اتفاق أوروبي ـ إيراني على مواصلة المحادثات.. من دون التوصل إلى حل نهائي

طهران تتمسك بحقها في تخصيب اليورانيوم ولندن تعتبر موقفها «متحدياً»

TT

انتهى يوم طويل من المحادثات بين دبلوماسيين اوروبيين وايرانيين أمس بالاتفاق على اطلاق جولة جديدة من المحادثات، من دون التوصل الى اطار جديد لاطلاقها. واستأنف الأوروبيون محادثاتهم مع ايران أمس في فيينا في محاولة لحل الأزمة حول الملف النووي الايراني الذي يزداد تعقيداً مع الاصرار الايراني على تخصيب اليورانيوم في ظل الرفض الاوروبي والاميركي للسماح بذلك. وقبل ان تبدأ المباحثات كثرت التصريحات من طهران بأنها لن تتخلى عن نشاطها النووي، ما اعتبرها مصدر دبوماسي ايراني «متحدية» بعدما كررت اوروبا ضرورة وقف العمل النووي الايراني لبدء مباحثات رسمية.

وهدفت جولة المفاوضات الجديدة بين المسؤولين في وزارات خارجية دول الترويكا الاوروبية (فرنسا والمانيا والمملكة المتحدة) الى تحديد الاطار الذي يفترض ان تجري فيه المفاوضات، الا انها انتهت مع التصريح بأن المفاوضات ستستأنف في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل. وكانت ايران علقت انشطة التخصيب في أكتوبر (تشرين الاول) 2003 لكنها استأنفت تحويل اليورانيوم، الذي يسبق التخصيب، في اغسطس (آب) الماضي، ما ادى الى قطع المفاوضات مع الاوروبيين.

واعلن عن اعادة المفاوضات في العام المقبل بعد خروج الوفود الدبلوماسية من الجولة الثانية من المحادثات في السفارة الايرانية في العاصمة النمساوية، بعدما عقدت الجولة الاولى في السفارة الفرنسية. وصرح رئيس الوفد الايراني مساعد الشؤون الدولية للمجلس الأعلى للأمن القومي جواد فايدي بأنه اتفق مع الاوروبيين على «مواصلة محادثاتنا في يناير هنا في فيينا»، مضيفاً ان أجواء المباحثات «جيدة». وقال فايدي في تصريح لوكالة الانباء الايرانية في فيينا إن الجانبين تناولا وجهات نظرهما حول نشاطات ايران ‌النووية. وأضاف ان هذه الجولة من المباحثات «كانت فرصة طيبة لاطلاع الجانبين على وجهات نظر أحدهما الآخر».

ومن جانبه، قال المدير السياسي لوزارة الخارجية الفرنسية ستانيسلاس دو لابولاي ان «الطرفين عرضا مواقفهما بشكل منفتح وبصراحة». واضاف: «اتفق الطرفان على التشاور مع مسؤوليهما لعقد جولة جديدة من المفاوضات في يناير تهدف الى تحديد اطار للمحادثات» وختم «كان يوم عمل جيدا وبناء جداً وودياً».

وكانت ايران حريصة على ابداء تمسكها بحقها في تخصيب اليورانيوم قبل ان تبدأ المحادثات أمس. وقبل بدء التشاورات صرح وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي من طهران أمس للصحافيين بأن ايران ستصر على حقها في تخصيب اليورانيوم على اراضيها. وقال الوزير الايراني «من الطبيعي ان يكون الحديث عن تخصيب (اليورانيوم) بهدف انتاج وقود (للمحطات) النووية معناه ان تتم عمليات التخصيب ودورة الوقود النووي على أراضينا». واعتبر ان المفاوضات يجب ان تتناول محورين: «عدم تحويل نشاط ايران النووي لاهداف عسكرية وضمانات من الطرف الاخر لإقرار حق ايران في امتلاك التكنولوجيا النووية المدنية». ومن جهته دافع رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام اكبر هاشمي رفسنجاني عن حق ايران في تخصيب اليورانيوم. وفي تصريحات تناقلتها الصحف الايرانية اكد رفسنجاني «اننا جديون كثيرا وصارمون ومصممون على الاستفادة من حقنا في استخدام سلمي للطاقة النووية ودورة الوقود».

واعلن الناطق باسم المجلس الاعلى للأمن القومي حسين انتظامي أمس ان ايران تريد البحث في جدول زمني محدد لاستئناف انشطتها لتخصيب اليورانيوم خلال مفاوضاتها مع الاوروبيين. وقال انتظامي للاذاعة الرسمية: «من وجهة النظر الايرانية، موضوع المفاوضات هو رفع تعليق انشطة معالجة اليورانيوم وذلك يجب ان يحصل حسب جدول زمني محدد». ويرفض الغربيون تخصيب طهران اليورانيوم على اراضيها خوفاً من استخدام العملية لصنع القنبلة الذرية. وقال الناطق الايراني «نرحب بكل ضمانات لحق ايران، ان يتم التخصيب على الارض الايرانية ومن قبل تقنيين ايرانيين، لكننا لا نصر على اعتماد ضماناتنا الخاصة». وكان هذا التصريح اشارة الى الرفض الايراني للاقتراح الروسي لتخصيب اليورانيوم الايراني على اراضيها واعادته وقوداً الى ايران. وصرح دبلوماسي اوروبي لـ«رويترز» ان «العمل الدبلوماسي الحقيقي في هذه اللحظة هو محاولة اشراك روسيا حتى نستطيع رفع هذه المسألة الى مجلس الامن». وتتمتع روسيا بحق الفيتو في مجلس الامن وتقوم ببناء اول مفاعل نووي ايراني لانتاج الطاقة وتقول انه لا توجد مؤشرات على سعي ايران الى انتاج اسلحة نووية. وقد عرض الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان تساهم شركات اجنبية في انشطة التخصيب لتجنب تحويلها لغايات عسكرية، الا ان الاوروبيين لم يبحثوا هذا الاقتراح. واعتبر مسؤول في وزارة الخارجية البريطانية اصرار ايران على مواصلة تحويل اليورانيوم واحتمال تخصيبه «متحدية»، مما يجعل التوصل الى اتفاق على اعادة المفاوضات مع الايرانيين صعباً. وقال المسؤول لـ«الشرق الأوسط» ان محادثات أمس تبعت تبادل رسائل بين مسؤولين ايرانيين واوروبيين لحل الازمة حول الملف النووي الايراني. وأضاف ان هناك «فقدان ثقة في البرنامج النووي الايراني والعالم يحتاج الى المزيد من الثقة فيه». ورأى الدبلوماسي ان المحادثات هي الخطوة التي حث عليها مجلس امناء وكالة الطاقة الذرية الدولية في تقريره الاخير لمحاولة اعادة الثقة في البرنامج النووي الايراني. وشرح ان في حال فشل المحادثات بتحقيق ذلك، سيرفع الملف الايراني الى مجلس الأمن الدولي، ما سيؤدي الى المزيد من التصعيد بين الطرفين. ويأتي تصلب الموقف الايراني في الوقت الذي اثار الرئيس محمود احمدي نجاد ضجة دولية بتصريحاته المعادية لاسرائيل والتي دعا فيها الى شطب الدولة العبرية عن الخارطة. وأوضح مصدر دبلوماسي اوروبي لـ«الشرق الأوسط» ان «التصريحات الاخيرة ضد اسرائيل لم تساعد الجو السياسي للمحادثات».