البوسنة: اعتقال ثلاثة متهمين صرب بارتكاب جرائم حرب ضد البوشناق

132 جنديا إيطاليا عملوا في البوسنة وكوسوفو مصابون بالسرطان وأمراض غريبة

TT

اعتقلت الشرطة المحلية في شرق البوسنة ثلاثة متهمين صرب بارتكاب جرائم حرب حيث لا تزال آثار المأساة البوسنية تلقي بظلالها على المشهد العام في القارة الاوروبية، وأعلنت السلطات الألمانية أنها تجري تحقيقات حول ما أشيع عن أن جنودها استخدموا كجواسيس في البوسنة في ثياب صحافيين. فيما تتضاعف مأساة الجنود الايطاليين الذين عملوا في البوسنة وكوسوفو أثناء الحرب، بعد ظهور أعراض مرضية تؤكد إصابتهم بالسرطان وأمراض غريبة. ويسابق المجتمع الدولي الزمن لتطبيع الاوضاع في البوسنة من خلال ارساء قواعد الاستقرار، وبناء الدولة البوسنية. وفي هذا السياق أكد السفير الاميركي دوغلاس ميكلهاني على أنه «من المهم أن يكون للبوسنة صوت واحد» بينما تعمل بلغراد على بحث سبل التعاون مع محكمة لاهاي، رغم كل الاخفاقات المعترف بها، على صعيد اعتقال وتسليم الجنرال راتكو ملاديتش المتهم بارتكاب جرائم حرب، إلى محكمة لاهاي الدولية. من جهة أخرى اعتقلت السلطات الامنية في منطقة لوبيي قرب بريدور، شرق البوسنة، أمس ثلاثة متهمين صرب بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين البوشناق أثناء الحرب. ووفقا لمعلومات أدلاها ماتيتش أيضا، فإن الشرطة المحلية اعتقلت شخصا رابعا متهما بارتكاب جريمة قتل سنة 2004 . وأكد الناطق باسم الشرطة المحلية في بنيالوكا رادي ماتيتش لوسائل الاعلام اعتقال المتهمين الثلاثة بارتكاب جرائم حرب، وقال إنه وقع تسليمهم للمحكمة المختصة، ولم يرد ماتيتش الاسترسال في حديثه لوسائل الاعلام، أو ذكر أسماء المتهمين لأسباب تتعلق بطبيعة التهم. وفي سياق آخر تجري السلطات الالمانية تحقيقات مستفيضة حول معلومات أفادت بأن الجنود الالمان مارسوا عمليات تجسس في ثياب صحافيين لجمع معلومات عن ستة جزائريين اتهموا بمحاولة تفجير السفارة الأميركية في سراييفو سنة 2001 . على صعيد آخر بلغ عدد الجنود الايطاليين الذين عملوا سابقا في البوسنة وكوسوفو، والمصابين بالسرطان وأمراض غريبة، 132 جنديا، مات منهم حتى الآن 25 فردا . ويبحث البرلمان الإيطالي إجراء تحقيقات حول هذا الأمر الذي لم يلق العناية الكافية، وفق ما صرحت به الضحايا لوسائل الاعلام. وتعاني البوسنة من آثار الحرب التي استمرت قرابة 4 سنوات (من 6 أبريل 1992 إلى 21 نوفمبر 1995)، ومن ذلك آثار اليورانيوم المخصب في 21 مكانا في طول البلاد وعرضها ولا سيما محيط سراييفو، وهي أماكن قام فيها حلف شمال الأطلسي بانزال قنابل، أو اجراء تجارب، ولا سيما سنة 1995، مما كان له انعكاسات سلبية على صحة المواطنين الفقراء، وأخطار محدقة بعشرات الآلاف من السكان الذين يجهلون سبل الوقاية من الوحش الرابض في ساحتهم، منذ أكثر من 10 سنوات. وحسب ما أعلن في البوسنة أمس فإن البرلمان سيبحث هذه القضية في مطلع العام المقبل، ويسعى لايجاد الحلول للتغلب على الآثار المدمرة لليورانيوم على صحة الانسان والحيوان.

