أميركا والاتحاد الأوروبي يغلقان باب التفاوض مع إيران

مشروع قرار أوروبي يطالب بإحالة إيران إلى مجلس الأمن وبتوضيحات عن أنشطة أسلحة

TT

أعلنت كل من واشنطن والاتحاد الاوروبي أمس اغلاق باب التفاوض مع ايران حتى تتراجع طهران عن قرارها استئناف نشاطها النووي. إذ اعتبرت وزير الخارجية الاميركية كوندليزا رايس انه «لا جدوى من العودة الى التفاوض مع طهران» حول ملفها النووي. وفي غضون ذلك، أكدت وكالة الطاقة الذرية الدولية أمس عقد اجتماع استثنائي لمجلس حكامها تلبية لطلب الترويكا الاوروبية (فرنسا وبريطانيا والمانيا) التي توصلت الى نص مسودة قرار تقدمه للوكالة يدعو الى احالة ايران الى مجلس الأمن الدولي. وبينما ازدادت المشاورات الدبلوماسية الدولية حول الملف الايراني، واصل السياسيون الايرانيون الادلاء بتصريحات ترفض «التهديدات» باحالتها الى مجلس الأمن. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع منسق شؤون السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، سئلت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إن كان ثمة مجال للتفاوض مع ايران بشأن خططها النووية فقالت انه «ليس ثمة ما يمكن الحديث عنه». وقال سولانا قبل ان يجتمع مع رايس لمناقشة الخطوة التالية بخصوص ايران: «لا جدوى لعقد اجتماع اخر ان لم يكن هناك جديد يطرح على طاولة المفاوضات». واعتبرت رايس ان الاتحاد الاوروبي أوضح تماماً بان ايران تعدت «عتبة» خطيرة وان من المهم ان تتحرك الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمواجهتها. وأضافت: «لا ينبغي السماح لايران بالحصول على سلاح نووي ولا يتعين السماح لها بمواصلة انشطتها التي قد تنتج سلاحاً نوويا»، مؤكدة «كلنا متحدون تماماً وراء ذلك المبدأ». وسئلت رايس عما اذا كانت الصين وروسيا تؤيدان الموقف الأميركي والاوروبي بشأن ايران، فأجابت ان البلدين ابديا «قلقاً كبيراً» بشأن طهران وان الولايات المتحدة مستمرة في العمل معهما.

وأعلن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية نيكولاس بيرنز أمس خلال زيارة الى الهند، ان الولايات المتحدة لم تتخل عن الدبلوماسية في تعاملها مع الملف النووي الايراني لكنها «دخلت مرحلة مختلفة». واضاف: «نحن ندعم قرار مناقشة هذه المسألة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإحالة الملف الايراني على مجلس الأمن الدولي، ويجب تسليط الاضواء على النظام الايراني». ودعا بيرنز ايران الى «التراجع عن قرارها» لاستئناف نشاطها النووي اذ تشك بلاده في ان ايران تعمل على امتلاك السلاح النووي تحت غطاء انتاج التيار الكهربائي في محطاتها النووية المقبلة.

ومن جهتها، رفضت فرنسا اقتراح طهران استئناف المفاوضات حول ملفها النووي، واكد ناطق باسم وزارة الخارجية ان ايران «يجب ان تعود اولاً الى تعليق كامل لنشاطاتها» الحساسة. وقال مساعد الناطق باسم وزارة الخارجية دوني سيمونو ان «استئناف النشاطات الحساسة من جانب واحد الذي اعلنته ايران في التاسع من يناير (كانون الثاني) يجعل من غير الممكن ان نجتمع في ظروف مناسبة لمواصلة المفاوضات». ورفضت بريطانيا الاقتراح الايراني أول من أمس القاضي بعقد اجتماع كان مقرراً اصلا أمس في فيينا واجله الاوروبيون بسبب استئناف ايران ابحاثا نووية. واكد سيمونو «ان الايرانيين ابدوا الرغبة في عقد لقاء جديد مع الدول الاوروبية الثلاث لا سيما على الصعيد الوزاري ومع (الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير) سولانا». لكنه ذكر بالقرار الذي اتخذه الاوروبيون خلال لقاء برلين الاسبوع الماضي بعدم التفاوض مع ايران.

