مصر: انقلاب مفاجئ في حزب الوفد المعارض يطيح رئيسه

TT

في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ أقدم الأحزاب المصرية، شهد حزب الوفد المعارض أمس انقلاباً داخلياً على رئيسه الدكتور نعمان جمعة بزعامة نائبه الأول الدكتور محمود أباظة، حيث قررت الهيئة العليا للحزب في اجتماعها ظهر أمس فصل الدكتور نعمان جمعة نهائياً من جميع تشكيلات الحزب ووقف جميع قراراته التي اتخذها منفرداً خلال الفترة الأخيرة، وقررت الهيئة بأغلبية 33 صوتاً في مقابل صوت لجمعة اختيار محمود أباظة رئيساً للحزب لمدة 60 يوماً على أن تتم دعوة الجمعية العمومية للانعقاد لانتخاب رئيس جديد للحزب.

وشهد حزب الوفد أمس أحداثاً تخللتها اشتباكات عنيفة وصدامات أدت إلى تحطيم بعض الأثاث الداخلي للحزب خلال معركة بين أنصار جمعة وأنصار أباظة الذي يدعمه أغلب قيادات الحزب المعروفين بجبهة الإصلاحيين، وفيما انفض اجتماع الهيئة العليا بسبب تصاعد الخلافات احتل أنصار جمعة إحدى قاعات الحزب فيما سيطر أباظة ومجموعته على القاعة الثانية للحزب، وعقد كل منهما ما يشبه المؤتمر لأنصاره كال فيه الاتهامات للآخر، وأكد جمعة لأنصاره أن أباظة ومجموعته خارجون عن القانون ولا يمكن عزل رئيس الوفد لأنه منتخب من الجمعية العمومية واتهمهم بأنهم عملاء وضد مصلحة الحزب، مؤكداً أن الهيئة الوفدية سوف تجتمع في الثاني من مارس (آذار) المقبل لاتخاذ قرارات مهمة لمحاسبة مغتصبي السلطة الشرعية في الوفد.

أما مجموعة أباظة التي ظهر أنها الأكثر عدداً فرددوا شعارات ضد جمعة كان منها «يا نعمان قول الحق خربت الحزب ولا لا»، و«عاش الوفد ضمير الأمة»، وأكد أباظة أن قرار فصل جمعة قرار شرعي تملكه الهيئة العليا وأن اتخاذه جاء بأغلبية 33 صوتاً في وقت أكد فيه منير فخري عبد النور أحد نواب رئيس الحزب أن قرار فصل جمعة هو قرار وفدي جاء بسبب ممارسات جمعة التي أساءت للحزب وخربته وأدت إلى تراجع شعبيته في الشارع بسبب القرارات الديكتاتورية التي أخرجت الوفد من مبادئه الليبرالية بسبب هذه الممارسات التي يرفضها جميع قيادات وأعضاء الوفد الشرفاء.

وقال الدكتور محمود اباظة انه «ليس من حق الدكتور نعمان جمعة تجميد عضوية أي من أعضاء الحزب لانه تم فصله بالفعل وتم ابلاغ القرار للجنة شؤون الاحزاب». وأضاف ان تلك اللجنة قامت من قبل بحضور الدكتور نعمان جمعة بالغاء قرار فصل منير فخري عبد النور وهو ما وافق عليه نعمان نفسه. وقال أباظة: «ان اعضاء الهيئة العليا طلبوا من نعمان جمعة في بداية اجتماع اليوم (امس) الاستقالة، الا انه رفض واحضر مجموعة من البلطجية مما حدا باعضاء اللجنة الى الخروج من الاجتماع، وعقد اجتماع في غرفة اخرى واتخاذ تلك القرارات».

