المرشحون جندوا خبرات عربية وأجنبية لخوض المعركة الدعائية للانتخابات

TT

بغداد مزدحمة جدا.. وللغاية، ليس بوجوه العراقيين المتعبة بهموم الحياة، وليس بعدد المفاجآت المفخخة، وهي كثيرة جدا، وانما بمئات الالاف من اللافتات والملصقات الجدارية، التي غزت كل مساحات الجدران والفراغات الممكنة وغير الممكنة. تلك هي لافتات الاعلانات او الدعايات الانتخابية التي انفق البعض من المرشحين من اجلها مئات الالاف من الدولارات، للاعلان عن نفسه وعن قائمته عبر الملصقات الجدارية، التي تحمل صورته في اوضاع مختلفة، او من خلال الاعلانات التلفزيونية والاغاني الاذاعية او من خلال طبع صورته على الفانيلات (التي شيرت)، وغيرها من الوسائل الدعائية المتاحة.

واجرت «جمعية الوصول الإنسانية»، إحدى منظمات المجتمع المدني العراقية الجديدة، دراسة حول مدى حيادية وسائل الإعلام في تغطيتها للانتخابات الحالية. ووجدت الدراسة ان الكيانات السياسية اعتمدت اعتمادا كبيرا على وسائل الإعلام في عمليات الترويج لبرامجها، وانتهاج تلك الوسائل أساليب متعددة في الترويج، منها ما هو مباشر ومنها غير المباشر. كما اعتمدت بعض الوسائل على أسلوب التكرار، الذي يعتبر من الأساليب الناجحة في الترويج.

اليوم حيث ستتوقف هذه الماكنة الدعائية الضخمة، حسب قرارات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، وسوف ينتهي ماراثون الاغاني والاعلانات التلفزيونية اللاهثة تمجيدا لهذا المرشح او ذاك، وسيتوقف الاف العمال عن لصق او تعليق اللافتات في الشوارع والساحات العامة، ليبدأ ماراثون جديد ولهاث آخر نحو صناديق الاقتراع ولينشغل عمال البلدية في رفع هذه اللافتات وتنظيف الشوارع والجدران منها.

لقد اشتغلت مكائن اعلامية ضخمة في هذه الحملات الدعائية، التي استوجبت من بعض المرشحين الاستعانة بخبراء دعاية انتخابية مصريين ولبنانيين وحتى اوروبيين، هؤلاء الخبراء بقوا يشتغلون وراء الكواليس ولم يظهروا على الواجهة، بل ان غالبيتهم فكر وعمل من محل اقامته، بيروت او القاهرة او لندن، ووجه عبر الهواتف والبريد الالكتروني فرق العمل المكلفة بادارة العمليات الدعائية للمرشحين. لهذا جاءت اساليب غالبية الحملات الدعائية مشابهة لحملات دعائية حدثت او تحدث في مصر او لبنان، على سبيل المثال.

وبعض المرشحين، وهم كثر، استعانوا بخبرات محلية وبشركات دعاية عراقية، لهذا ظهرت غالبية الاعلانات متشابهة في مضامينها واساليب اخراجها، وهذه اعتمدت الاغاني التي يؤديها مطربون شباب بمرافقة موسيقى سريعة، هي عبارة عن استخدام الكي بورد (الارغن) وتسجيلها وبثها عبر عشرات الاذاعات المحلية والتلفزيونات الارضية والفضائية العراقية والعربية.

ومن راقب عن كثب هذه الحملات الدعائية من المؤكد انه لاحظ بدقة الاختلافات النوعية بين اعلانات هذا المرشح او ذاك. الاعلانات التي روجت للدكتور اياد علاوي رئيس القائمة العراقية الوطنية جاءت مختلفة كليا عن بقية الاعلانات، من حيث الجوهر والاخراج، هناك شركة دعاية لبنانية اشتغلت على اعلاناته الانتخابية.

من جهته قال رئيس جمعية (الوصول) فهد جواد لـ«الشرق الأوسط»، إن نتائج دراسته اظهرت اهتمام وسائل الإعلام المختلفة بقوائم انتخابية معينة (أربع أو خمس قوائم )، سواء بالسلب أو الإيجاب، الأمر الذي يعكس الصراع بين هذه القوائم على أرض الواقع، وهي القوائم الرئيسية. وبالمقابل لوحظ عدم اهتمام وسائل الإعلام بالقوائم الصغيرة، الأمر الذي يشكك في افتراضية دعم وسائل الإعلام المتوازن للقوائم الانتخابية خلال الحملات الانتخابية. كما أفرزت النتائج عدم التقارب بين المساحات التي أعطيت لهذه القائمة أو تلك. وهذه الجمعية التي تأسست في مايو (أيار) من هذا العام، كما يقول عضو مجلس ادارتها إحسان العبيدي، تهدف الى «الوصول بالمجتمع العراقي إلى الرقي والنهوض، من خلال رفع مستوى الوعي الاجتماعي، وكفالة احترام حقوق الانسان، وتنمية العمل المؤسسي في المجتمع».

وأوضح عضو الجمعية فراس الركابي، أن عملية الانتقاء لاغراض هذه الدراسة تمت بصورة عشوائية لعدد من وسائل الإعلام، حيث تم اختيار ( 12) قناة تلفزيونية، سبع منها محلية وخمس خارجية، أما بالنسبة للإذاعات فقد تم انتقاء 10 اذاعات، سبع منها محلية وثلاث خارجية. فيما انتقيت 13 صحيفة، عشر منها صحف محلية وثلاث عربية دولية، بينها «الشرق الاوسط». وأفاد المحلل المشرف على مراقبة الصحف الدكتور محمد البهادلي بأن صحيفة «الشرق الأوسط»، «تميزت بنقل الحدث وفقاً لأهميته وكانت حيادية في تناول ايجابيات أو سلبيات القوائم ومرشحيها»، لافتاً الى أن هناك صحفا أُخرى «تدعي الحيادية وتعلن انها مستقلة لكن الدراسة اوضحت أنها غير مستقلة وتميل إلى احدى الجهات».