطة مركزية، وهي اعطاء الفلسطينيين فرصة أفضل، حتى لا تصبح غزة سجناً كبيراً، وفي الوقت نفسه تؤمن سلامة اسرائيل واراضيها، ومن الممكن الحصول على هذا التوازن» من خلال الاتفاق. واشار الى ان «البعض لا يريد انجاح هذا الاتفاق اذ يفضلون الارهاب والعنف» ولكنه رأى ان مصلحة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي هي في تطبيق الاتفاق الذي رعته وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس. ورداً على سؤال إن كان متفائلاً بالنسبة الى التطورات في الاراضي الفلسطينية أجاب ويلش «أشعر بتفاؤل حذر». وكان ويلش في العاصمة البريطانية لحضور اجتماع للجنة التنسيق الخاصة لدعم الاقتصاد الفلسطيني اليوم، معتبراً ان هناك «فرصة نادرة للفلسطينيين» الآن بعد الانسحاب الاسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة. وقال: «لأول مرة منذ 38 سنة، هناك معبر مفتوح (معبر رفح) بين غزة والضفة الغربية مما يساعد الفلسطينيين». وأضاف انه يشعر بالتفاؤل بسبب «فترة الهدوء التي شهدناها منذ بداية العام، ورغم انها شهدت بعض حالات العنف والارهاب، الا ان مستوى العنف أقل». وعن تصريحات حركة «حماس» الأخيرة بعدم تجديد الهدنة مع اسرائيل العام المقبل، قال ويلش: «على حماس النظر الى مصلحة الشعب الفلسطيني»، مضيفاً ان «العنف لن يتمخض عن اية نتائج». وتابع ان بلاده لا تتحدث مع «حماس» فهي «مجموعة ارهابية» وان على الفلسطينيين العمل للتغلب على العنف. وصرح بأنه لا يعتقد ان السلطة الفلسطينية تقوم بالاجراءات الكافية لنزع سلاح الفصائل الفلسطينية.

واعتبر ان الانتخابات الفلسطينية والاسرائيلية المقبلة تمثل «فرصة للانعاش السياسي» في المنطقة. ولكنه اردف قائلاً: «من المهم عدم الرضا بالاوضاع والتباطؤ بالعمل، فعلى الفلسطينيين والاسرائيليين العمل يومياً لتوفير الامن للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي وإعطاء الفرص الاقتصادية الافضل لهما». واعتبر مساعد وزيرة الخارجية الاميركية الانتخابات العراقية جزءا من العملية السياسية في البلاد. وقال ان من بين مقومات هذه العملية «حق الشعب العراقي في التداول بين نفسه عن مستقبله»، معلناً عدم علمه بأية مشاورات محتملة بين مسؤولين عراقيين مع الجماعات المسلحة. وقال: «يجب ان يكون هناك حوار وطني في العراق، ويجب ان يتم ضمن حدود يريدها الشعب العراقي». وأضاف: «خارج العراق، ولدت روح جديدة من التعاون بين الدول العربية لتشجيع هذا الحوار وقد حان الوقت لهذا التعاون». واعلن عن رضا الولايات المتحدة عن جهود الجامعة العربية لتشجيع الحوار الوطني العراقي. وبالنسبة الى دور الاعضاء السابقين في حزب البعث في عراق اليوم، قال ويلش ان «حزب البعث مؤسسة كبيرة شريرة في قيادتها ولكن بريئة في صفوفها الشعبية، ولا ارى ان من الواقعي اخراج العراقيين من العملية السياسية بسبب انتمائهم الى الحزب، السؤال هو ماذا فعلوا بهذه العضوية». واصاف انه يجب محاسبة اعضاء الحزب «بحسب الافعال التي قاموا بها». واعتبر محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين «تاريخية وتجربة خاصة للمنطقة العربية كلها لأنها لم تشهد محاكمة عامة لشخصية معروفة في كل البلدان، لم يكن مجرم مثل هذا من قبل ولم تكن محاكمة علنية مثل هذه».

واكد ويلش نية الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق، قائلاً: «سنترك العراق، السؤال ليس هل سنترك العراق، بل متى سنفعل ذلك». وذكر ان مغادرة القوات مبنية على استتباب الامن في العراق وطلب الحكومة العراقية ذلك «حين تطلب الحكومة العراقية ذلك منا سنحترم رغباتها مثلما جاء في قرارات مجلس الأمن». وأقر ان سفير الولايات المتحدة لدى العراق زلماي خليلزاده مكلف باجراء محادثات مع المسؤولين الايرانيين «في العراق، حول العراق»، ولكنه لم يعلم باجراء المحادثات حتى الان ولم يعلم بالموعد المحدد لها. ورأى المسؤول الاميركي ان النقاشات ستتركز حول الاوضاع الامنية في العراق، معتبراً ان ايران «تتدخل في الشؤون العراقية وتخترق» بعض المؤسسات فيها. واعتبر ان «العراقيين هم عراقيون ولا يريدون التدخل الخارجي في شؤونهم». وصرح بأن «ايران وسورية تتدخلان في العراق والمسؤولين العراقيين يقولون ذلك ويجب احترام تصريحاتهم». وأضاف ان «على سورية ان تنظم حدودها وتسيطر عليها، فهناك في العراق مئات من المقاتلين الاجانب، وأسميهم ارهابيين، في العراق ولم يأتوا من الفضاء» واشار الى ان «وجود هؤلاء اثبات بحد ذاته لوجود التدخل السوري والايراني، واهم قياس لتعاونهم سيكون السيطرة على الحدود». وعن التفجيرات الاخيرة في عمان، حذر ويلش من وجود «فئة صغيرة لديها ايديولوجية ارهابية تريد نشرها، وتقوم باعمال ارهابية لاثبات أنها قادرة على ذلك». وعن الانتخابات المصرية، قال ويلش انها «لم تكن بالمستوى الدولي المطلوب، وكانت هناك مشاكل في هذه الانتخابات، ولكن مصر لديها مؤسسات تتمتع ببعض الديمقراطية وتحاول تنميتها، وهذه عملية نشجعها». وأوضح: «الانتخابات لم تكن على المستوى الدولي ولكن كانت اكثر انفتاحاً من الماضي وكانت لها نتائج درامية وتظهر علامات للتغيير السياسي المشجع». واعتبر انه «من الضروري توليد ثقافة سياسية ليبرالية تدعو للتسامح في المنطقة ولكن علينا ان نكن حذرين كأميركيين بأن دول المنطقة تختلف عنا، وتختلف عن بعضها، ويجب ألا نبدي عدم احترام للمستويات المحلية وقوانينها».