أميركا تقرر تعليم أبنائها العربية ولغات أخرى «مهمة لحماية أمنها»

بوش قال إن «التلفزيونات العربية لا تنصفنا» وتعهد بتسهيل تأشيرات الدخول

TT

أعلن الرئيس الاميركي جورج بوش عن خطط لتعزيز دراسة اللغات الأجنبية في الولايات المتحدة، مشيراً الى ان هذه المبادرة تأتي في إطار استراتيجية تهدف لتحسين مستوى مشاركة دول اخرى في مكافحة الارهاب وترقية الحريات والديمقراطية. وأكد بوش ان هذا البرنامج «يشكل جزءا من الهدف الاستراتيجي المتمثل في حماية الولايات المتحدة». وتهدف الخطط، التي تمثل في الواقع توسيعا لبعض البرامج وبداية لبرامج اخرى، الى البدء بتدريس اللغات الأجنبية منذ مرحلة ما قبل التعليم المدرسي (الحضانة) مع توسيع فرص التعليم في الكليات والجامعات. ويتضمن البرنامج ايضا توظيف مزيد من مدرسي اللغات الاجنبية في الدوائر الحكومية وتشكيل فرق احتياطية من المتحدثين باللغات الاخرى بهدف تلبية احتياجات وزارة الدفاع (البنتاغون) او دوائر الاستخبارات او أي وكالات اخرى عند الضرورة. وقال بوش: «اننا بحاجة الى ضباط استخبارات يفهمون ما يقوله شخص ما بالعربية أو الفارسية أو الهندية أو الاوردية».

ومن المقرر ان يتركز التعليم على لغات اخرى بخلاف اللغات التقليدية الاوروبية ولغات اميركا الجنوبية التي درج الاميركيون على دراستها. وسيكون التركيز على لغات تعتبر في نظر السلطات الاميركية «غاية في الأهمية» بالنسبة للأمن القومي الاميركي، ومنها العربية والصينية والروسية والهندوسية والفارسية.

ويعتزم بوش التقدم بطلب للحصول على 114 مليون دولار من ميزانية العام المقبل لدعم هذا البرنامج الذي تشارك فيه وزارات الخارجية والتعليم والدفاع بالإضافة الى مدير الاستخبارات الوطنية. وجاء الإعلان عن هذا البرنامج في لقاء نظمته الادارة الاميركية بوزارة الخارجية وضم اكثر من 120 من مديري الجامعات الاميركية وتركز حول تحديات التعليم الدولي.

ولقيت مبادرة بوش ترحيبا من كبار المسؤولين في وزارة التعليم، اذ وصفها كثيرون منهم بأنها خطوة اولى ايجابية في اتجاه معالجة النقص الحاد في المتخصصين في اللغات الاجنبية. إلا ان مشاركين في المناسبة اشاروا الى ان التمويل المخصص لبدء البرنامج لا يشكل سوى نسبة ضئيلة من المبلغ اللازم لضمان انطلاقة ايجابية للمشروع. وأوضح مسؤولون في مجال التعليم انهم يعتزمون تسهيل حصول الطلاب الأجانب على تأشيرات دخول للالتحاق بالمدارس الاميركية كوسيلة لتحسين العلاقات والتفاهم مع الدول الأخرى.

وطرح بوش هو الآخر مسألة تأشيرات الدخول للولايات المتحدة، اذ قال انه يريد تكييف السياسات الخاصة بمنح التأشيرات على نحو يأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية ويسمح في نفس الوقت بدخول مزيد من الطلاب للولايات المتحدة. وقال بوش انه يتفهم «الإحباط» الذي يشعر به مسؤولو التعليم العالي فيما يتعلق بمسألة القيود التي فرضت على تأشيرات الدخول عقب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001. وأوضح ان حل المسائل المتعلقة بإجراءات منح تأشيرات الدخول يعتبر مصلحة وطنية للولايات المتحدة، مؤكدا ان الجهات المسؤولة ستعالج هذه الأمر لأن ازدياد عدد الشبان الذين يأتون للدراسة في الولايات المتحدة يساعد في الغالب على ترسيخ فهم أفضل للطبيعة الحقيقية للولايات المتحدة في العالم.

ورغم نفور الاميركيين المعروف من تعلم اللغات الأجنبية، فإن النزاعات الاخيرة في افغانستان والعراق ومكافحة الارهاب جعلت من هذه القضية في نظر مسؤولي الادارة واحدة من الاهتمامات الرئيسية المتعلقة بالأمن القومي.

وقالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس وهي تقدم بوش، ان على الولايات المتحدة بذل مزيد من الاهتمام بدراسة اللغة العربية وغيرها من اللغات المهمة كما فعلت مع الروسية ولغات أوروبا الشرقية خلال الحرب الباردة. وأوضحت كوندوليزا التي تحمل شهادة دكتوراه في الدراسات الدولية ومتخصصة في الشؤون السوفياتية: «لم نستثمر، كدولة، الاستثمار الفكري الذي نحتاجه لتبادل الاشخاص والأفكار واللغات والثقافات».

وقد طرح بوش تعزيز تعليم اللغات الاجنبية كوسيلة لتعزيز قدرة الولايات المتحدة على نشر الديمقراطية، وقال: «لا يمكنك إقناع الناس الا اذا تحدثت اليهم». ووصف تعلم لغة شخص آخر بانها «اشارة لطيفة» تظهر الاهتمام بثقافة الآخر. انها وسيلة لمواجهة فكرة ان الولايات المتحدة تفرض مفهومها للحرية بالقوة». وأضاف قائلاً: «عندما يتعلم الاميركيون لغة اجنبية، اللغة العربية مثلا، فإن هؤلاء الذين يعيشون في العالم العربي سيقولون: اميركا مهتمة بنا، فيهتمون بمعرفة كيف نتحدث».

وانتقد بوش بعض التلفزيونات العربية التي تعكس، حسب رأيه، انطباعا خاطئا عن الولايات المتحدة، فقال: «لا يمكنك ان تكتشف اميركا عندما تشاهد بعض محطات التلفزيون تلك، لا يمكنك ان تفعل ذلك، لا سيما في ضوء الرسالة التي تنشرها». واضاف: «التلفزيونات العربية لا تنصف بلدنا. انهم في بعض الأحيان يبثون دعاية غير صحيحة وغير عادلة ولا تعطي للناس الانطباع بشأن ما نحن عليه».

ويبدو ان لبعض البرامج التي جرى تحديدها أهدافا محددة، حسبما افادت وزارة الخارجية. فالمبادرة الوطنية لتعلم اللغات الاجنبية، مثلاً، تهدف الى ايجاد الفي شخص يتحدثون لغات اجنبية بشكل جيد بحلول عام 2009، كما يهدف برنامج تشكيل فريق احتياطي من اللغويين المدنيين (يموله البنتاغون) الى ايجاد الف متطوع يتحدثون لغات اجنبية.

لكن خلال اجتماع وزارة الخارجية، سعى المسؤولون الى التأكيد على زيادة الاهتمام باللغات الاجنبية بشكل عام بدلا من الاهداف الفردية. وقال باري لوينكرون مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الانسان: «لا نسعى للتوصل الى عدد معين من الافراد في عدد معين من السنوات. هدفنا هو تحقيق القدرة».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»