لبنان: اتهامات متبادلة بـ«التنصت على المكالمات الهاتفية» بين القصر ووزارة الاتصالات

اتهامات متبادلة ودعوات للقضاء للتحرك والتحقيق فيها

TT

اندلع سجال عنيف امس بين رئاسة الجمهورية اللبنانية ووزارة الاتصالات، على خلفية طلب الوزارة «التحقيق مع دوائر القصر»، بتهمة التنصت على المخابرات الهاتفية. وتخللت السجال اتهامات ودعوات متبادلة للقضاء للتحرك والتحقيق فيها. فبعد دعوة وزارة الاتصالات، التي يتولاها الوزير مروان حمادة، القريب من النائب وليد جنبلاط، النيابة العامة للتحقق من وجود اجهزة تنصت لدى لواء الحرس الجمهوري، ردت رئاسة الجمهورية ببيان عنيف اعتبرت فيه ان «هذه المعلومات محض افتراء ولا اساس لها من الصحة. وان القضاء المختص مدعو الى التأكد من ذلك». ودعت القضاء، في المقابل، الى «التحقيق في المعلومات التي ترددت عن تسلم الوزير حمادة، من احدى الدول التي يرتبط بعلاقات خاصة ومميزة معها، اجهزة متطورة لمراقبة الاتصالات الخليوية (الجوالة) وتحركات حاملي الاجهزة الخليوية، حتى لو كانت مطفأة، لتحديد اماكن وجودهم عند الضرورة، وضعت قيد العمل منذ مدة لاهداف غير تقنية».

وردت وزارة الاتصالات امس، ببيان آخر رأت فيه انه «من سخريات القدر ان تبادر رئاسة الجمهورية الى اتهام الغير بما هي متهمة بارتكابه، وبما هي ضالعة فيه». واسفت لأن «يتجاسر مسؤولها الاعلامي، المغلوب على امره كما أسرّ مرارا، الى التغطية على سلسلة الموبقات التي ترتكبها اجهزة القصر، ويمعن فيها حرس يقبع قائده السابق وراء القضبان في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري».

وجاء في بيان الوزارة: «ان وزارة الاتصالات، التي بقيت شاهد زور لسنوات، على ما كانت تقترفه في قطاع الاتصالات عقول وايادي وآذان الشر في بعبدا، من التنصت الى قراءة التقارير وابلاغها الى سلطة الوصاية السورية، مصممة على دفع التحقيق حتى النهاية في قضية الاجهزة النرويجية وغير النرويجية، غير المرخص لها، التي ادخلت الى لبنان لغايات تنصتية او حتى اجرامية. ومن اللافت ان تربط الرئاسة او اعلامها بين الاخبار وجريمة اغتيال الشهيد جبران تويني، الامر الذي لم تلحظه الاخبار، وربما في ذلك تقصير منّا واستدراك من الرئاسة، كأن تحت ابطها مسلّة».

وذكر البيان ان «كتلاً برلمانية كثيرة ستعمل على تحريك الاسئلة والاستجوابات في ملفات التنصت والهدر، وفي مصير عشرات السيارات المصفحة التي تلقاها لبنان هبة من دول شقيقة وصديقة لمناسبة قمتين فرنكوفونية وعربية، لم يكن للرئيس اميل لحود اي فضل في عقدها هنا او في انجاحها. اما فضل حاشيته الوحيد فكان في السطو على كل الهبات التي وردت الى لبنان عدّا وعدّة لمناسبة الحدثين».

وطلبت وزارة الاتصالات من النيابة العامة التمييزية السير في التحقيق مع دوائر القصر. واعلنت انها تضع نفسها في تصرّف القضاء ليتثبت ممن كان ويستمر في خرق حرمات الناس والتنصت عليهم خلافا للقانون والدستور، وبشتى الوسائل غير الشرعية. مشيرة الى انها من خلال الهيئة القضائية العليا والجهاز الاداري اللذين نصّ عليهما قانون حماية التخابر، ومع وزارتي الدفاع والداخلية، عاملة على تطبيق هذا القانون واعادة الامور الى نصابها في كل السنترالات، التي كانت مرتعا للنظام المخابراتي اللبناني ـ السوري.

ولاحقاً ردت رئاسة الجمهورية على رد وزارة الاتصالات، مستغربة نوعية التعابير غير اللائقة المستعملة في البيان. ولفتت الى ان بيان وزارة الاتصالات تجاهل كلياً الحديث عن الاجهزة التي قدمت الى وزير الاتصالات لمراقبة المخابرات الخليوية، وتحديد اماكن اصحاب الاجهزة الخليوية، حتى لو كانت مقفلة، ولعل هذا التجاهل المتعمد يؤكد صحة المعلومات التي ترددت في هذا الصدد، من جهة، ويحول دون الحديث عن الغايات التي استقدمت هذه الاجهزة من اجلها، من جهة اخرى.

ورفضت الرئاسة استعمال بيان وزارة الاتصالات، عبارة السطو على كل الهبات التي وردت الى لبنان، ورأت انه امر معيب ولا يوجه الى رئاسة الجمهورية، بل الى من يعرفهم جيداً وزير الاتصالات، من الذين مارسوا السطو على مقدرات الدولة في ظل حكم الميليشيات، وعلى صندوق المهجرين، وفرضوا الخوات على اصحاب المؤسسات التجارية والسياحية وغيرها.

وفي هذا الاطار، اصدر وزير الداخلية حسن السبع، القريب من تيار الرئيس الراحل رفيق الحريري، قراراً بتشكيل جهاز مكلف اعتراض المخابرات الهاتفية يقوم «وبكل دقة بتنفيذ المهمات الموكلة اليه بموجب القانون، ووفقاً للآلية المحددة، وذلك بتطبيق كل الاحكام القانونية المتعلقة بهذا الامر». وكلف السبع قوى الامن الداخلي تأمين مكان اجتماع هذا الجهاز في احد مبانيها. ويتألف الجهاز من ممثلين لوزارة الداخلية ووزارة الدفاع ووزارة الاتصالات. ولم يتضمن القرار تمثيل جهاز الامن العام او المخابرات العسكرية، وهما الجهازان المتهمان من قبل المعارضة السابقة بممارسة التنصت.

وفي تعليق لاحق اعرب وزير الاتصالات مروان حمادة عن ارتياحه لقرار وزير الداخلية. وتساءل في دردشة مع الصحافيين، عقب مشاركته في اجتماع امني في القصر الحكومي، عما يوجد في الغرفتين «اس 12» و«اس 13» في القصر الجمهوري.