وقال الدكتور نعمان جمعة «ان القرار الذي اتخذته تلك المجموعة الخارجة عن مبادئ الحزب هو قرار خاطئ لان رئيس الحزب ليس عضوا في الهيئة العليا وانما يتم تعيينه من خلال الجمعية العمومية للحزب»، مشيرا الى ان الجمعية العمومية تحدد موعدا لانعقادها يوم الثاني من شهر مارس المقبل للنظر في بعض القرارات الاستثنائية، وقال انه يتحدى تلك المجموعة ان تواجه الجمعية العمومية بهذا القرار. وأضاف انه «أعلن تجميد عضوية الثلاثة الذين يقودون تلك المجموعة الخارجة عن مبادئ الحزب لانهم يريدون احداث انشقاق في صفوف الحزب وتخريبه والقائه في احضان الاستعمار الاميركي وهو ما يرفضه أي وفدي مخلص يريد الحفاظ على حزب الوفد العريق». وأشار الى ان تلك المجموعة قادت حملة طوال الاسبوع الماضي في كافة الصحف لتشويه صورة الحزب واحداث خلل في صفوفه واثارة البلبلة. من ناحية اخرى طلبت المجموعة التي اعلنت فصل الدكتور نعمان جمعة الاجتماع مع عباس الطرابيلى رئيس تحرير جريدة الوفد لابلاغه بالقرار واتخاذ اللازم، الا أنه رفض واتخذ موقفا مساندا للدكتور نعمان جمعة فوجهوا له تحذيرا اما ان ينشر في الجريدة قراراتهم وقرارات الدكتور نعمان جمعة او يمتنع عن نشر هذا وذاك وعدم اصدار الجريدة حتى يتم اتخاذ قرار، وتم الاتفاق على صدور الصحيفة اليوم من دون الإشارة إلى الخلافات داخل الحزب.

وتضم جبهة أباظة نواب رئيس الحزب وهم محمد علوان ومحمد سرحان والسيد البدوي ومنير فخري عبد النور فيما تضم جبهة جمعة أحمد ناصر ومحمد عبد العليم نائبي الوفد في البرلمان.

وبينما دعا ناصر إلى لم الشمل، اتهم الدكتور محمود السقا إحدى قيادات الوفد جهات أمنية بتخريب حزب الوفد لصالح الحزب الوطني حتى لا يبقى في الساحة السياسية سوى الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين، وبقي نائبا البرلمان الآخران محمد مصطفى شردي وصلاح الصايغ على الحياد.

وجاءت عملية الانقلاب داخل حزب الوفد الذي يعد أقدم الأحزاب المصرية على خلفية انشقاقات وأزمات متصاعدة شهدها الحزب منذ انتخاب الدكتور نعمان جمعة رئيساً للحزب في عام 2000 خلفاً لرئيس الحزب الراحل فؤاد سراج الدين، حيث قام جمعة بفصل العديد من قيادات الحزب وأدى إلى تهميش دور الكثير من قياداته، غير أن الموقف ازداد تأزماً في العام الماضي وازدادت الخلافات خاصة أثناء انتخابات الرئاسة المصرية التي خاضها جمعة وحل فيها ثالثاً بعد الرئيس مبارك ثم الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد والغريم اللدود لجمعة، وحصل جمعة على أصوات هزيلة اعتبرها الوفديون مهينة باسم الوفد وتاريخه، في وقت اعتبر فيه جمعة أن قيادات الحزب لم تسانده وأرادت تشويه صورته أمام الرأي العام المصري، ثم ازدادت الأزمة حدة خلال انتخابات البرلمان الأخيرة التي لم يتمكن فيها الوفد سوى من الحصول على 6 مقاعد أحرجت الحزب أمام الشارع السياسي في وقت أصدر فيه جمعة قراراً مفاجئاً بفصل نائبه القبطي منير فخري عبد النور وإعادة تشكيل بعض هيئات الحزب ولجانه بشكل فردي، وهو ما رفضته قيادات الوفد وقررت إبطال هذه القرارات خلال الاجتماع السابق للهيئة العليا للحزب ليشتعل الموقف داخل الوفد حتى وصل إلى حد الانقلاب على رئيسه.