مجلس الأمن يمدد عمل اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال الحريري ويحيل قرار إنشاء محكمة دولية إلى أنان

إشارة ضمنية لتعاون سورية وتوسيع صلاحيات اللجنة يقرره الأمين العام للأمم المتحدة

TT

بعد مشاورات مكثفة بدأت منذ الثلاثاء، توصل أعضاء مجلس الأمن إلى اتفاق لاعتماد القرار 1644 بالإجماع، الذي قرر تمديد ولاية اللجنة الدولية للتحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري لمدة ستة أشهر، اعتبارا من يوم أمس الجمعة ولغاية 15 حزيران (يونيو) من العام المقبل. لكن القرار في المقابل احال مسألة توسيع نطاق عمل اللجنة لتشمل سلسلة التفجيرات التي طالت لبنان منذ اكتوبر (تشرين الاول) 2004، الى الامين العام للامم المتحدة لتقديم توصيات في هذا الصدد. وتمكنت الدول الحليفة لسورية في مجلس الأمن تخفيف لغة نص القرار، خصوصا الفقرة الثالثة التي تخص مقدار التعاون السوري مع اللجنة الدولية للتحقيق، وقد خففت لهجتها وأشارت ضمنيا إلى التعاون السوري مع اللجنة، ونصت على أن «مجلس الأمن يحيط علما، مع الارتياح، بالتقدم المحرز منذ آخر تقرير قدمته اللجنة إلى المجلس. ويلاحظ بقلق بالغ أنها تؤكد استنتاجاتها السابقة رغم أن التحقيق لم يكتمل بعد، وأن الحكومة السورية لم تمد اللجنة بعد بالتعاون الكامل وغير المشروط الذي طالب به القرار 1636». وقد رحبت فرنسا والولايات المتحدة بالقرار، وقال السفير الفرنسي جان مارك دي سابليير «نحن مسرورون من اعتماد القرار بالإجماع وإنه قرار مهم لأنه مدد ولاية اللجنة». وأعرب السفير السوري لدى الأمم المتحدة فيصل المقداد، عن ارتياحه للقرار وقال «نحن أكثر ارتياحا لنص القرار وأنه أفضل من النصوص السابقة، رغم اقحام بعض الفقرات فيه». وشدد مجلس الأمن على واجب سورية والتزامها بالتعاون كاملا وبدون شروط مع اللجنة. وطالب بأن تستجيب سورية على نحو لا لبس فيه فورا في المجالات التي يلتمس رئيس اللجنة التعاون فيها وأن تنفذ أيضا بدون تأخير أية طلبات تصدر عن اللجنة في المستقبل. وطلب المجلس من اللجنة، التي استقال رئيسها القاضي الألماني ديتليف ميليس، أن تقدم تقريرا عن التقدم المحرز في التحقيق، بما في ذلك، ما تلقاه من تعاون من جانب السلطات السورية، كل ثلاثة اشهر اعتبارا من تاريخ اعتماد هذا القرار. وطالب مجلس الأمن في أن تقدم تقريرا قبل موعد الأشهر الثلاثة، إذا ارتأت اللجنة أن ذلك التعاون لا يفي بمتطلبات هذا القرار والقرارات ذات الصلة. وتدعو هذه الفقرة ضمنيا اللجنة أن تلجأ إلى مجلس الأمن إذا شعرت بأن السلطات السورية لم تقدم التعاون المطلوب وغير المشروط، أو سعت إلى عرقلة عمل اللجنة الدولية للتحقيق. وما يخص الطلب الذي تقدمت به حكومة فؤاد السنيورة، بتوسيع نطاق ولاية اللجنة، للتحقيق في الهجمات الإرهابية الأخرى التي بدأت مع محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في العام الماضي، وآخرها كان اغتيال النائب والصحافي جبران تويني، قرر مجلس الأمن إحالة هذه المسألة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، حيث طلب منه أن يقوم في ظل التشاور مع اللجنة والحكومة اللبنانية بتقديم توصيات بتوسيع نطاق ولاية اللجنة لتشمل إجراء تحقيقات في تلك الهجمات. وأذن مجلس الأمن للجنة الدولية للتحقيق بأن تقوم عند الاقتضاء، وبناء على طلب الحكومة اللبنانية بمد السلطات الأمنية بالمساعدة التقنية في تحقيقها في الهجمات التي ارتكبت منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2004.

وكذلك أحال طلب الحكومة اللبنانية بإنشاء محكمة دولية لمحاكمة المتهين في جريمة اغتيال الحريري إلى الأمين العام كوفي انان. وقد نص القرار على أن المجلس «يقر بطلب الحكومة اللبنانية بأن يحاكم من توجه لهم في آخر المطاف تهمة الضلوع في هذا العمل الإرهابي، أمام محكمة ذات طابع دولي». وطلب من الأمين العام أن يساعد الحكومة اللبنانية في تحديد طابع ونطاق المساعدة الدولية التي تحتاجها في هذا الصدد. وطلب منه أيضا تقديم تقرير عن المحكمة الدولية إلى المجلس في الوقت المناسب. وأعرب السفير السوري فيصل المقداد عن عدم معارضة حكومته لتوسيع نطاق مهمة لجنة التحقيق الدولية للتحقيق في الاغتيالات الأخرى، وشدد على ضرورة أن يتمتع التحقيق بالحرفية والموضوعية وعدم التسيس، على حد تعبيره. وانتقد المقداد مرة ثانية عمل لجنة التحقيق الدولية وقال «إن المشكلة مع تقرير اللجنة أنها انطلقت من فرضية أن سورية متهمة وعليها أن تثبت براءتها».

ومن جانبه أكد السفير الفرنسي دي سابليير قائلا «لا نستطيع أن نقرر اليوم نطاق عمل اللجنة» ووصف السفير الروسي اندريه دينسوف القرار بالمتوازن بعد المفاوضات التي قادها الوفد الروسي وبالاشتراك مع وفدي الصين والجزائر مع مقدمي القرار الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. واعتبر السفير الجزائري عبد الله بعلي، العضو العربي في المجلس، القرار بالمنصف وقال «إننا اشتغلنا من أجل اعتماد قرار منصف بهدف الوصول إلى الحقيقة». وأضاف «رغم تحفظاتنا على بعض الفقرات، غير أن القرار في صيغته الحالية يعتبر مقبولا».