الأمير سعود الفيصل: الإرهابيون يريدون تفرقنا والسعوديون 10% فقط من المقاتلين الأجانب في العراق

سترو: مشكلة اختراق الحدود العراقية من سورية ولا تناقض بين مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان

TT

«الارهاب لا يعرف حدودا جغرافية»، هذه العبارة تكررت كثيراً وكررها أمس وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمس أمام حشد من المختصين والمهتمين بمكافحة الارهاب، ليشدد على ضرورة العمل الجماعي والدولي لمحاربة الارهاب الدولي. وشدد الأمير سعود الفيصل على ضرورة انشاء مركز دولي لمكافحة الارهاب وجعل الجهود الدولية اكثر فعالية في مواجهة المخاطر التي تواجه العالم. وشدد على انه في القرن الحادي والعشرين من الترابط بين الدول والعولمة «لا توجد دولة يمكن ان تعتبر نفسها جزيرة». جاء كلام الأمير سعود الفيصل في المؤتمر التي رعته المملكة العربية السعودية بالتعاون مع «المعهد الملكي للقوات المشتركة لدراسات الدفاع والأمن» (روسي) بعنوان «مكافحة الارهاب عبر الحدود» بدأ أمس في مقر «روسي» في العاصمة البريطانية ويستمر حتى عصر اليوم. وأكد الأمير سعود الفيصل أن بلاده قدمت اقتراحاً رسمياً للأمم المتحدة في سبتمبر (ايلول) الماضي لانشاء مركز دولي لمكافحة الارهاب تحت اشراف الأمم المتحدة. وقال ان هذا المركز سيعمل الى جانب العلاقات الثنائية الامنية، ولا يستبدلها، معترفاً بـ«حساسية تبادل المعلومات الامنية ولكن هناك ضرورة لذلك من أجل منع وقوع العمليات الارهابية». وذكر الأمير سعود بأن هذا الاقتراح كان نتيجة المؤتمر الدولي ضد الارهاب الذي عقد في فبراير (شباط) الماضي في الرياض والذي استنتج بأنه من الواجب التواصل المستمر بين الدول في محاربة الارهاب. وافتتح المؤتمر وزير الخارجية السعودي ونظيره البريطاني في الجلسة الصباحية أمس. وبينما كان الهدف من جلسات أمس الاربع التعرف على طرق مكافحة الارهاب في كل من آسيا واوروبا والشرق الأوسط وشمال افريقيا وخصوصية كل منطقة، خصصت جلسات اليوم الثلاث لتطوير ابرز النقاط المشتركة بين جميع الدول في مواجهة الارهاب الذي اصبح ظاهرة عالمية تطول ايديها جميع القارات. وقال سترو ان الشراكة السعودية ـ البريطانية برعاية المؤتمر دليل على «الطابع العالمي للتهديد الذي نواجهه»، مشدداً على «تقديرنا للتعاون بين بلدينا في مجال مكافحة الارهاب». وأشاد سترو بـ«الانجازات السعودية لمواجهة الارهاب خلال السنتين الماضيتين، ليس فقط بضرب تنظيم القاعدة، بل بكسب قلوب وعقول المجتمع السعودي وتحشدهم ضد المتطرفين». وشدد الأمير سعود على ان المملكة العربية السعودية تلعب دوراً مهماً في مكافحة الارهاب داخلياً وعلى الساحة الدولية بعدما تعرضت الى «اكثر من 25 حادثة ارهابية في الاعوام الثلاثة السابقة». وشرح الأمير الجهود الأمنية السعودية لمكافحة الارهاب، ذاكراً مقتل «120 ارهابياً، واحباط 52 عملية ارهابية». وبالإضافة الى العمل الامني، فقد نجحت المملكة بتجميد أموال لتنظيمات ارهابية و«ممولين للارهاب» بحسب الأمير الذي أوضح ان «القوانين السعودية بهذا الصدد من أكثر القوانين فعالية في العالم».

