واشنطن تتوقع صعود اليمين المتطرف في إسرائيل

في غياب «البلدوزر» وتشدد إزاء الانتخابات الفلسطينية

TT

ركزت معظم وسائل الأعلام الاميركية (صحف وشبكات تلفزيونية) في تقارير من إسرائيل على «خطورة» الحالة الصحية لرئيس الحكومة أرييل شارون. مشيرة الى أن «جلطة الدماغ» التي يعانيها حالياً، وأدت الى دخوله في حالة غيبوبة، ستؤدي حتماً وحتى في حالة تعافيه الى «غيابه» عن الساحة السياسية الإسرائيلية في كل الأحوال. وعبرت الإدارة الأميركية عن «تأثر بالغ» بمرض شارون. وكان لافتاً أن الرئيس الأميركي جورج بوش، استهل أول امس خطاباً حول تشجيع تعلم اللغات الأجنبية، في مقر وزارة الخارجية في واشنطن، بالحديث عن صحة شارون، وقال في مستهل خطابه ما نصه «إن امتنا تبدي تعاطفها العميق مع ارييل شارون، الذي يرقد في مستشفى اسرائيلي مشلول الحركة. إنه رجل جيد، رجل قوي وكانت لديه رؤية من أجل السلام». وزاد «ان امتنا تعرب عن تعاطفها العميق مع ارييل شارون.. ونحن نصلي من أجل شفائه.. ليباركه الله».

وأفادت تقارير نشرت هنا الى بأن الإدارة الاميركية، تخشى ان يؤدي «غياب» شارون بالتزامن مع قرب اجراء انتخابات في اسرائيل في 28 مارس (آذار) المقبل الى صعود اليمين المتطرف من جديد، بقيادة بنيامين نتنياهو مما «سيشكل ضربة قاصمة»، لجهود ايجاد سلام دائم بين الفلسطينيين والاسرائيليين، واستبعدت هذه التقارير في الوقت نفسه فوز حزب العمل بقيادة عمير بيرتس. واشارت احدى الصحف الاميركية الى «أن غياب شارون سيخلق اضطراباً في المنطقة، ويعزز فرص المتشددين ويحطم آمال السلام مع الفلسطينيين».

لكن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، بدت أكثر تفاؤلاً حول الوضع في حالة «غياب» شارون، وقالت للصحافيين «أنا على يقين ان الرغبة في الاستقرار، وفي علاقات مستقرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين ترسخت في المجتمع الاسرائيلي»، ومضت تقول عن العملية السلمية من دون أن تتعرض لفرضية «غياب شارون»: «نعمل مع الفلسطينيين خاصة في الجوانب الأمنية، هناك صعوبات، والفلسطينيون يجب ان يعملوا الكثير في هذا الجانب.. والجنرال كث دايتون كان هناك، وسيعود من اجل العمل مع الفلسطينيين لإصلاح قوات الأمن، وأملنا أن يركز الفلسطينيون على بناء المؤسسات، التي سترتكز عليها السلطة لإنشاء الدولة».

وعكس ما هو الحال بشأن انتخابات اسرائيل، التي «ستثير قلق» ادارة الرئيس بوش، إذا غاب شارون، فإن الانتخابات الفلسطينية التي من المقرر ان تجري في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي، تبدو مهمة للادارة الاميركية، وفي هذا السياق قالت رايس «انتخابات يناير مهمة للغاية، ولا يمكننا تأييد تأجيل الانتخابات، لأننا نتخوف من نتائجها. نعتقد انه من الضروري تنظيم الاقتراع»، وذلك في إشارة الى مشاركة «حماس» في الانتخابات واحتمال تحقيقها نتائج متقدمة. وشرحت رايس قائلة: «مواقفنا من حماس لم تتغير فهي مصنفة «كمنظمة إرهابية»، هناك مرحلة انتقالية في السياسية الفلسطينية، لكن مشاركتها (أي حماس)، شأن داخلي فلسطيني نحن نؤمن ان يشارك الشعب الفلسطيني كله في الانتخابات.. لكن لا يمكن ان نضع رجلاً في العنف واخرى في السياسة، واي شخص يشارك في الحكم عليه الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف».

ومضت تقول «على السلطة أن تؤكد للفلسطينيين بأنهم يجب ان يدركوا، ان الحياة مع مجلس تشريعي منتخب، يعمل مع رئيس منتخب، ستكون أفضل وأكثر أمناً، وستكون هناك سلطة واحدة وبندقية واحدة وقانون واحد».

وفي موضوع آخر وبشأن العلاقة الشخصية بين الرئيس بوش وشارون، ترى المصادر الاميركية انها بدأت «طيبة»، قبل وصول بوش الى البيت الابيض، وتدلل على ذلك، بالاشارة الى أن شارون خصص لبوش عام 1998 وكان آنذاك حاكماً لولاية تكساس، طائرة هيلوكوبتر جالت به فوق الأراضي المحتلة، لكن هذه العلاقة اصبحت فاترة بعد فوز شارون عام 2001 في الانتخابات، وكان بوش يومئذٍ في البيت الابيض. ورغم ذلك استطاع شارون اقناع إدارة بوش، بعدم التعامل مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. ثم توطدت العلاقات بين الجانبين عندما قبل شارون خطة «خريطة الطريق»، ودعمت واشنطن في وقت لاحق خطة الانسحاب من غزة، وابلغت اسرائيل بأنها ستؤيد بقاء مستوطنات في الضفة الغربية، وستعارض فكرة توطين اللاجئين. وبعد الفتور أصبح بوش يرى في شارون «الشريك القريب».

بيد أن صحيفة «واشنطن بوست»، أشارت الى أن الرئيس الأميركي بقيت لديه بعض التحفظات الدفينة تجاه شارون، واستدلت بذلك على حديث جرى بينهما في واشنطن، نسبته الى شهود عيان، حيث قال شارون انه «رجل السلام والأمن»، فتدخل بوش مقاطعاً «اعرف انك رجل الأمن.. لكن أود أن نعمل بجهد كبير في جانب السلام».