انتصارات حماس في الانتخابات البلدية تزيد من حالة البلبلة في فتح

مسؤولون في الحزب الحاكم يلقون بلائمة الهزيمة على أسلوب أبو مازن في اختيار المرشحين

TT

زادت الانتصارات الكبيرة التي حققتها حركة حماس في الانتخابات البلدية التي جرت اول من امس في عدد من المدن الفلسطينية الرئيسية امس، من حالة البلبلة داخل حركة فتح، الناجمة عن تسليم قائمتين انتخابيتين باسم الحركة احداهما تمثل القائمة الرسمية وتحمل اسم «العدالة الفلسطينية» والثانية تمثل جيل الشباب وتحمل اسم «المستقبل».

وألقى العديد من المسؤولين في الحركة باللائمة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) واسلوب ادارته للانتخابات فهو كما قال عضو بارز في المجلس الثوري لحركة فتح لـ«الشرق الاوسط»: «محاط بفريق من الموظفين وليس سياسيين، همهم الوحيد تسلم رواتبهم وتحسين مراكزهم ومواقعهم». واضاف المسؤول الفتحاوي «لولا موقعي التنظيمي لما أدليت بصوتي في هذه الانتخابات احتجاجا».

وقال مسؤول اخر: ان الطريقة التي وضعت فيها القوائم الانتخابية للمجلس التشريعي وادخال شخصيات مرفوضة جماهريا، أثر على معنويات النشطاء المحليين فقرر العديد منهم عدم الإدلاء بصوته، ورفض بعض المسؤولين الخوض في التفاصيل مبررين موقفهم هذا بان النتائج لم تعلن رسميا بل كلها نتائج اولية. ومن المقرر ان تعلن النتائج اليوم.

ووفقا للنتائج الاولية شبه المؤكدة فقد كانت المفاجأة الكبرى لحماس هي فوزها بـ 13 مقعدا من اصل 15 مجموع مقاعد المجلس البلدي لمدينة نابلس، بعد ان فازت بحوالي ثلاثة ارباع الاصوات، من مجمل الاصوات في الانتخابات المحلية التي جرت اول من امس. وأعلن المحامي عزمي طنجير رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات في المدينة أن قائمة «الإصلاح والتغيير» المحسوبة على حماس حصلت على 73.4% من أصوات الناخبين البالغ عددهم 33761 صوتا تمثل 69.3% ممن يحق لهم الاقتراع، في ما حصلت قائمة «فلسطين الغد» المحسوبة على حركة فتح على 4290 صوتا بنسبة 12.7% لتحصل على المقعدين الباقيين. وحصلت قائمة «العهد لنابلس» وهي قائمة تحالف بين فتح (المتمردة على الرسمية) والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على 2166 صوتا، وحصلت قائمة «المستقبل» وهي تحالف الجبهة الديمقراطية وفدا وحزب الشعب ومستقلين على 1140 صوتا، وحصلت قائمة الوفاء والتنمية، وهي قائمة تضم عددا من الشخصيات المستقلة، على 1386 صوتا، ولم تتمكن أي من الكتل الثلاثة الأخيرة من اجتياز نسبة الحسم والفوز بأي مقعد في المجلس البلدي.

وفي البيرة المتاخمة لرام الله فازت قائمة حماس بـ 72% من الاصوات. كما فازت قائمة حماس بـ 8 مقاعد من اصل 15 مقعدا في مدينة جنين، بينما فازت قائمة فتح بـ 6 مقاعد وفاز بالمقعد الاخير مستقل مقرب من فتح كما قال مسؤول فتحاوي. اما في مدينة رام الله فان النتائج الاولية تشير الى فوز قائمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وعزا عضو المجلس الثوري سبب الهزيمة النكراء التي منيت بها فتح في نابلس الى «ان 90% من انصار فتح قاطعوا الانتخابات تعبيرا عن الغضب على القيادة والقائمين على فتح. اضافة الى عدم ادلاء 22 الف ناخب باصواتهم».

ونقل عن مسؤول اخر القول «ان الخلافات داخل الأقاليم وفي الضفة الغربية هي احد الاسباب لهذا الفوز الكبير لحماس التي اثبتت وحدة تثير الاعجاب، اضافة الى قدرة تنظيمية عالية. لذلك يجب ألا نلوم سوى انفسنا».

وأكد المحامي طنجير أن الانتخابات جرت في جو هادئ ونزيه وتمت العملية من الساعة السابعة صباحا وحتى السابعة مساء دون أي مشاكل تذكر.

