بلير يرجح تحويل إيران إلى مجلس الأمن وأحمدي نجاد يواصل التصعيد

الترويكا الأوروبية تحدد اليوم مستقبل المفاوضات وتكهنات باجتماع طارئ لوكالة الطاقة

TT

شهد الملف النووي الايراني المزيد من التصعيد امس وسط ترجيح احالته الى مجلس الأمن الدولي، وبينما قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد أمس ان بلاده ماضية في طريقها لا تخيفها الضجة التي تثيرها الدول الغربية انضمت بريطانيا الى الولايات المتحدة في التلويح بمجلس الأمن واعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس ان دعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الى الانعقاد لبحث الملف النووي الايراني تبدو مرجحة.

وجاء ذلك بينما استعدت الترويكا الاوروبية (فرنسا والمانيا والمملكة المتحدة) لعقد اجتماع حاسم تجاه المفاوضات مع ايران ازاء ملفها النووي. وبينما ازدادت ردود الافعال الدولية الناقدة للقرار طهران استئناف تخصيب اليورانيوم ومزاولة الابحاث النووية، اكد مصدر في وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» ان «المشاورات الدبلوماسية ستكثف خلال الأيام والاسابيع المقبلة لحسم الموضوع»، في اشارة الى تعاطي المجتمع الدولي مع الملف الايراني. وأدان رئيس الحكومة البريطانية أمس «النوايا المبيتة» للنظام وقال خلال جلسة المساءلة الاسبوعية في البرلمان: «علينا اولاً التوصل الى اتفاق لرفعه الى مجلس الأمن الدولي في حال قررت الدول الحليفة معاً ذلك». وأضاف: «وعلى الارجح هذا ما سيحصل». وشرح بلير: «علينا اتخاذ قرار بشأن التدابير الواجب اعتمادها وبالطبع لا نستبعد اي شيء لأنه من الأهمية بمكان ان تدرك ايران الجدية التي تتعامل بها الاسرة الدولية» مع هذه القضية. ويأتي تصريح بلير بعدما استبعد وزير خارجيته جاك سترو أول من أمس الخيار العسكري لتسوية الازمة.

وقال بلير ان قرار طهران «خطير للغاية ولا جدوى من اخفاء خيبة املنا». وتابع: «عندما يضاف هذا القرار الى تعليقات اخرى عن دولة اسرائيل وذلك في اشارة الى تصريحات احمدي نجاد حول المحرقة اليهودية واسرائيل، هذا يثير قلقاً حقيقياً وجدياً عبر العالم».

ويعقد اليوم اجتماع للترويكا الاوروبية، الممثلة بوزراء الخارجية لكل من فرنسا والمانيا والمملكة المتحدة، في برلين بمشاركة الممثل الاعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية خافيير سولانا. واعلن جاك سترو وزير خارجية بريطانيا أول من أمس عن الاجتماع بعدما استأنفت ايران نشاطات البحث في مجال الوقود النووي بعد تعليق دام عامين. وتعتبر الدول الغربية التخصيب «خطا أحمر» يهدد تجاوزه برفع الأمر الى مجلس الأمن الدولي المخول فرض عقوبات. وقال مصدر مطلع في الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أمس ان «الايرانيين خرقوا الاتفاقات السابقة في قرارهم هذا وقلنا دوماً ان في حال الاختراق نتمسك بحقنا في احالة الأمر الى مجلس الأمن». وأضاف المصدر الذي فضل عدم كشف اسمه: «يبدو اننا نتجه الى طريق (يؤدي الى مجلس الأمن) اذا لم تغير طهران من سلوكها»، موضحاً: «لا نعتقد ان ذلك سيحصل». وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير انه سيجري محادثات مع نظيريه الفرنسي فيليب دوست لازي والبريطاني سترو، على ان يلي اللقاء اتصال هاتفي مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس. ويبدأ الاجتماع ظهر اليوم، ليليه مؤتمر صحافي مشترك للوزراء الاوروبيين. وقال الدبلوماسي البريطاني ان الاوروبيين على اتصال يومي مع حلفائهم الاميركيين حول الملف وتبدو مواقفهم متقاربة. ومن جهته، قال نائب وزير الخارجية الالماني جيرنوت ايرلر أمس انه من غير الممكن أن تواصل فرنسا وبريطانيا وألمانيا المحادثات مع ايران ما لم تقدم طهران ضمانات بأنها لن تشرع في تخصيب اليورانيوم. وصرح ايرلر للاذاعة الالمانية بأنه «من غير الممكن اجراء مفاوضات جديدة دون ضمان من ايران بأنها لن تمارس أي أنشطة متصلة بالتخصيب».

