بوش يبدل العراق بسورية في قائمة الأعداء.. ويريد علاقات مع «إيران حرة»

أشاد في خطاب الاتحاد بالإصلاحات في مصر والسعودية ودعا تعزيزها واستبعد أي انسحاب من العراق

TT

بعد أربع سنوات من إطلاق الرئيس الأميركي جورج بوش مصطلح «محور ‏الشر» الذي أدرج ‏فيه إيران وعراق صدام حسين وكوريا الشمالية، وسّع بوش المحور، من دون أن يستخدم المصطلح ذاته، ليشمل دولا جديدة. فقد أخرج العراق من قائمة ‏«الأعداء» واضعا مكانها سورية، كما أضاف للقائمة بورما وزيمبابوي. وقال إن هذه ‏الدول هي مثال لعالم غير ديمقراطي يمثل نصف الكرة الأرضية في عدد السكان.‏ وأضاف في الخطاب الرئاسي السنوي حول حال الاتحاد الليلة قبل الماضية: «إن أكثر ‏من نصف شعوب العالم تعيش في دول ‏ديمقراطية»، داعيا إلى «عدم تجاهل ‏النصف الآخر ‏في أماكن مثل سورية وبورما وزيمبابوي وكوريا الشمالية ‏وإيران»،‎‏ مؤكدا أن «العدالة والسلام في هذا العالم يتطلبان حرية شعوب هذا ‏‏النصف من العالم الذي لا يجب تجاهله».‏ ‏وقال إن إحلال الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط هو الطريق الوحيد ‏للقضاء ‏على «آيديولوجية الخوف والكراهية التي يبثها الإرهابيون»، مؤكدا دعم ‏الولايات المتحدة للإصلاح الديمقراطي في بلدان الشرق الأوسط.

وخصص الرئيس الاميركي نصف خطابه تقريباً لشؤون السياسة الخارجية. فقد دعا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي فازت في ‏الانتخابات ‏الفلسطينية الأسبوع الماضي الى نزع أسلحتها ورفض الإرهاب ‏‏والاعتراف بإسرائيل. ‏وقال بوش إن «الشعب الفلسطيني صوت في انتخابات، وعلى قادة ‏«حماس» ‏الآن الاعتراف بإسرائيل ونزع أسلحتهم ورفض الإرهاب ‏والعمل من اجل ‏سلام دائم».