من جهة أخرى قالت صحيفة «فيتشرني ليست» الكرواتية أمس نقلا عن مصادر مطلعة إن عدة مواقع حول سراييفو لا تزال مترعة بالاشعاعات السامة لليورانيوم المخصب. وكان حلف شمال الأطلسي قد قصف سنة 1995 عدة مواقع عسكرية لصرب البوسنة، ولا سيما في منطقة حاجيتش (25 كيلومترا جنوب غربي سراييفو) وذكرت الصحيفة أن حلف شمال الاطلسي (الناتو) أكد على وجود اليورانيوم المخصب في 15 موقعا، منها 5 مواقع سلمت الوثائق المتعلقة بها للجهات المختصة في البوسنة. إلا أن 6 مواقع أخرى ـ والكلام للصحيفة ـ لم يقدم عنها الحلف أي معلومات تذكر. وكان وفد برلماني بوسني قد أكد على وجود 15 موقعا موبوءا باليورانيوم المخصب في مقدمتها منطقة حاجيتش، وهان بياسكا شرق البوسنة، وهما أكبر موقعين استخدم فيهما «الناتو» اليورانيوم المخصب، إضافة لثلاثمائة نوع من المواد الخطرة. ويجد السكان أنفسهم عاجزين عن مواجهة الاخطار المحدقة بهم، كما يجهلون كيفية مواجهة الاوضاع التي يجدون أنفسهم ضحايا في خضمها. وقد كونت لجنة طبية لدراسة أسباب إصابة الكثير من السكان الصرب القدامى في حاجيتش بالسرطان وأمراض أخرى ، حيث لم تثبت التحليلات المخبرية علاقة تلك الامراض باليورانيوم المنخصب، إلا أن تلك الامراض منتشرة بشكل ملحوظ بين السكان الذين قصفت مناطقهم باليورانيوم المخصب خلافا لبقية السكان في المناطق الاخرى. وكان عدد من الجنود الايطاليين قد لقوا حتفهم بعد عودتهم لايطاليا في ظروف صحية غامضة، ولا يزال الكثير منهم يعاني من أعراض مرضية لم تعترف بها السلطات الايطالية كنتيجة للتعرض لليورانيوم المخصب. وقال جنود ايطاليون سابقون في شهاداتهم إنهم كانوا يتعاملون مع اليورانيوم المخصب بدون أي حماية أو وقاية، وقال الجنود الإيطاليون إنهم وجدوا جنودا أميركيين يرتدون الملابس الواقية، وعندما سألوا قادتهم العسكريين عن سبب ذلك قالوا لهم «هذا نوع من الطرف الاميركي». وكانت السلطات الصربية قد طالبت سكان جنوب صربيا بعد قصف حلف شمال الاطلسي لمصنع كيمياوي في المنطقة سنة 1999 بعدم الانجاب لمدة 5 سنوات، لوجود مواد تشبه اليورانيوم المخصب في مواد المعمل. ومع ذلك انتشر السرطان بين السكان. ويعتقد أن القوات المجرية التي كانت تعمل ضمن قوات الناتو في البوسنة استخدمت محلا في شمال غربي البوسنة كمستودع للذخيرة التي تحتوي على اليورانيوم المخصب، ويشكو سكان تلك المنطقة من انتشار السرطان وأمراض أخرى في أوساطهم. من ناحية ثانية أعرب السفير الاميركي في البوسنة دوغلاس ميكلهاني عن اعتقاده بأن «تغيير الدستور محطة مهمة في تاريخ البوسنة لا بد من الوصول إليها، ونعتقد بأننا سندركها» وتابع «من المهم أن يكون للبوسنة صوت واحد، وهذا ما نحن مستمرون في تحقيقه» وقال «الولايات المتحدة تدعم بقوة تغيير الدستور في البوسنة ، لان انتخاب رئيس واحد للبلاد أمر ضروروي لمستقبلها في الاتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي» . وفي سياق آخر نفى وزير الدفاع الصربي زوران ستانكوفيتش معرفته بالجهات التي تقوم بمساعدة الجنرال راتكو ملاديتش على الفرار والتخفي. وأكد حرص بلغراد على اعتقاله في حالة لم يقنع بالاستسلام ، مشيرا إلى أن الجهات المختصة تعمل على الالتزام بتعهداتها الدولية .