آسيا تحيي ذكرى مرور عام على كارثة تسونامي

سقوط أكثر من 230 ألفا بين قتيل ومفقود في 13دولة مُطِلة على المحيط الهندي

TT

أحيا ناجون من الأمواج العاتية التي ضربت سواحل المحيط الهندي وأسر وأصدقاء ضحايا سقطوا في تسونامي أمس ذكرى مرور عام كامل على واحدة من أسوأ الكوارث التي شهدها العالم. وتجمع هؤلاء في مساجد وكنائس وعلى الشواطئ لإحياء ذكرى أكثر من 230 ألف قتيل جرفتهم الأمواج خلال لحظات في السادس والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) 2004.

وبدأ إحياء الذكرى رسميا في اندونيسيا حيث ترأس الرئيس سوسيلو بامبانغيويودونو المراسم في الساعة 10:10 بالتوقيت المحلي وهو الوقت نفسه الذي ضربت فيه أولى الأمواج الشاطئ، مما أدى إلى سقوط حوالي 186 ألف قتيل في إقليم اتشيه، كما جاء في رويترز.

وقال في بندا اتشيه في موقع قريب من مسجد أولي لو المبنى الوحيد الذي لم يدمر في المنطقة «لننحن رؤوسنا بصمت ونصلي من اجل مئات الآلاف من الذين فقدوا حياتهم».

وذكر يودويونو عدد القتلى في 12 بلدا ضربتها الأمواج بعد أقوى زلزال وقع قرب جزيرة سومطرة الاندونيسية. واضاف يودويونو أمام حشد ضم حوالى 500 شخص بينهم ممثلون عن حوالى 12 بلدا أجنبيا «نجتمع اليوم من اجل الذين يعانون وفي ذكرى النساء والرجال الطيبين وكل الأطفال الذين فقدوا في البحر».

وحيا يودويونو «الناجين على قوتهم وشجاعتهم». وقال «انكم تذكروننا باستمرار ان الحياة رائعة وتستحق الكفاح من اجلها».

ووجه الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي انان، كلمة إلى الحشد من نيويورك مباشرة عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة (فيديو كونفرنس) أكد فيها ان تحديات كبرى يجب مواجهتها بعد هذه الكارثة.

وقال انان ان «أياما أصعب آتية». وأضاف ان «معيلي الأسر بحاجة ماسة الى المساعدة لكسب قوتهم ومئات الآلاف من العائلات تحتاج الى مسكن دائم والقرى يجب اعادة بنائها بالكامل». الا ان انان اشار الى «تقدم كبير في مجالات عدة» بعد عام على الكارثة. واكد ان «الاطفال عادوا الى المدارس وتم تجنب اوبئة وعشرات الآلاف من الناجين يعملون في نشاطات لقاء اجور.. والمساعدات الغذائية تصل الى كل الاسر المنكوبة».

بدوره، قال الرئيس الاميركي جورج بوش «بعد عام نذكر هذا اليوم المؤلم ونذكر معه الأعمال الشجاعة التي نعتز بها». وأضاف «لقد قامت الحكومة الاميركية ومواطنونا بتعبئة لتقديم مساعدة حيوية للمنكوبين واتحد العالم من اجل هذه القضية العاجلة».

وذكر بوش المنظمات الإنسانية الاميركية التي تعمل في المناطق المنكوبة، مشددا على ان «الجيش الاميركي قدم مساعدة حاسمة في الأيام الأولى من الازمة».

وفي مسجد بيت الرحمن الكبير في بندا اتشيه، ادى مئات من سكان المنطقة صلاة جماعية أمها الشيخ محمد عارفين الهام الذي لم يتمكن من إخفاء دموعه. وفي جنوب تايلند، تجمعت عائلات ضحايا وناجون على الشواطئ لإحياء ذكرى 5400 شخص قتلوا في الكارثة.

وبدأت مراسم إحياء ذكرى تسونامي صباح امس بالوقوف دقيقة صمت ووضع زهور على ستة شواطئ ضربتها الامواج قبل عام وقرب جدار شيد قرب مركز الطب الشرعي والمقبرة لتي دفن فيها عدد كبير من جثث الضحايا. وفي افتتاح المراسم الرسمية، قال نائب رئيس الوزراء التايلندي وزير التجارة سومكيد جاتوسريبيتاك ان «تسونامي اثر في حياة كثيرين هنا وفي الخارج». واضاف «باسم شعب وحكومة تايلند اعبر عن احر التعازي لكل شخص تألم في هذا الحدث». واكد الوزير «بعد عام من الكارثة نواصل عملية اعادة البناء. تحقق تقدم كبير لكن العمل لم ينته بعد». وقامت مجموعات من الاستراليين والفرنسيين والألمان والنرويجيين والسويديين من أقرباء الضحايا بإقامة قداديس كلٌّ بلغته.

