الأمين العام للاتحاد الإسلامي : انضمامنا للتحالف الكردستاني في الانتخابات الماضية كان لتثبيت حقوق الكرد

بهاء الدين: أفكارنا موضع إعجاب كل من لم يقع في ورطة التعصب الشوفيني أو القومي أو الطائفي

TT

بالرغم من عمره التنظيمي القصير نسبيا، فإن الاتحاد الإسلامي الكردستاني الذي يرأسه صلاح الدين محمد بهاء الدين، بوصفه الأمين العام للحزب، يشكل القوة الثالثة في كردستان العراق بعد الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. وعدم انضمام الاتحاد إلى قائمة التحالف الكردستاني في الانتخابات، التي أجريت اول من أمس، أحدث بلبلة بين الأحزاب المنضمة إلى التحالف الكردستاني، وتساؤلات لدى الشارع الكردي حول سبب عدم انضمام الاتحاد والنتائج المترتبة عليه.. فمحاولة للإجابة على هذه التساؤلات وكشفا لملابسات ما حدث من مداهمات وحرق لبعض مقرات الاتحاد وقتل لبعض كوادره، حاورت «الشرق الأوسط»، بهاء الدين في المقر الرئيسي للاتحاد في أربيل عاصمة إقليم كردستان. وفي ما يلي نص الحوار:

> ما هي أسباب عدم انضمامكم إلى قائمة التحالف الكردستاني.. مع أنكم شاركتم في نفس القائمة في انتخابات يناير (كانون الثاني)؟ ـ في الحقيقة انضمامنا للتحالف الكردستاني في الانتخابات الماضية، كان في وقتها لأسباب تتعلق بمسألة الدستور ومشاركة كل القوى الكردية لتثبيت الحقوق القومية المشروعة للكرد، وللحيلولة دون عودة معاناة الكرد كما في السابق، وانضمامنا كان محددا للانتخابات السابقة فقط. أما الاستفتاء على الدستور فما كان بحاجة إلى تحالفات بين الأحزاب أو إلى قوائم انتخابية. وقد لاحظنا خلال العام المنصرم التعامل غير المنصف من قبل الحزبين الرئيسيين مع الأحزاب الكردية المشاركة في التحالف، فلم نرد أن يتكرر هذا مرة أخرى لأنه «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين». ونقطة أخرى، هي أننا رأينا أن الحقوق الكردية ثبتت في الدستور وليس هناك خوف من إضاعة هذه الحقوق، أي أننا لا نرى حاجة لتحالفات من هذا النوع.

من جهة أخرى لاحظنا أيضا الاقبال الضعيف على صناديق الاستفتاء في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للتصويت على الدستور، فلمسنا يأسا عند المواطن الكردستاني من جدوى المشاركة في اي استفتاء او انتخابات، لما رآه من عدم تلبية كل الطلبات والوعود التي انبنت عليها الحملة الانتخابية في الانتخابات السابقة، لذا رأينا بوصفنا قوة ثالثة في الساحة الكردستانية ان ننزل الى ساحة الانتخابات لوحدنا من دون الانضمام الى تحالف لا نراه مقدسا، ولسنا ملزمين بالبقاء فيه، وفي الوقت نفسه نعتبر المشاركة في الانتخابات واجبا وطنيا وشرعيا وتاريخيا.

> يتداول بين الجماهير الكردستانية أنكم تخوضون تجربة الانتخابات هذه المرة مع أحزاب إسلامية عراقية.. ما صحة هذا الأمر؟ وما هي طبيعة علاقاتكم مع تلك الأحزاب؟

ـ خلال السنوات الماضية كنا مع الحزبين الحاكمين في كردستان العراق في علاقة وطيدة، خاصة مع الديمقراطي الكردستاني، لمشاركتنا معهم في حكومة الإقليم في أربيل. وعلاقتنا مع الاحزاب العراقية الاخرى هي مثل علاقة الحزبين معهم.. أما الحزب الاسلامي العراقي فعلاقتنا حسنة جدا ووطيدة، ولكن ليست علاقة عضوية ولا تنظيمية، ونحن كنا الوسيط بين الحزب الإسلامي والحزبين الكرديين، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين لصالح السنة في العراق ولصالح الكرد أيضا. وليس عندنا أي تحالف مع أية جهة. ولو كان هناك شيء من هذا القبيل لانكشف لوسائل الإعلام وأعلن على الملأ.

