ارتياح نسبي في دمشق لقرار مجلس الأمن وحزب الله يدرس الموقف من الحكومة

سورية تشيد بموقف الصين وروسيا والبرازيل وتؤكد حدوث ضغوط على الجزائر لاتخاذ موقف مضاد

TT

ابدت دمشق امس ارتياحا نسبيا لقرار مجلس الامن 1644، الذي صدر منتصف ليلة اول من امس، بشأن تعاونها مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رفيق الحريري، مشيدة بشكل اساسي بمواقف روسيا والصين والجزائر، التي منعت الادارة الاميركية من اصدار «قرار ضاغط» عليها. ورأى حزب الله اللبناني، ان رفض توسيع عمل اللجنة او انشاء محكمة دولية للنظر في اغتيال الحريري واحالة الامر الى كوفي انان الامين العام للامم المتحدة، «اعاد الامور الى مكانها»، وقال ان «اللبنانيين هم من يجب ان يتخذ القرار وليس محكمة دولية».

وقال مصدر رسمي سوري لـ«الشرق الأوسط»، «إن مندوبي الصين والجزائر والبرازيل أيدوا التعديلات التي أدخلها المندوب الروسي على مشروع القرار، والتي لعبت دوراً كبيراً في استبدال بعض ما كان مطروحاً، خاصة بشأن مسألة المحكمة الدولية التي تركت للتشاور، حيث جاء القرار كحلٍ وسط بين وجهتي النظر تجاه المشروع». وعن مستوى التعاون الذي أبدته سورية مع التحقيق الدولي، أعرب المصدر السوري عن اعتقاده بأن تعاون سورية كان كاملاً، وأنها على استعداد لأن توالي تعاونها بشكل كامل أيضاً تنفيذاً للقرارين 1636 و1644.

وفيما لم يبدِ ارتياحاً لإشارة القرار الجديد لمسألة التعاون، حيث جدد التأكيد على أن التعاون السوري كان كاملاً، لاحظ المصدر الرسمي السوري أن تغييرات جوهرية أُدخلت على مشروع القرار الفرنسي الأميركي البريطاني، موضحاً أن سورية التي تعاونت في السابق مع لجنة التحقيق الدولية ستستمر في هذا التعاون وتسير وراء القرار 1644.

في سياق آخر علمت «الشرق الأوسط» من دوائر دبلوماسية في العاصمة السورية، أن ثمة ضغوطاً كبيرة مورست على الجزائر من أجل أن تتخذ موقفاً مختلفاً، غير أن الجزائر باعتبارها دولة عربية شقيقة لها مواقفها، اتخذت الموقف الصحيح وبقيت على تمسكها به.

من جهته قال رئيس تحرير صحيفة «البعث» الرسمية الياس مراد لوكالة الصحافة الفرنسية ان «المحاولات التي ارادتها الادارة الاميركية لم تنجح في الوصول الى قرار ضاغط على سورية». وحول ما اذا كانت سورية مرتاحة لمضمون القرار الجديد قال مراد، «ان سورية مرتاحة لوجود اصدقاء في مجلس الامن استطاعوا ان يوقفوا تهور بعض الاطراف الاخرى لجر المجلس الى قرارات لا تنسجم مع العدالة الدولية».

وشدد على ان القرار اشار الى «ان سورية تعاونت، وان اكد على ضرورة حصول المزيد من التعاون». وحول الايجابيات التي يراها في هذا القرار قال رئيس تحرير صحيفة «البعث»: «كل المسألة ليست ايجابية، ونحن نبحث عن الاقل ضررا، اما الايجابيات فلن تكون الا بعد صدور قرار عقلاني غير منحاز، مستند الى تقرير قانوني جنائي لا الى تصريحات اطراف لها مواقف سياسية سلبية من سورية».

وفي بيروت رأى المسؤول الاعلامي في حزب الله محمد عفيف امس، ان قرار مجلس الامن الجديد اعاد مسألة البحث في المحكمة الدولية الى اللبنانيين، مشيرا الى ان الحزب لا يزال يقيم موقفه من مسألة المشاركة في الحكومة. وقال عفيف لوكالة الصحافة الفرنسية، «ما حصل في مجلس الامن اعاد الامور الى مكانها، الى حيث يجب ان تكون، اذ ان القرار في هذا الموضوع يجب ان يتخذه اللبنانيون عبر الحوار الداخلي». كما سمح بان تقدم اللجنة الدولية المساعدة الفنية التي تراها مناسبة للسلطات اللبنانية، في التحقيقات حول الاعتداءات الارهابية التي وقعت في لبنان منذ 1 اكتوبر (تشرين الاول) 2004. وكان وزراء حزب الله وامل الشيعة قد علقوا مشاركتهم في الحكومة الاثنين، بسبب رفضهم القرار الذي اتخذ بغالبية اصوات الوزراء، والقاضي بالمطالبة بمحكمة دولية في اغتيال الحريري وبتوسيع التحقيق الدولي ليشمل سلسلة الاغتيالات التي وقعت بعد هذه الجريمة، وكان آخرها اغتيال النائب جبران تويني.

وقال عفيف ان «الحوار الداخلي كان بدأ بين حزب الله وتيار المستقبل (برئاسة النائب سعد الحريري، والذي ينتمي اليه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة)، الا ان الطريقة التي اديرت بها جلسة مجلس الوزراء الاخيرة هي التي ادت الى ازمة حكومية». وتابع ان «الجهة التي دفعت البلاد الى ازمة سياسية، هي المسؤولة عن اخراج اللبنانيين منها». واضاف ان وزراء الحزب «لا يزالون في حكم المعلقين لمشاركتهم في الحكومة، ولم يتخذ قرار بعد حول الاستقالة او عدمها». الا انه قال «اننا نعيد تقييم موقفنا في ضوء القرار الدولي الاخير وفي ضوء تقديرنا للمصلحة العامة، وكل الخيارات مطروحة».