نصف الإسرائيليين يؤيدون تقاسم القدس مع الفلسطينيين

هبوط في قوة شارون و74% يعتقدون بأن قادتهم السياسيين كذابون

TT

في الوقت الذي خرج حزب الليكود في اسرائيل بحملة اعلامية شرسة ضد رئيس الوزراء، أرييل شارون، يتهمه فيها بأنه يسعى الى طرح برنامج سياسي يفضي الى تقاسم القدس مع الفلسطينيين، فاجأ استطلاع رأي نشر أمس بأن حوالي نصف الاسرائيليين (49 %) يؤيدون التقاسم. ومع أن شارون نفى بشكل قاطع هذا الاتهام وقال ان القدس ستبقى موحدة الى أبد الآبدين، قال 56 % من المستطلعة آراؤهم إنهم مقتنعون بأن شارون لا يقول الحقيقة وانه سيطرح برنامجا يؤدي الى تقاسم المدينة.

وكانت قضية القدس قد علت لأول مرة في الانتخابات الاسرائيلية في سنة 1996، عندما خرج رئيس الليكود في حينه، بنيامين نتنياهو، بحملة ضد رئيس الوزراء، شيمعون بيريس، تحت العنوان «بيريس سيقسّم القدس». وقاد هذه الحملة أرييل شارون نفسه الذي عمل يومها تحت قيادة نتنياهو. واعتمد في ذلك الوقت على المحادثات التي سبقت وأعقبت اتفاقات أوسلو، وفيها توصل مفاوضون من الطرفين الى اتفاق، يقضي بأن تبقى القدس موحدة من الناحية البلدية ومفتوحة أمام مواطني الطرفين وفي الوقت نفسه يكون جزؤها الغربي عاصمة لإسرائيل وجزؤها الشرقي عاصمة للفلسطينيين. واعتبر غالبية الاسرائيليين التفريط بالقدس الشرقية أشبه ما يكون بالخيانة. وكان ذلك أحد أسباب سقوط بيريس في تلك الانتخابات. وعاد نتنياهو وشارون ليرفعا هذا الشعار في الحملتين الانتخابيتين اللاحقتين ضد ايهود باراك (1999 و 2001)، خصوصا ان باراك كان قد تفاوض مع الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، حول القدس في كامب ديفيد سنة 2000، وطرح الرئيس الأميركي، بيل كلينتون خطة تستند الى تفاهمات بيلين/أبو مازن وتقضي ببقاء القدس موحدة ولكن بحيث تكون الأحياء اليهودية في القدس الشرقية خاضعة للسيادة الاسرائيلية وعاصمة لاسرائيل والأحياء العربية خاضعة للسلطة الفلسطينية وعاصمة لدولة فلسطين وأن يكون حائط المبكى (البراق) والحي الأرمني في البلدة القديمة وكذلك الطبقات الواقعة تحت أرض البلدة القديمة خاضعة لاسرائيل وسيادتها، فيما تكون الأحياء الاسلامية والمسيحية خاضعة للسيادة الفلسطينية. وفي حينه فشلت تلك المفاوضات.

وظل اليمين يستخدم موضوع القدس رافعة لتحريضه على اليسار. وانجر حزب العمل، وراء الليكود في هذا الموقف، منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا.

وفي الأسبوع الأخير أثير موضوع القدس من جديد في المعركة الانتخابية الاسرائيلية، إذ نشرت صحيفة «نيوزويك» الأميركية مقابلة مع مستشار شارون لشؤون استطلاعات الرأي، كلمان غاير، قال فيها انه في ظروف معينة، فإنه لا يستبعد أن يتنازل شارون عن 90% من الضفة الغربية ويوافق على اعادة تقاسم القدس مع الفلسطينيين. ومنذ نشر المقابلة والساسة اليمينيون يديرون حملة طاحنة ضد شارون يثيرون فيها فزع الجمهور من تقسيم القدس، بدافع الاقتناع بأن الجمهور لا يمكن أن يرحم رئيس حكومته الذي يتنازل عن القدس. وبدافع الاقتناع نفسه، خرج شارون يدافع عن نفسه وينفي ما قاله مستشاره ويعتبره «كذبا حقيرا».

واثر ذلك أجرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية استطلاعا حول الموضوع فجاءت نتائجه مفاجئة. فقد انقسم الجمهور الاسرائيلي على نفسه بالتساوي، 49% يؤيد هذا التقسيم ونسبة مماثلة تعارضه. مما يعني ان الجمهور لم يعد يرى في التقسيم مشكلة. بل انه رغم ذلك يقول 56 % منهم ان شارون غير صادق وسيؤدي الى تقسيم القدس فعلا، فإن الغالبية منحته ثقتها من جديد. بل ان 74 % ممن استطلعت آراؤهم قالوا ان كل السياسيين الاسرائيليين كاذبون. ومن النتائج الأخرى للاستطلاع ان شعبية حزب شارون الجديد «كديما» هبطت لأول مرة في هذه المعركة الانتخابية من 41 الى 38 مقعدا (من مجموع 120 مقعدا في الكنيست) بينما استعاد حزب العمل برئاسة عمير بيرتس مقعدين كان قد خسرهما في الأسبوع الماضي فحصل على 23 مقعدا في استطلاع هذا الأسبوع. أما الليكود فحافظ على هبوطه الى 11 مقعدا (40 مقعدا في الانتخابات الاخيرة). وما زال نتنياهو يتمتع بأوفر الحظوظ للفوز برئاسة الليكود التي ستجري بعد غد.