استئناف محاكمة صدام بغياب كلارك.. والمحامي القطري يعرض «مأساة» وجوده في بغداد

الرئيس المخلوع صلى الظهر جلوسا على كرسيه بينما الشاهد يروي قصص التعذيب التي كابدها مع أفراد عائلته

TT

بغداد ـ وكالات الأنباء: استؤنفت أمس محاكمة الرئيس العراقي السابق وسبعة من معاونيه أمام محكمة عراقية خاصة بحضور صدام حسين والمتهمين السبعة الآخرين وكامل فريق الدفاع في قضية مقتل 148 من سكان بلدة الدجيل الشيعية (شمال بغداد) واعتقال وتعذيب آخرين وتجريف بساتينهم بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق خلال مرور موكبه في البلدة عام 1982.

وبدأت الجلسة أمام المحكمة الجنائية العراقية العليا، وهي السادسة من جلسات المحاكمة، عند الساعة 11.29 بالتوقيت المحلي (8.29 بتوقيت غرينيتش). وكما في الجلسات السابقة كان صدام آخر المتهمين الداخلين الى القاعة وقد ارتدى بدلة زرقاء غامقة وقميصا أبيض من دون ربطة عنق، وقال عند دخوله القاعة ممسكا بنسخة من القرآن الكريم «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» وهو ينظر باتجاه المتهمين السبعة وفريق الدفاع الذين وقفوا له.

وبعد أن أعلن رئيس المحكمة القاضي، رزكار محمد أمين، بدء الجلسة، نودي على المتهمين بالدخول إلى قاعة المحكمة وهم طه ياسين رمضان نائب الرئيس السابق، وبرزان إبراهيم التكريتي الأخ غير الشقيق لصدام ورئيس جهاز المخابرات وقت الحادث، وعواد حمد البندر رئيس «محمة الثورة» التي أصدرت أحكام الإعدام ضد الضحايا، وعلي دايح علي، وعبد الله كاظم رويد، ومظهر عبد الله كاظم رويد، من مسؤولي حزب البعث في الدجيل، إضافة الى صدام حسين.

واستهلت المحكمة بمساجلة بين برزان والقاضي أمين حول إفادات الشهود بشأن تجريف البساتين في الدخيل، فقد أقر برزان بتجريف بساتين في الدجيل ولكنه طلب النظر في ما قال إنه تجريف جرى في السنتين الأخيرتين لبساتين في بغداد وخارجها، في إشارة الى نشاطات للقوات الأميركية، إلا أن القاضي اعتبر أن هذه القضية لا صلة لها بقضية المحاكمة. ثم طلب المحامي القطري نجيب النعيمي، أحد أعضاء فريق الدفاع عن صدام، تسجيل ملاحظاته وقال «نريد أن نعبر لكم عن مأساة وجودنا عندما حضرنا إلى هذه الجلسات، لقد تم تهديدنا ونحن في المطار وتم إحضارنا من المطار إلى منزل لا تتوفر فيه المستلزمات الضرورية». وأضاف «نحن لا نستطيع أن نستمر في هذه المحكمة في الجلسات القادمة مع وجود انعدام الأمن».

وكان النعيمي قد صرح بأنه سيطلب في هذه الجلسة تأمين المزيد من الأمن والحماية له، مهددا بمقاطعة الجلسات المقبلة في حال لم تتأمن الحماية للمحامين. ولم يحضر وزير العدل الأميركي الأسبق رامزي كلارك، وهو أحد أعضاء هيئة الدفاع عن صدام، جلسة أمس بعدما أعلن أن عدم حضوره يعود لعدم ثقته بالإجراءات الأمنية المتخذة لحماية فريق الدفاع.

وقتل محاميان من هيئة الدفاع عن صدام حسين منذ بدء محاكمته في 19 اكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكان الشاهد الأول في جلسة أمس هو علي محمد حسن الحيدري ،37 عاما، الموظف الإعلامي في مؤسسة شهيد المحراب الشيعية التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بزعامة عبد العزيز الحكيم ويترأسها ابنه عمار الحكيم الشخص الثاني في المجلس بعد أبيه. وتحدث الحيدري عن عملية اعتقاله هو وعائلته التي أعدم عدد من أفرادها بعد أحداث الدجيل.

وقال إنه اعتقل هو وإخوته وأخواته السبعة ووالداه في مقر المخابرات مدة 70 يوما.

وأضاف «تعرضنا لشتى أنواع التعذيب نساء ورجالا، ومنها الصدمات الكهربائية، والذي كان يدخل غرف التعذيب على قدميه كان يخرج وهو محمول في بطانية». وتابع «عانينا الجوع والعطش والمرض واستهتار الحراس ولم نشبع يوما هناك». وأوضح «عمري كان 14 عاما ولم يحقق معي ولو مرة واحدة ولم أقدم لأي قاض أو مسؤول».

وكان صدام حسين في هذه الأثناء يسجل ملاحظاته باهتمام، فيما بدت على وجه برزان التكريتي، الأخ غير الشقيق لصدام، علامات الغضب.

وأكد الحيدري الذي قال إنه سجن أربعة أعوام نقل بعدها الى سجن أبو غريب (غرب بغداد) حيث عانى هو وأفراد عائلته الظروف نفسها لعدة شهور قبل أن ينقلوا الى صحراء في منطقة ليا في محافظة المثنى (السماوة) على بعد 250 كيلومترا جنوب بغداد.

وقال«شاهدت عددا من أفراد أسرتي هناك ومن بينهم أمي وقد تغيرت ملامحها، والتي كنت اعتقد انه تم إطلاق سراحها». وأضاف «بقينا في هذه الصحراء أقل من ثلاث سنوات». وتدخل صدام حسين مطالبا رئيس المحكمة بالسماح له وللآخرين بأداء صلاة الظهر، فرد عليه القاضي «سنكمل الاستماع لإفادة الشاهد».

وقام صدام حسين حينئذ بالاتجاه نحو القبلة وأدى الصلاة وهو جالس لحوالي عشر دقائق، فيما كان الشاهد يواصل الإدلاء بإفادته.

وبعد انتهاء الشاهد من إفادته وجه أعضاء الدفاع عن صدام حسين أسئلة إلى الشاهد للتحقق من بعض المعلومات الواردة في شهادته، وخاصة ما يتعلق بقصف المدينة والبساتين بالمدفعية والطائرات ومشاهدته عمليات قتل عدد من المعتقلين في المعتقلات.

وقال المتهم عبد الله كاظم رويد، الذي يعاني من ضعف في السمع «لا توجد لي مشاكل مع عائلة الشاهد، وأنا ليست لي علاقة بما تعرضوا له بعد أحداث الدجيل وتربطني بهم علاقات أسرية وأستغرب مما ورد في إفادته بشأن قيامي باعتقال إحدى شقيقاته وهو عار من الصحة».

من جانبه دافع برزان عن صدام والإجراءات التي اتخذت بعد محاولة اغتياله الفاشلة في الدجيل، مؤكدا أن كل ما قاله الشهود «ملفق وكاذب».