اقتراح إيران لمجلس الأمن رهن الصياغة وأميركا تستعجل .. وروسيا تلمح لعدم الاعتراض

مصر ترفض وجود قوة نووية جديدة .. والسعودية تحمل الغرب جزءا من المسؤولية

TT

في الوقت الذي يعكف فيه ممثلو الترويكا الأوروبية على صياغة مشروع قرار يطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإحالة ملف إيران النووي لمجلس الأمن ، ألمحت روسيا لإمكانية عدم عرقلة مشروع القرار في مجلس الوكالة الذي يسعى الأوروبيون لأن يعقد اجتماعا طارئا ، طالبت واشنطن بعقده في أقرب وقت ممكن .

واعتبر دبلوماسي أوروبي مقرب من الملف الإيراني ، رفض الكشف عن اسمه أمس ، أن إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي “مسألة متفق عليها”.

وقال الدبلوماسي إن “الروس أعطوا موافقتهم. لقد غيروا موقفهم، والصينيون لا يزالون مترددين بعض الشيء لكن إحالة الملف الى مجلس الامن الدولي مسألة متفق عليها”.

من جهة اخرى اعتبر المصدر نفسه ان اجتماع مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن ان يعقد الاسبوع المقبل.

واضاف ان “الاميركيين يريدون اجتماعا طارئا هذا الاسبوع لكن يبدو انه لن يعقد قبل الاسبوع المقبل”.

وكان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو قد استبق مباحثات لندن بدعوة ايران الى طمأنة المجتمع الدولي بانها لا تسعى الى تطوير اسلحة نووية. وأضاف سترو أن “الكرة في ملعب ايران وعليها ان تتحرك لمنح المجتمع الدولي الثقة بان برنامجها النووي يهدف الى اغراض محض سلمية” مؤكدا ان تلك الثقة “قوضها تاريخ (ايران) من السرية والخداع”.

وفي مونروفيا ، حثت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الاسراع في خططها لعقد الاجتماع الاستثنائي للحفاظ زخم المساعي التي تبذل حاليا لاحباط تطلعات طهران النووية.

وترغب رايس في ان يعقد مجلس الوكالة الذي مقره فيينا اجتماعات “في اقرب وقت ممكن” لبحث احتمال احالة الملف النووي الايراني على مجلس الامن الدولي.

وصرحت للصحافيين اثناء توجهها الى ليبيريا “المشكلة في انتظار انعقاد الاجتماع المعتاد في مارس ( اذار) او الانتظار لوقف طويل هو انني اعتقد ان الايرانيين سيحاولون الاستفادة من ذلك لتقديم القليل وتعمد التضليل” بشان نواياهم النووية.

واكدت رايس ان الاجماع العالمي بشأن اتخاذ تحرك ضد ايران يتنامى بعد ان اعلن الاوروبيون الاسبوع الماضي ان المفاوضات مع الجمهورية الاسلامية وصلت الى طريق مسدود ودعوا الى اشراك الامم المتحدة في المسألة.

من ناحيته قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان الموقف الروسي بشأن برنامج ايران النووي قريب جدا من موقف الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة لكنه قال ان القضية تستدعي المعالجة الحريصة.

وقال بوتين عقب اجتماعه مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل “بالنسبة لروسيا والمانيا وشركائنا الاوروبيين والولايات المتحدة فان لدينا مواقف متقاربة للغاية بشأن المشكلة الايرانية” . لكن زعيم الكرملين الذي تعاقدت بلاده لبناء اول مفاعل نووي ايراني بقيمة مليار دولار واعاقت حتى الان اجراءات لاحالة طهران الى الامم المتحدة قال ان القضية يجب معالجتها بعناية فائقة.

وقال بوتين “نحتاج للتحرك بحذر شديد في هذه المنطقة.. انا شخصيا لا اسمح لنفسي بان اصرح بشيء دون حرص ولا اسمح لوزارة الخارجية باتخاذ اي خطوة بغير يقين” .

واضاف “وفي كل الاحوال يتعين علينا العمل في المشكلة الايرانية بحرص شديد بما لا يسمح بخطوات متسرعة وخاطئة” .

وأشار بوتين إلى ان ايران “لم تستبعد تماما” قبول الاقتراح الروسي لتخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا.