وافاد دبلوماسي من الاتحاد الاوروبي بان مسودة القرار التي ستبعثها الترويكا الاوروبية الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستطالبها باحالة البرنامج النووي الايراني لمجلس الأمن الدولي. وتطالب مسودة القرار التي اطلعت على بنوده «رويترز» ايران «بمساعدة الوكالة على توضيح مسائل تتعلق بانشطة محتملة في مجال الاسلحة النووية»، داعية محمد البرادعي مدير عام الوكالة «لنقل نسخة من هذا القرار الى مجلس الأمن». واعتبر الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ان مسودة قرار الاتحاد الاوروبي لها «دوافع سياسية»، في تصريح للصحافيين في طهران. ويبدو ان التصريحات الاوروبية والروسية أول من أمس حول عدم لجوئها الى فرض العقوبات على ايران في الوقت الراهن جعلت طهران تتحلى بثقة أكبر واستعداد للمزيد من التحد. وصرح وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي بان احالة ملف بلاده النووي الى مجلس الأمن احتمال «ضعيف». ونقلت وكالة الانباء الايرانية قول متقي على هامش اجتماع علني لمجلس الشوري بأنه «نظراً للظروف الراهنة فان احتمال احالة ملف ايران الى مجلس الأمن الدولي ضعيف». ورداً على سؤال بشان رفض الدول الاوروبية دعوة ايران لاستئناف المباحثات، اعرب متقي عن امله بان «تدرك اوروبا مواقف ايران الصريحة والشفافة وان لا تخطو خطوات متسرعة». وأضاف: «بذلنا خلال الايام العشرة الماضية كل جهودنا في مباحثات مع الدول الاوروبية واعضاء مجلس الحكام بما فيهم الصين وروسيا ودول عدم الانحياز لاعلان استعداد ايران لمواصلة المباحثات».

واستهلت العاصمة الروسية صباح امس نشاطها باستئناف اتصالاتها مع الأطراف المعنية بالقضية الإيرانية. وأفادت مصادر في الخارجية الروسية ان وزير الخارجية سيرغي لافروف اجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيرته الاميركية تركز الحديث خلاله «حول القضايا المتعلقة بالبحث عن الحلول المناسبة لقضية البرنامج النووي الايراني على ضوء ما اسفر عنه من نتائج اجتماع لندن الذي شارك فيه نواب وزراء خارجية الترويكا الاوروبية وروسيا والصين والولايات المتحدة».

ووصل الى موسكو مساء امس وزير الخارجية الفرنسية فيليب دوست بلازي. وقالت مصادر الخارجية الروسية ان المباحثات مع الوزير الفرنسي ستتطرق الى الشأن الإيراني على ضوء نتائج اجتماع لندن يوم الاثنين الماضي، الى جانب تناول الأوضاع في العراق وأفغانستان.

ومن جهة آخرى، بدأ وفد إسرائيلي مباحثاته في العاصمة الروسية وراء أبواب مغلقة بلقاء مع قيادات الوكالة الفيدرالية للطاقة النووية قبيل لقائه مع وزير الخارجية لافروف في وقت متأخر أمس. وكان الوفد وصل الى موسكو أول من امس من أجل التشاور في الملف النووي لايراني وحث موسكو على فرض عقوبات على طهران. ويضم الوفد الاسرائيلي جنرال الاحتياط يورا ايلاند مستشار الأمن القومي فضلاً عن رئيس لجنة الطاقة الذرية جدعون فرانك وخبراء آخرين.

وقال سفير ايران في موسكو غلام رضا انصاري في تصريح لاذاعة «صدى موسكو» أمس ان ايران «لم ترفض الاقتراح الروسي» بتخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا ولا تزال تدرس المسألة «بعناية». وواصل رجال الدولة الايرانية حملتهم للتأكيد على حقهم بحيازة الطاقة النووية ورفضهم للضغوط الدبلوماسية. وقال الزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي أمس ان العالم لن يثني ايران عن تطويراتها، ونقل التلفزيون الايراني عن خامنئي قوله «ان الجمهورية الاسلامية ستستمر في طريق التطويرات العلمية ولن يتمكن العالم من التأثير على ارادة الامة الايرانية». ومن القاهرة، اكد مساعد الرئيس الايراني للشؤون البرلمانية والقانونية سيد احمد الموسوي أمس ان «لغة التهديد لن تجدي نفعاً» مع بلاده ودعا الي معالجة ازمة الملف النووي الايراني عبر المفاوضات. وقال للصحافيين بعد لقائه الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى انه «يمكن التوصل الى اتفاق اذا كنا نسير في طريق التفاوض». واضاف: «اما اذا كانوا يريدون استمرار لغة التهديد فهذه اللغة لن تجدي نفعاً مع ايران».