علماء أميركيون ينجحون في إنتاج فئران حية مطعّمة بخلايا مخ بشرية نشطة

خلايا جذعية جنينية تمكنت من تنفيذ وظائفها داخل أمخاخ الفئران وتشابكت مع خلاياها العصبية

TT

نجح علماء اميركيون في ولاية كاليفورنيا في انتاج فئران حية تعمل بخلايا مخ بشرية نشطة، وذلك بعد حقن خلايا جذعية جنينية بشرية داخل أمخاخ اجنة الفئران في رحم امهاتها. ويعتبر هذا اول شهادة علمية تثبت ان الخلايا الجذعية (خلايا المنشأ) الجنينية، التي تمتاز بأصالة خصائصها وامكانيات تحولها لاحقا الى أي نوع متخصص من خلايا الجسم داخل المختبرات على الاقل، يمكن لها ان تصبح خلايا مخ بشري تؤدي وظائفها لدى زرعها في أي جسم حي آخر غير جسم الانسان. كما ان بامكانها ايضا الاتصال والتشابك مع الخلايا العصبية الاخرى المجاورة.

ولم يبد اي تأثير للخلايا البشرية على سلوك الفئران، رغم حقن نحو 100 ألف خلية داخل كل فأر التي لم ينج سوى عدد قليل منها. وظل مخ الفئران مخها الخالص بنسبة 99 في المائة ، وهو الأمر الذي ساعد العلماء على الالتفاف حول المعضلات الاخلاقية. وقال العلماء ان الخلايا البشرية في بيئتها الجديدة تشجع الباحثين الراغبين في تطوير طرق علاج بالخلايا الجذعية للتخلص من الامراض العصبية مثل مرض باركنسون (الشلل الرعاش). ويستطيع العلماء، الذين وجدوا في مخ الفأر المعدل بشريا مختبرا حيا، دراسة امراض الدماغ لدى الانسان، فيما يمكن لشركات انتاج الأدوية التحقق من سلامة العقاقير التجريبية.

وقال فريد غايج البروفسور في معهد سالك للعلوم البيولوجية الذي اشرف على البحث «دعنا نقول اننا في المرحلة النهائية للأبحاث قبل البدء باختبار ادوية تجريبية على الانسان.. وهذ ما سيساعدنا على التعرف على تاثيرات الادوية على الاعصاب البشرية داخل المخ».

ويندرج البحث المنشور في مجلة «وقائع اكاديمية العلوم الوطنية» في قائمة الابحاث التي تحمل سمات التحديات الاخلاقية للعلم خصوصا بدخوله في ميدان انتاج «حيوانات هجينة» مثل حيوان الكمير، الكائن الخرافي في الاساطير اليونانية الذي له رأس جسد وجسم شاة وذنب حية.

وكان العلماء قد نجحوا في الدراسات السابقة في حقن خلايا مخ استخلصت من انسجة لأجنة بشرية مجهضة داخل امخاخ القوارض والتي اظهرت ان الخلايا البشرية تنجو، بل وتتحرك متجهة نحو مختلف مواقع الدماغ. الا ان تلك الخلايا البشرية كانت اكثر نضوجا نسبيا ولذلك فانها كانت اكبر من خلايا القوارض المماثلة ولذلك لم يتحقق العلماء من مقدرتها ونشاطها. الا ان الدراسة الجديدة التي وظفت فيها الخلايا الجذعية الجنينية البشرية بدلا من خلايا المخ الجنينية، اظهرت انها تحولت الى مختلف انواع الخلايا التي توجد عادة داخل مخ اللبائن وبالضبط الخلايا العصبية والخلايا المغذية للاعصاب. كما اظهرت ان الخلايا العصبية قد نشطت بيولوجيا وانها اقامت صلات مع خلايا الفئران المجاورة.

وصرح أرفنج ويزمان الباحث في الخلايا الجذعية بجامعة ستانفورد «ان الدراسة أهم دليل حتى الآن على ان الخلايا تتكامل وتنفذ وظيفتها»، واضاف «ان هذا تقدم جيد». وقدر غايج ان 100 الى 100 الف خلية تم حقنها، يحتمل ان تكون نجت ثم تكاملت مع الخلايا الاخرى في مخ الفئران، الذي يحتوي عادة على عدد يتراوح بين 75 و 90 مليونا من خلايا الفئران.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»