وشرح الأمير سعود انه «بسبب موقع السعودية المنفرد في العالم الاسلامي كمهد الإسلام، لدينا مسؤولية اخلاقية للدفاع عن ديننا من هؤلاء الذين يشوهونه». وبسبب هذه المسؤولية الاخلاقية والمصلحة العامة، تعمل المملكة على تكثيف الجهود الدولية لمكافحة الارهاب ودحضه. أكد الأمير سعود بأنه بالاضافة الى الخطر الفعلي من الهجمات الارهابية التي تستهدف الجميع، فالخطر الاكبر هو هدف الارهابيين «لتفرقتنا وخلق العصبية والكراهية بين شعوبنا وأدياننا وثقافاتنا». ورأى ان التصدي لهذه التهديدات الجسيمة يعتمد على بذل الجهود «ليس فقط للتغلب على الارهابيين اليوم، وانما انتزاع الشروط التي تجعلهم ينمون، وعلينا قهر الاصوات التي تنادي بالكراهية وعدم التسامح». وذكر وزير الخارجية السعودي الحضور بأن «الجرائم التي شهدناها في اوروبا لا تفرق عن تلك التي شهدناها في آسيا وافريقيا والشرق الأوسط، فالتطرف لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا بين الناس نسبة الى دينهم أو طائفتهم أو عرقهم». وتطرق وزير الخارجية البريطاني الى موضوع حقوق الانسان والحريات المدنية التي يرى البعض ان الحكومات الغربية تتهاون في حمايتها في صدد مكافحة الارهاب. ورفض سترو الافتراض بأن محاربة الارهاب يعني الانتقاص من حقوق الانسان، مكرراً: «لا يوجد انقسام بين المحافظة على حقوق الانسان ومحاربة الارهابيين». بل شدد على ان التمسك بالحريات واحترام حقوق الانسان يأتي في سياق مكافحة الارهاب وهزيمة المتطرفين. وتطرق المؤتمر الى كافة العوامل المرتبطة بالارهاب، بما فيها اسلحة الدمار الشامل، وخطورة وقوعها في ايدي الشبكات الارهابية. ودعا وزير الخارجية البريطاني الى «تقوية ومساندة الاجماع الدولي ضد انتشار اسلحة الدمار الشامل». وأضاف ان «هذا السبب يزيد من أهمية وقوف المجتمع الدولي ضد عدم التزام ايران بتعهداتها حسب اتفاقية الحد من انتشار اسلحة الدمار وقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأكد: «على إيران ان تتحرك لمنح المجتمع الدولي الثقة بان برنامجها النووي يهدف الى اغراض محض سلمية» مؤكداً ان تلك الثقة «قوضها تاريخ (ايران) من السرية والخداع».