وقال “اعلنت وزارة الخارجية الايرانية انها لا تستبعد الموافقة على اقتراحنا”. وكانت موسكو قد على طهران ان يتم تخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا كحل في مواجهة شكوك الغربيين الذين يخشون ان تقدم طهران على تصنيع اسلحة نووية. وتتولى روسيا بناء مفاعل نووي في بوشهر في جنوب ايران.

وفي باريس ، قالت مصادر فرنسية رسمية ل “الشرق الأوسط” أمس إن الترويكا الأوروبية و معها الولايات المتحدة الأميركية “متأكدة من توافر الأكثرية الضرورية داخل مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة النووية من أجل نقل الملف النووي الإيراني الى مجلس الأمن الدولي”.

و شددت المصادر الفرنسية على أن نقل الملف الى مجلس الأمن “لا يعني سحبه من أيدي الوكالة الدولية بل يعني إعادة تأكيد هيبتها و سلطتها و توفير الدعم الدولي لها لاستكمال مفاوضاتها” مع إيران لأن المشكلة “ليست قائمة بين طهران و الترويكا بل بينها و بين المجموعة الدولية”.

في الوقت نفسه ، يجري مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا محادثات مع الامين العام للامم المتحدة كوفي انان ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في الولايات المتحدة هذا الاسبوع تتناول الملف النووي الايراني. إلى ذلك ، اتهم وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الغرب بانه مسؤول جزئيا عن الطموحات النووية الايرانية. وأعلن الفيصل في حديث الى هيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي” معارضته لعمل عسكري ضد ايران، داعيا الى مواصلة المفاوضات الدبلوماسية مع طهران.

وقال “مشكلة انتشار السلاح النووي تكمن في ان كل استثناء يحصل يفتح الباب امام جدل منطقي يقول (ولم ليس انا؟)”.

واضاف “اعتقد ان الغرب الذي سمح لاسرائيل بالتزود بقوة نووية تسبب باضرار ونحن نعاني كلنا من سير دول اخرى على الطريق نفسه”. وتابع “نأمل بان ايران ستقاوم هذا الاغراء”.

وراى ان الخيار الدبلوماسي هو الخيار الاكثر “حكمة” من اجل حل الازمة. وقال “نعتقد، مع آخرين، ان الدبلوماسية يجب ان تلعب دورا، ولكن لعلنا متفائلون اكثر من اللازم”.

واضاف “سيكون من الحكمة اعطاء فرصة الى الدبلوماسية كاولوية من اجل حل هذه المشكلة”. وفي حديث آخر الى صحيفة “تايمز”، دعا الامير سعود الفيصل الى جعل منطقة الخليج خالية من الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل.

وقال “اننا ندعو ايران بالحاح الى الموافقة على موقفنا القاضي بجعل الخليج،كجزء من الشرق الاوسط، منطقة خالية من السلاح النووي ومن اسلحة الدمار الشامل. ونأمل بان الايرانيين سينضمون الينا في هذا ويضمنون الا يهدد المنطقة خطر سباق تسلح جديد”.

وفي القاهرة ، قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن بلاده تتابع عن كثب تطورات الملف النووي الإيرانيفي ضوء إجتماع لندن . وأكد على أهمية التزام كافة الدول بتعهداتها بما يسمح للمجتمع الدولي بالتأكد من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني .

وقال في تصريحات صحافية أننا لا نقبل بظهور قوة نووية عسكرية في المنطقة، ونحرص على عدم المساس بحق الدول في الانتفاع من الاستخدامات السلمية للطاقة النووية باعتباره حقا مكفولا لسائر الدول الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي . من ناحية أخرى ، اكد الرئيس الاسرائيلي موشيه كاتساف ان اسرائيل لن تسمح للنظام الايراني "الاستبدادي" الذي "يصدر الارهاب الدولي" بامتلاك قدرات نووية. وصرح كاتساف لصحيفة "ا بي ثي" الاسبانية المحافظة ان امتلاك تلك القدرات "سيكون الخطوة الاولى لانتقال قنابل نووية الى ايدي ارهابيين من حزب الله (الشيعي اللبناني المتشدد) وحركة حماس (الفلسطينية) او تنظيم القاعدة على سبيل المثال". واضاف كاستاف الذي ولد في ايران عام 1945 "ليس بيننا وبين ايران اي تضارب في المصالح، وليس بيننا حدود مشتركة ولكننا لا يمكن ان نسمح لبلد استبدادي يصدر الارهاب الدولي بامتلاك قدرات نووية". ووصف ايران بأنها تمثل تهديدا لاسرائيل وباقي العالم.