خبراء اتصالات أميركيون: وكالة الأمن القومي لا يمكنها تحديد المكالمة خارجية أم داخلية

استقالة قاض أميركي احتجاجا على الكشف عن برنامج التنصت السري

TT

استقال قاض فيدرالي اميركي امس من اعضاء محكمة مخولة السماح بعمليات تنصت، قدم استقالته احتجاجا على الكشف عن برنامج التنصت السري الذي سمح به الرئيس الاميركي جورج بوش بحسب ما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

واستقال القاضي جيمس روبرتسون مساء الاثنين من محكمة مراقبة الاستخبارات الاجنبية التي هو عضو فيها منذ 11 سنة والتي اعتبر ان سمعتها تلطخت بسبب هذه القضية، حسبما نقلت الصحيفة عن شخصين قريبين من القاضي.

وتأتي هذه الاستقالة بعد اعتراف الرئيس الاميركي في نهاية الاسبوع الماضي بانه سمح لوكالة الأمن الوطنية ومن دون تفويض بالتنصت على مكالمات هاتفية ومراقبة رسائل إلكترونية في الولايات المتحدة والخارج في اطار محاربة الارهاب.

واصر البيت الابيض اول من امس على التاكيد ان عمليات التنصت من دون تفويض في الولايات المتحدة هي مشروعة وليست بحاجة الى اذن من محكمة مراقبة الاستخبارات الاجنبية.

وذكرت ان خطاب الاستقالة لم يتضمن اي تفسير لقرار التنحي، واضافت ان روبرتسون رفض التعليق حين تم الاتصال به أمس.

واضافت صحيفة «واشنطن بوست» ان روبرتسون يعتبر قاضيا ليبراليا اصدر في كثير من الاحيان احكاما ضد تأكيدات الادارة الأميركية على حاجتها لسلطات واسعة في حربها ضد الارهاب.

وتابعت الصحيفة ان الكشف عن اجازة بوش التجسس على أميركيين يشتبه في صلتهم بالارهاب من دون الحصول على تفويض قضائي اثار جدلا كبيرا بين القضاة الاتحاديين ومن بينهم عدد من قضاة محكمة مراقبة الاستخبارات الاجنبية.

من جانب آخر تمكن برنامج تنصتي، لا يستند إلى إذن قانوني، وحظى بموافقة الرئيس بوش أن يسجل فقط محادثات عائلية بحتة في بعض الحالات على الرغم من طلب البيت الأبيض بأن تكون أية محادثة يجري التنصت عليها في خارج الولايات المتحدة حسبما قال مسؤول حكومي.

وقال مسؤولون إن تنصت وكالة الأمن القومي على عدد قليل من الأفراد داخل الولايات المتحدة وقع بشكل عرضي وكان سببه يعود إلى مشاكل تقنية عانت منها وكالة الأمن القومي في تحديد ما إذا كانت المحادثات «دولية» حقا أم غير ذلك.

لكن خبراء الاتصالات الهاتفية يقولون: «إن ذلك يثير أسئلة لوجستيكية حول البرنامج، ففي وقت أصبحت شبكات الاتصالات أكثر فأكثر دولية يكون عسيرا حتى بالنسبة لوكالة الأمن القومي أن تحدد ما إذا كان الشخص موجودا داخل الولايات المتحدة أو خارجها أو متى عمل مكالمة على هاتفه الجوال أو بعث برسالة إلكترونية، ونتيجة لذلك فإن الأفراد الذين قد تظن وكالة الأمن القومي أنهم خارج الولايات المتحدة هم في حقيقة الأمر داخلها».

ودخل ديك تشيني نائب الرئيس طرفا في الحوار الدائر حول شرعية البرنامج أول من أمس، معتبرا البرنامج بأنه جزء من جهود الإدارة لفرض سلطات رئاسية أوسع.

وصرح بوش وكبار المسؤولين في ادارته بان سياسة اجازة التنصت على محادثات هاتفية دولية ورسائل البريد الإلكتروني لأميركيين يشتبه في صلتهم بالارهاب من دون الحصول على اذن قضائي هي سياسة قانونية وضرورية للاسهام في حماية البلاد بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول) عام 2001.

لكن ما حدث على سبيل المثال وفي حالة واحدة على الأقل أن هناك شخصا ما استخدم هاتفه الدولي وساد ظن بأنه خارج الولايات المتحدة حينما كان في حقيقة الأمر يجري اتصالا داخل الوطن. وقال مسؤولون تحدثوا بشرط عدم الكشف عن أسمائهم عن عدد الحالات التي وقع فيه هذا الخطأ فقدروه بجزء صغير جدا من العدد الكلي للمكالمات التي وافق الرئيس بوش التنصت عليها من دون إذن قانوني. وبشكل عام فإن البرنامج استخدم لغرض التنصت على ما يقرب من 500 شخص في أي وقت كان، لكن هذا العدد ازداد إلى عدة آلاف خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وأكد الرئيس بوش ومساعدوه الكبار أن القرار كان يشمل فقط الحالات التي يكون فيها أحد الطرفين المتحادثين موجودا خارج التراب الأميركي.

كذلك شدد ألبرتو غونزاليس وزير العدل الأميركي على أن القرار ينطبق فقط على الاتصالات الدولية، وقال إن «الناس يتراكضون هنا وهناك وهم يرددون بأن الولايات المتحدة تتجسس بطريقة ما على مواطنين أميركيين أثناء تحدثهم هاتفيا مع جيرانهم، إنه من المهم جدا فهم أن أحد طرفي أية محادثة يجب أن يكون مقيما خارج الولايات المتحدة».

ولم تصدر إدارة بوش بعد أية إرشادات استخدمتها وكالة الأمن القومي في تحديد من هو المشتبه في ارتباطه بالقاعدة وقد يكون هدف هذا البرنامج. وقال الجنرال مايكل هايدن مدير الوكالة السابق إن تحديد ذلك كان من قبل أشخاص ميدانيين في الوكالة و«يجب أن يتم التوقيع عليه من قبل المسؤول المباشر عنه»، مع مراقبة تتم من قبل مسؤولين يعملون في الوكالة ووزارة العدل وفي دوائر أخرى.

لكن التساؤلات ذات الطابع القانوني والميداني المتعلقة بالبرنامج دفعت الإدارة الأميركية في السنة الماضية لتعليقه مؤقتا ووضعت محله قيودا أكثر صرامة على الإجراءات المستخدمة للتركيز على المشتبه فيهم حسبما قال بعض الأشخاص المطلعين عن قرب بالبرنامج. كذلك أثار القاضي، الذي يشرف على المحكمة السرية المسؤولة عن منح الاذون القانونية، المخاوف حول جوانب البرنامج، وقادت المخاوف إلى جلسة استماع سرية لكنها لم تكشف عن وقوع أية تجاوزات في التركيز على المشتبه فيهم أو على الحالات التي تم فيها التنصت إلى مكالمات هي محلية محض، حسبما قال مسؤولون على إطلاع بالكشوف السرية.