وفي منطقة بانغ نينغ قربخاو لاك، اصطف مئات الزوار تحت شمس حارقة لتوقيع سجل للتعازي في ظل سفينة دورية تابعة للشرطة التايلندية ألقت بها الأمواج العاتية على بعد كيلومتر واحد داخل الأراضي. وقام رئيس الوزراء التايلندي تاكسين شيناواترا بوضع حجر الأساس لنصب تذكاري في خاو لاك المنطقة الواقعة شمال فوكيت التي أصيبت بأضرار كبيرة في المد البحري. وفي المساء، ترأس صلوات مشتركة لاتباع عدد من الديانات قبل أن يستمع لقصيدتين تلى إحداهما شاب بريطاني أنقذ الكثيرين خلال الكارثة والثانية لتايلندي نجا من الغرق بعد ان امضى يومين على جذع شجرة في عرض البحر. وفي سري لانكا، قاد الرئيس الصلوات في قرية بيراليا جنوب البلاد حيث ابتلعت فيه أمواج تسونامي قطارا مما أسفر عن مقتل نحو ألفي مسافر. وكان هؤلاء الضحايا من بين ما يزيد عن 31 ألف شخص قتلوا في أرجاء البلاد. وبعد الوقوف لمدة دقيقتين حدادا أزيح الستار عن نصب تذكاري للضحايا. قال كناجالينجان جانينترا، 19 عاما، في بلدة باتيكالوا بشرق سري لانكا «نفكر في الأرواح والممتلكات التي فقدناها والوظائف التي خسرناها. نحن في حالة خوف. بعضنا يعتقد أن ما حدث قد يتكرر مرة أخرى. الطقس يشبه ما كان عليه العام الماضي». وقالت الاسترالية جوي فوجيل في شاطئ خاو لاك، وهي تمسك بصورة زفاف ابنتها «أريد فقط أن أبكي. من الصعب تصديق ما حدث»، وكانت الابنة حاملا في الشهر الثالث عندما جرفتها أمواج المد هي ونحو 2200 أجنبي. ومضت جوي تقول وهي تقف بالقرب من قارب تابع لدوريات الشرطة سحبته الامواج كيلومترين الى الداخل واصبح نصبا تذكاريا «لكني اشعر ان كل قتلى الكارثة ما زالوا معنا. روح ابنتي ما زالت موجودة». وقالت جايسار جول، 49 عاما، التي اتت مع زوجها علي من مدينة اسطنبول التركية لاحياء ذكرى وفاة ابنتها سيدا وخطيبها البريطاني جاستين «اردنا المجيء فقط.. حتى نراهما». وقالت والدموع تغرق وجهها «نفتقدهما كثيرا. نريد ان نكون كلنا معا فقط». على صعيد آخر، خلص أكبر استطلاع لآراء الناجين من كارثة تسونامي إلى أنها أبرزت ضعف الدور الذي لعبته المجتمعات المحلية في أعقاب الكارثة. ويقول الاستطلاع، الذي أجراه معهد فريتز الأميركي، إنه للتقليص من الأضرار الناجمة عن مثل هذه الكوارث، فإن هناك حاجة لاستثمار المزيد لبناء قدرات الاستعداد للكوارث على المستويات المحلية. وحث المعهد المنظمات والحكومات المانحة على العمل بشكل أقرب مع القطاع الخاص، لتمكين المجتمعات المحلية من توفير الغذاء والمأوى والمشورة للناجين من كارثة تسونامي. وقال المعهد إن 91% من خدمات الإنقاذ في إندونيسيا وفرها أفراد من القطاع الخاص. وقال: «وبالمقارنة، كانت الحكومة والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والمنظمات الدينية غائبة». تجدر الإشارة الى ان أمواج المد العاتية التي وصل ارتفاعها لعشرة أمتار نجمت عن زلزال قوته 9.15 درجة هز قاع المحيط قبالة جزيرة سومطرة. واجتاحت الأمواج سواحل وشواطئ امتدت إلى شرق افريقيا وابتلعت مصطافين ودمرت فنادق، وفي بعض المناطق دمرت قرى وبلدات بأكملها.