وأوضح سترو ان «اخفاق ايران حتى الان في الالتزام هو ما يجعلنا نفكر حالياً مع شركائنا في اوروبا والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن في احالة ايران الى مجلس الامن الدولي من خلال اجتماع طارئ في مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية». ورفض سترو الخوض في امكانية فرض العقوبات على ايران، قائلاً ان احالة الملف الايراني الى مجلس الامن قد يكون خطوة كافية للضغط على طهران، «فمن الممكن اتخاذ اجراء من دون فرض عقوبات». وأشار الى الوضع السوري، حيث يناقش مجلس الامن الشأن السوري ويجري التحريات باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري من دون اللجوء الى فرض العقوبات على دمشق، مضيفاً: «ذلك جلب نتائج فسورية تتعاون حتى الآن، ولو كانت مترددة بتعاونها». وعقب القاء كلمتيهما، رد وزيرا الخارجية على اسئلة الحضور، كان أحدها عن الحدود السعودية – العراقية، حيث شدد الأمير سعود الفيصل على ان الحدود السعودية – العراقية «من أمن الحدود في العالم والقوات الاجنبية في العراق تقر بذلك». وأضاف: «بالنسبة للمقاتلين الاجانب في العراق، فإن المقاتلين السعوديين يشكلون أقل نسبة من المقاتلين الاجانب وهم فقط 10 في المائة من هؤلاء». وأكد سترو كلام نظيره السعودي، قائلاً: «بأن الحدود العراقية مع السعودية آمنة ومشكلة اختراق الحدود العراقية هي من حدودها مع سورية». ودعا المؤتمر مجموعة من الاخصائيين في مجال مكافحة الارهاب والأمن الدولي وخبراء من البلدين، مع دبلوماسيين من قطر والمغرب وباكستان وفرنسا. وبينما عرض السياسيون الوقائع التي تواجهها بلدانهم في التصدي للارهاب، طرح أكاديميون من المملكة المتحدة نظريات عن طرق التعامل مع ظاهرة الارهاب ومحاولة تعريفها. وكان واضحاً من الكلمات التي ألقيت، والاسئلة التي تبعتها، بأن المختصين بمجال مكافحة الارهاب ودرسه تعلموا الكثير من السنوات الاخيرة، اذ لفتوا الى العوامل مثل تداخل الجريمة المنظمة ومتاجرة المخدرات والاستغلال السياسي في بعض الدول التي تصب جميعها في مجال الارهاب الدولي. وقال نائب مدير قسم الأمم المتحدة في وزارة الخارجية الباكستانية عمران صديقي ان «الارهاب ليس فقط تهديد امني، بل ناتج عن خلل سياسي». وأضاف ان بلاده، التي اعتبرها «دولة على الجبهة في الحرب على الارهاب، تطالب بحلول سياسية تدعم العمل الامني لدحض الارهاب. وشدد المتحدثون على ان مكافحة الإرهاب تستدعي كافة الوسائل، من القوة العسكرية الى التخلص من الأسباب التي قد تؤثر على بعض الشباب للاندفاع نحو التطرف والالتحاق بالتنظيمات الإرهابية. وكان التركيز على اهمية العمل الجماعي في محاربة الارهاب من أهم عناصر النقاش خلال جلسات أمس. وخلص السفير السعودي لدى المملكة المتحدة الأمير محمد بن نواف الى اهمية هذا التعاون بقوله في كلمته أمام المؤتمر أمس: «موحدون جميعاً سننجح، بمفردنا سنعاني»، مضيفاً: «هذا التحدي العالمي يستدعي استراتيجية عالمية». وصرح الأمير محمد بأن بلاده «عازمة على انهاء سوء استخدام الدين الاسلامي» لأغراض إرهابية. ولفت الى الجهود السعودية لمنع المدرسين والأئمة الذين ينشرون تعاليم الكراهية من أجل الحصول على السلطة السياسية الخاصة بهم.

ودعا الدكتور بسام طيبي الى التمييز بين «الدين الاسلامي» و«التطرف الديني». وقال الطيبي في الجلسة الثانية من مؤتمر أمس ان «التطرف الديني هو نوع جديد من القتال يأخذ شرعيته من تفسير خاطئ وسيىء للدين من قبل فئات غير دولية أو حكومية». وكان الطيبي يكرر ما طالب به المتحدثون بأن لا يقع العالم بخطأ اعتبار الارهاب ظاهرة تتعلق بالدين الاسلامي الحنيف. ومن أجل نشر تعاليم التسامح لفت المتحدثون الى أهمية دور الإعلام والهيئات التعليمية في هذا السياق. واشار وزير الخارجية السعودي الى «مسؤولية الاعلام في كافة اشكاله وجميع المنظمات التعليمية لدعم المبادئ الانسانية الحسنة وتحصين المجتمع من الافكار الجانحة». وكانت القضية الفلسطينية حاضرة في المؤتمر اذ شدد عدد من المتحدثين على اهمية التوصل الى حل عادل للمعاناة الفلسطينية وسلام شامل لمنطقة الشرق الأوسط لمنع استغلال الارهابيين هذه القضية لتجنيد الشباب المحبط بسبب هذه القضية. وقال الأمير سعود الفيصل: «السياسة الاسرائيلية غير القانونية وغير العادلة في الأراضي المحتلة، التي تؤدي الى معاناة الفلسطينيين وإذلالهم، تنمي العصبية والحقد في العالمين العربي والإسلامي». وأضاف «يجب حل هذا النزاع من أجل عالم آمن ولتبديد مشاعر الاحباط والعصبية». من جهته، قال الأمير محمد انه من الحتمي عدم استغلال «معاناة الشعب العراقي لأغراض ارهابية ويجب ألا يترك العراق ليصبح ارضا خصبة لانتشار الإرهاب».