> ولماذا لم تتحالفوا مع الجماعة الإسلامية في كردستان العراق وهي تشارككم في العمل الإسلامي وتنشط معكم في الساحة نفسها.. مع أن زعيمها الشيخ علي بابير، دعا إلى ذلك في حوار سابق له مع «الشرق الأوسط»؟

ـ نشكر الشيخ علي بابير على هذا التصور وعلى هذه الافكار وعلى الشعور الأخوي. ولكن الجماعة الإسلامية لها خصوصيتها ولنا خصوصيتنا. ورأينا أن مشاركتنا لوحدنا أفضل، ولا ننسى أن هذه المشاركة هي شيء اختباري. وأيضا رأينا أن ملفنا مع الحزبين الكرديين ملف لم تشبه أية خلافات عميقة، بخلاف الجماعة الإسلامية التي تختلف تجربتها عن تجربتنا في هذا المضمار. وفي استفتاء داخل الاتحاد حول هذه المسألة ارتأى الأخوة في الاتحاد الإسلامي، إجراء الانتخابات لوحدنا، لذا نحن ملتزمون بما يرتئيه الأخوة في داخل الاتحاد. ونتمنى الخير والموفقية للجماعة الإسلامية.

> هل من الممكن إلقاء الضوء على الملابسات التي أدت إلى ما حدث في دهوك من قتل لبعض كوادر حزبكم ومن حرق وسلب لممتلكات مقر الاتحاد هناك؟

ـ حمى الانتخابات معروفة لدى الجميع. وكان من المتوقع ان تحدث بعض المضايقات وبعض التصريحات غير الصحيحة، ولكن لم نتصور أن تصل الامور إلى هذا الحد. كنا قد سمعنا بصورة من الصور عن تصريحات ـ غير موثقة طبعا ـ لبعض المسؤولين في الحزبين، تنم عن نيات مبيتة ضدنا، فقلنا إننا سنعالج الأمور مع القيادة في الحزبين الرئيسيين، إلى أن سمعنا أن في دهوك تنظيمات شعبية تابعة للحزب الديمقراطي، تريد مداهمة المقر الرئيسي للاتحاد وتخريب الممتلكات فيه. فاتصل الاخوة بمكاتب الحكومة وببعض المسؤولين هناك ولكنهم نفوا هذا الشيء وقالوا لا يمكن أن يحدث هذا مع وجود حكومة وقانون لحماية المواطنين والأحزاب الشرعية. ولكن لما وصلت مجموعة من الشباب الغاضب، نتيجة التعبئة التحريضية بفكرة أن حزب الاتحاد الاسلامي خونة وأنهم خارجون عن الصف الكردي، وتجمعوا حول مقر الحزب، اتصل الاخوة مرة ثانية بالمسؤولين، فحضروا إلى هناك، ولكنهم عوضا عن تفريق الغوغاء والجماهير المتجمعة وتهدئة الوضع، قالوا إننا لا نستطيع فعل أي شيء، لذا عليكم انتم ان تخضعوا لمطالب المتجمهرين وانزال العلم الكردي من فوق مقركم وإجلاء المقر والتنازل عنه. فلم يقتنع مسؤول حزبنا بهذا الاجراء، فحدثت بينه وبين المسؤولين من الشرطة ورجال الأمن مشاجرة كلامية، نزع أحدهم إثرها مسدسه فأطلق النار على أربعة من كوادرنا، فقتل ثلاثة منهم وجرح اثنين احدهما إصابته بليغة في الرأس. حدث هذا كله على مرأى ومسمع من الناس والإعلام العالمي.. وتناقلت الأخبار اليوم (أمس) نشر «واشنطن بوست» خبرا مطولا عن هذا الحادث موثقا بالصور. هذا في دهوك أما في زاخو فما حدث كان هجوما مسلحا على مقرنا، أي أن المهاجم كان هو المسلح وليس من الجماهير أو أفراد التنظيمات الشعبية، فحدث قصف بالـ «آر بي جي» فقتل اثنان وجرح عدد من كوادرنا وسيق البقية الى المعتقل. وتكرر هذا السيناريو في العمادية وفي عقرة وفي برده رش وفي شقلاوة أيضا.

