اعلن رئيس الوزراء الباكستاني، شوكت عزيز، امس انه «لا يمكن ان نقبل» عمليات عسكرية اجنبية، في اشارة الى القصف الأميركي الذي استهدف تنظيم «القاعدة» الجمعة الماضي موقعا 18 قتيلا في شمال شرقي البلاد.
وقال عزيز «انه حادث مؤسف أودى بحياة عدد من الأبرياء وادانته الحكومة واستنكرته خلال اجتماعها امس»، مشيرا الى انه سيبحث هذه المسألة اثناء الزيارة التي سيقوم بها الى الولايات المتحدة اعتبارا من اليوم.
واضاف عزيز «لكن علاقاتنا مع الولايات المتحدة طويلة المدى وزيارتي الى هناك تأتي في وقتها كوننا نسعى الى مناقشة العديد من القضايا، وبينها كيف نحارب الارهاب». وتابع خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش (الاب) الموفد الخاص للامم المتحدة الى الناجين من الزلزال الذي ضرب شمال باكستان في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي «سنناقش ايضا هذا الحادث لكن الاتصالات بيننا وتبادل الاراء لم تتوقف ابدا». واوضح عزيز ان «باكستان متمسكة بمحاربة الارهاب لكن ليس بامكاننا ان نقبل بحدوث اي عملية عسكرية على ارضنا تكون نتيجتها ما حصل نهاية الاسبوع الماضي».
وقد شنت القوات الاميركية الجمعة غارة على قرية دامادولا في منطقة باجور القبلية (200 كلم شمال غربي اسلام اباد) اسفرت عن مقتل 18 مدنيا من دون ان تصيب الرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» ايمن الظواهري الذي كانت تستهدفه على ما يبدو. وادانت باكستان الغارة التي ضربت منطقة قبلية تقع على الحدود الافغانية كانت تستهدف ثاني اكبر قائد لـ«القاعدة» وهو ايمن الظواهري، ولكنها قتلت مدنيين منهم نساء واطفال. ومن جهة اخرى، اكدت السلطات الباكستانية امس ان القصف الاميركي اسفر عن مقتل خمسة مسلحين اجانب في الأقل كانوا مدعوين الى العشاء.
والتأكيد هو الاول في نوعه للسلطات الباكستانية بان الهجوم على قرية في منطقة دامادولا استهدف مسلحين «اجانب»، في اشارة الى مقاتلي «القاعدة» وحركة طالبان.
وكانت تقارير استخباراتية اميركية قد اشارت الى احتمال مقتل الظواهري، الساعد الايمن لأسامة بن لادن، في قصف نفذته طائرة من دون طيار تابعة لوكالة المخابرات المركزية. إلا ان مسؤولين أكدوا بعد ذلك انه لم يكن في عداد القتلى. وافاد بيان رسمي نقلا عن فهيم وزير الحاكم الاداري لمنطقة باجور قوله ان «الهجوم الصاروخي على قرية في منطقة دامادولا التابعة لباجور، كان موجها ضد ارهابيين اجانب». واضاف «وفقا لمعلوماتنا الاولية، فان ما لا يقل عن خمسة اجانب قتلوا في الحادث وقام رفاقهم بسحب جثثهم من المكان في وقت قصير». وتابع ان «فريق تحقيق يضم مختلف اجهزة الحكومة كشف ان ما لا يقل عن 12 من الأجانب كانوا مدعوين الى عشاء». إلا ان البيان اعرب «عن الأسف «لمقتل 18 شخصا بريئا من سكان المنطقة في الهجوم».
وفي واشنطن، رفض البيت الابيض امس التعبير عن اسفه علنا بعد الغارة الجوية. واكد المتحدث باسم البيت الابيض، سكوت ماكليلان، عزم واشنطن على الاستمرار في مطاردة زعماء «القاعدة». وتابع البيان ان الناشطين الباكستانيين مولانا فقير محمد ومولانا لياقات «سارعا الى سحب جثث المقاتلين الأجانب بغية اخفاء السبب الحقيقي للهجوم».
وزار بوش الأب امس الناجين من الزلزال في مخيم بالقرب من اسلام اباد ولكنه لم يتمكن من زيارة منطقة الزلزال نفسها بسبب سوء الاحوال الجوية، والتي أوقفت رحلات جوية لنقل المعونات الحيوية منذ اوائل الاسبوع. وصرح بان دوره سيكون تشجيع من تعهدوا بتقديم الاغاثة ومعونات اعادة الاعمار. واضاف «في الوقت الحالي بسبب الطقس وفصل الشتاء. من المهم جدا ان تستمر جهود الاغاثة وان يتوفر التمويل لتنفيذها». وكان زلزال الثامن اكتوبر (تشرين الاول) واحدا من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ جنوب اسيا وتسبب في مقتل اكثر من 73 ألفا وخلف نحو ثلاثة ملايين مشرد. وقال عزيز ان المانحين تعهدوا بتقديم نحو 6.4 مليار دولار. اربعة مليارات دولار في صورة قروض و2.4 مليار دولار كمنح.
من جهته، قال الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش امس خلال زيارته لباكستان كمبعوث للامم المتحدة لاغاثة ضحايا الزلزال انه يأمل في ان يستمر الباكستانيون في النظر الى واشنطن كقوة داعمة بالرغم من وقوع قتلى مدنيين في غارة أميركية.
وسئل بوش الاب في اسلام اباد عما اذا كان يعتقد ان وقوع قتلى في غارة الجمعة الماضية بعض نقاط الضعف في الحرب على الارهاب التي تقودها الولايات المتحدة، فقال «لا اعتقد ذلك» ولكنه اضاف انه من الافضل ترك التعقيب لآخرين لهم صلة بالحرب.
وقال «انا هنا كممثل للامين العام للامم المتحدة في محاولة للمساعدة على جهود الاغاثة واعادة الاعمار. اعتقد ان الشعور العام هو ان الولايات المتحدة تحاول مساعدة شعب باكستان وآمل في سيطرة هذا الشعور على مجريات الامور».