دوست بلازي: ايران «تؤثر بشكل خطير» على الجهود الاوروبية للتوصل الى اتفاق معها.

وصرح وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي بان قرار ايران استئناف ابحاثها النووية يؤثر بشكل خطير على الجهود الاوروبية من اجل التوصل الى اتفاق مع طهران. وقال بلازي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته النمساوية اورسولا بلاسنيك في باريس أول من أمس ان «قرار ايران يؤثر بشكل خطير على الجهود الاوروبية والمضي في المفاوضات». وكانت مفاوضات بدأت في 21 ديسمبر (كانون الاول) الماضي في فيينا ويفترض ان تستأنف في 18 الشهر الجاري. الا ان مصادر دبلوماسية اوروبية استبعدت جدوى الاستمرار بالمفاوضات بعدما اعلنت ايران عزمها استئناف نشاطها النووي. وفي فيينا، تتابع الوكالة الدولية للطاقة الذرية نتائج اجتماع اليوم وامكانية الخروج بقرار يدعو مجلس أمناء وكالة الوكالة لاجتماع طارئ. وتترقب الوكالة قرار القوى الاوروبية، لاتخاذ موقف يجابه التعنت الذي تبديه ايران بخصوص نشاطها النووي. وتفاقمت الازمة ازاء الملف الايراني بعد اعلان طهران الاول من امس رفع الاختام الدولية التي سبق ان وضعتها الوكالة على محطة ناتاز النووية لبدء ابحاث اعتبرت بمثابة تجاوز ايراني لالتزاماتها بتجميد تخصيب اليورانيوم.

وأكدت مصادر دبلوماسية غربية رفيعة المستوى لـ«الشرق الاوسط» ان دول الترويكا تعمل بـ«تنسيق تام» مع الوكالة الدولية وانها طلبت المزيد من المعلومات حول طبيعة النشاط الايراني المعتزم. ويرغب ممثلي التوريكا الاطلاع على المعلومات التي تضمنها تقرير مدير الوكالة محمد البرادعي في الاول من امس للدول اعضاء مجلس أمناء الوكالة والذي يؤكد ان الابحاث والعمليات التي تنوي ايران القيام بها تعتبر مراحل من عملية تخصيب اليورانيوم. وفي طهران، واصل النظام الايراني تحديه للمجتمع الدولي مبدياً تمسكه بنشاطها النووي. واعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد أمس ان بلاده «ماضية في طريقها للسيطرة على الطاقة النووية المدنية السلمية الاهداف» و«لا تخيفها الضجة» التي اثارها ملفها النووي.

ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن احمدي نجاد قوله في خطاب القاه في اقليم بندرعباس (جنوب): «شعبنا لن يدع ضجتكم تخيفه وسيمضي بحزم على طريق التقدم والتنمية». واضاف: «اقول لهذه القوى ان الشعب الايراني وحكومته ماضيان على طريق السيطرة على الطاقة النووية واستخدامها في اغراض سلمية». وتابع متحدثاً غداة استئناف بلاده الابحاث في مجال تخصيب اليورانيوم «قريباً ستكون هذه الطاقة في خدمة تقدم ايران». واعتبر احمدي نجاد ان «الشعب والحكومة الايرانية ساهما في بناء الثقة مع المجتمع الدولي من خلال دعوة الاخرين للمشاركه في البرنامج النووي الايراني»، في اشارة الى اقتراح ايراني سابق لاشراك شركات اجنبية في نشاط ايران النووي. واكد: «ايران ارادت من خلال هذه المبادرة ان تبين للاخرين انه ليس هناك ما تخفيه وانها غير راغبه بالسلاح النووي او اقتنائه». ولفت احمدي نجاد الي ان «كل شيء يهدد البشرية مثل الترسانات النووية والكيماوية والنووية هي في ايدي الجهات الاخرى»، في اشارة الى امتلاك دول مثل الولايات المتحدة الاسلحة النووية. وتابع: «اذا كنتم راغبون فعلا بالبحث عن الخطر فان الخطر هناك».

ومن جهته، قال رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام اية الله اكبر هاشمي رفسنجاني خلال خطبة صلاة عيد الاضحي المبارك في طهران ان الشعب الايراني سينال حقه في البرنامج النووي السلمي. واضاف رفسنجاني «سندافع بحكمة عن حقوقنا واذا تسببوا لنا بالمتاعب، سيندمون على ذلك وايران ستكون المنتصرة في نهاية المطاف».