> هل هناك تحقيق جار حول كشف ملابسات هذا الحادث ومحاسبة المسؤولين عنه؟

ـ الأخ مسعود بارزاني رئيس الإقليم أصدر بيانا استنكاريا لما جرى، وأصدر أمرا بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق من مسؤولي المنطقة، لكننا عارضنا أن يكون أعضاء اللجنة من المسؤولين المحليين، باعتبار أنهم هم المتهمون في القضية بالتقصير في أداء واجبهم. ونحن بدورنا قدمنا مذكرة أبدينا فيها وجهة نظرنا لحل المشكلة وطالبنا فيها بتشكيل لجنة من غير المسؤولين المحليين وما زلنا ننتظر الرد.

> سمعنا عن قناة فضائية كان حزبكم ينوي إطلاقها في بداية شهر ديسمبر (كانون الاول) الحالي.. ولكن فجأة تناقلت وسائل الإعلام خبر الاستيلاء عليها ومصادرتها، على أنها مدعومة من قبل حزب الفضيلة التركي.. هل بالإمكان إعطاء فكرة عما جرى وعما هو جار بهذا الخصوص؟

ـ نعم العمل جار لإطلاق القناة الفضائية، ولكن البناية والاستوديوهات غير مكتملة، ولم يكن هناك أي قرار حول إطلاقها في ديسمبر. ولم يحدث أي اعتداء في أربيل على مقر الفضائية. وكان هذا افتراء أشيع سابقا ونفيناه في وقته. أما الافتراء حول أن تكون مدعومة من قبل حزب الفضيلة التركي، فلا يوجد أي حزب في الساحة التركية بهذا الاسم ويبدو أن الذي يختلق الأكاذيب لا يعلم بالتطورات السياسية ومجريات الأحداث في تركيا. ونحن لا ننكر أن لنا علاقة طيبة مع حزب العدالة والتنمية التركي، ولكن ليس لهذا الحزب أي دخل تمويلي أو تنظيمي في قضايانا.

> ما هي توقعاتكم لنتائج الانتخابات هذا العام في ما يخص حزبكم؟

ـ الاتحاد الإسلامي لا يدعي الكثير، وإنما يريد أن يطلق مشروعا وطنيا يحقق لشعبنا الاستقرار والأخوة والعيش المشترك ونبذ التعصب وكل المسائل التي تؤدي إلى تمزيق الشعب العراقي. وندعو أيضا إلى حل للقضية الكردية العادلة والحل في رأينا هو الفيدرالية التي تم تثبيتها في الدستور.

> هل لكم من المؤيدين في خارج كردستان العراق ما يوازي أو يقارب نسبيا عدد المؤيدين في الداخل؟

ـ في الحقيقة لا توجد لدينا إحصائية في هذا المجال.. قد يكون لدينا مؤيديون، حالنا كحال باقي الأحزاب الأخرى، وما حدث في دهوك قد يجلب لنا متعاطفين أكثر. أما أفكارنا وأدبياتنا فهي موضع التأييد والإعجاب لكل الذين لم يقعوا في ورطة التعصب الشوفيني أو القومي أو الطائفي.