من جانبه وجّه الحاج عدلي يعيش رئيس بلدية نابلس القادم الشكر لكل أهالي وسكان مدينة نابلس على الثقة الغالية التي منحوها لقائمة الإصلاح والتغيير. وجدد يعيش ما تعهد به في الحملة الانتخابية ببذل أقصى الجهود لخدمة أهالي نابلس، مشيرا إلى أن قائمة الإصلاح والتغيير لا تملك عصا سحرية لتغيير الظروف الصعبة في نابلس وإنما لديها الإرادة والكفاءات اللازمة والالتفاف الشعبي الكبير حولها من اجل الإصلاح والتغيير، مؤكدا أن مدينة نابلس بحاجة إلى جهود كل أبنائها على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم وطوائفهم.

وعلى صعيد آخر قال مصدر في حركة فتح لـ«الشرق الاوسط» ان اللجنة المركزية للحركة، قررت تشكيل لجنة برئاسة هاني الحسن بصفته مسؤول التعبئة والتنظيم في الاراضي الفلسطينية لاعادة النظر في قائمتها، وثمة توجه حسب المصدر الى شطب 7 اسماء من القائمة وردت اسماؤهم في قائمة «المستقبل» التي وصفها المصدر بقائمة «دحلان» وهي قائمة المتمردين في فتح التي تضم ايضا الاسير مروان البرغوثي وجبريل الرجوب مستشار الامن القومي وقدورة فارس عضو اللجنة الحركية العليا لفتح وسفيان ابو زايدة وزير شؤون الاسرى. ووصفت قائمة «المستقبل» بانها انشقاق فعلي في فتح. ورغم ذلك فان شقي الحركة لا يعترفان رسميا بأن هذه الخطوة تشكل انشقاقا حقيقيا. فقد قال ناصر القدوة، وزير الشؤون الخارجية الذي قدم «العدالة الفلسطينية»، لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن هذا الأمر جلل، وإن الأمور ستعود الى مجاريها، خاصة أن الاخوان لم يقدموا أي اعتراضات، كما أنه ليس هناك ما يبرر ما قاموا به رغم الاعتراف بأن القائمة ليست مثالية». وهدد مصدر آخر في جانب اللجنة المركزية بأنه إذا بقي «المتمردون» في قائمة منفردة فإنهم بذلك يفضلون البقاء خارج «فتح»، وإذا سحبوا القائمة واختاروا العودة فأهلا وسهلا بهم».

وقال جبريل الرجوب الذي يحتل المركز الرابع في قائمة «المستقبل»: «إن خطوتنا ليست حركة انشقاقية، ولا خروجا عن الشرعية، وقائمة «العدالة الاجتماعية» ليست قائمة اللجنة المركزية لأن عددا كبيرا من أعضاء اللجنة لا يعرفون عنها شيئا. وأنا شخصيا حصلت على موافقة أمين سر اللجنة المركزية الأخ أبو اللطف (فاروق القدومي) قبل تسجيل قائمتنا».

لكن الرجوب الموجود في لندن للعلاج أضاف «إذا اجتمعت اللجنة المركزية وقررت احترام المعايير الانتخابية، فنحن ملتزمون بما تقره اللجنة ونتراجع عن خطواتنا. وإذا لم يتم ذلك فسنبقى مع الحركة ووحدتها وسنلتقي معا تحت قبة البرلمان (التشريعي الجديد) ولن نخرج على قيادتها ولا أطرها ولا تقاليدها».

وحسب الرجوب، فإن العديد من أعضاء اللجنة المركزية، أمثال أبو اللطف (فاروق القدومي) ومحمد غنيم ومحمد جهاد وسليم الزعنون ونصر يوسف وعباس زكي وهاني الحسن، لا يعلمون بأمر القائمة. وأشار مصدر آخر الى أن الطيب عبد الرحيم «غاضب وموجود في القاهرة».

غير ان ابو اللطف اصدر بيانا تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه قال فيه «اعلنا قبل ايام ان تشكيل هذه القوائم الانتخابية جرت بعيدة عن الاصول المرعية وفي اجتماعات جانبية لاعضاء اللجنة المركزية ومن دون علمنا. لذا فهو تصرف فردي غير ملزم لأحد». واضاف البيان «نحن لا نفرق بين ابناء فتح ولا نسمح بالفرقة بينهم. واننا ندعوهم جميعا الى الالتزام بالثوابت والاهداف».