وبخصوص إيران، فان الرئيس الاميركي، رغم أن حكومته وضع الحكومة الإيرانية في خانة الحكومات المعادية، خطب ود الشعب الإيراني، داعيا إياه إلى الوقوف في وجه نظام رجال الدين، ‏‏مؤكدا أن الولايات المتحدة تأمل في إقامة علاقات مع «إيران حرة ‏‏وديمقراطية».‎‏ ورأى أن إيران «رهينة بين أيدي نخبة من رجال الدين ‏يعزلون شعبهم ويقمعونه‏».‎‏ وردد بوش أقوالا مماثلة أدلى بها في خطاب العام ‏الماضي موجها كلامه للمواطنين الإيرانيين مباشرة: «‏أميركا تحترمكم وتحترم ‏بلدكم».‏ ‏وتابع قائلاً: «نحترم حقكم في اختيار مستقبلكم وكسب حريتكم»، ‏مؤكدا ‏أن «بلادنا تأمل أن تكون يوما ما اقرب صديقة لإيران حرة ‏وديمقراطية».‎‏ ‏وقال الرئيس الأميركي إن «الحكومة الإيرانية تتحدى العالم ‏بطموحاتها النووية ‏ويتوجب على دول العالم ألا تسمح للنظام ‏الايراني بامتلاك أسلحة ‏نووية».‎‏ وأوضح أن «أميركا ستواصل العمل مع العالم من اجل مواجهة ‏‏هذا التهديد».‎ ‏وفي الشأن العراقي أكد الرئيس الاميركي للكونغرس أن القوات ‏الأميركية في ‏طريقها الى كسب الحرب في العراق، مستبعدا انسحابا ‏سريعا يمكن أن «يترك حلفاءنا العراقيين للموت أو السجن». ولم يشر بوش في خطابه الذي يأتي في سنة انتخابية حاسمة في ‏‏الولايات المتحدة الى أي برنامج زمني لانسحاب القوات الأميركية ‏من ‏العراق، وأكد أن «النصر هو الطريق الوحيد الذي سيعيد قواتنا الى ‏البلاد».‎ وقال الرئيس الأميركي «إننا نقاتل لننتصر ونحن ننتصر»، محذرا ‏من ‏انسحاب سريع للقوات الأميركية من العراق. ورأى أن «انسحابا مفاجئاً ‏لقواتنا من العراق سيترك حلفاءنا ‏العراقيين للموت أو للسجن (..) وسيمنح ‏سلطة لرجال مثل (أسامة) بن ‏لادن و(أبو مصعب) الزرقاوي في بلد ‏استراتيجي وسيظهر أن كلمة ‏أميركا لا تعني شيئا كبيرا».‎ وأضاف: «على كل حال نرى عبر قراراتنا ومناقشاتنا السابقة أن ‏أمتنا ‏تملك خيارا واحدا: علينا أن نهزم أعداءنا ونقف مساندين للجيش الاميركي ‏في مهمته الحيوية».‎ ‏وانتقد بوش في خطابه منتقدي الحرب الذين يتهمونه بتضليل الشعب الاميركي ‏قائلا لهم: «هناك فرق بين النقد المسؤول الذي يهدف الى ‏النجاح والانهزامية ‏التي ترفض الاعتراف بكل شيء غير الفشل».‎ ‏وشدد الرئيس الاميركي على التقدم الذي تحقق في نقل العراق ‏من النظام ‏الديكتاتوري الى الديمقراطية في اقل من ثلاث سنوات، ‏وقال: «في الوقت ‏نفسه لم تأل قواتنا جهدا في القضاء على تسلل ‏الإرهابيين وضرب ‏معاقلهم». ‏وتابع قائلاً: «نحقق تقدما على الأرض والقوات العراقية تتحمل المزيد ‏من ‏المسؤوليات. علينا ان نكون قادرين على تقليص مستوى قواتنا ‏لكن هذه ‏القرارات ستتخذ من قبل قادتنا العسكريين وليس من قبل ‏سياسيين في ‏واشنطن».

وجدد بوش حديثه عن «انتصار الحرية» في مواجهة «الأصولية»، قائلاً: «لا احد يمكنه إنكار انتصار الحرية لكن بعضهم يقاتلون ضدها. احد المصادر الرئيسية لرد الفعل والمعارضة هو الإسلام الأصولي، أي تحويل حفنة من الناس لعقيدة نبيلة الى آيديولوجيا للإرهاب والموت». وأضاف: «الإرهابيون مثل (اسامة) بن لادن جادون في القتل الجماعي وعلينا جميعا ان نأخذ نواياهم المعلنة على محمل الجد. انهم يسعون لفرض نظام بلا رحمة وسيطرة استبداية في الشرق الأوسط وتسليح أنفسهم بأسلحة دمار شامل (..) لكن أعداءنا واصدقاءنا يجب ان يكونوا واثقين من ان الولايات المتحدة لن تنسحب من العالم ولن تستسلم أبدا للشر».

كما تحدث عن السعي لبقاء القيادة الأميركية للعالم «في الطليعة»، وقال: «الوسيلة الوحيدة لحماية شعبنا، الوسيلة الوحيدة لضمان السلام، الوسيلة الوحيدة للتحكم بمصيرنا هي زعامتنا. الولايات المتحدة ستبقى في الطليعة. بلادنا ملتزمة في الخارج بهدف تاريخي طويل الأمد». وأضاف: «نأمل في القضاء على الطغيان في العالم. بعضهم يرى خطأ في هذا الهدف مثالية مقنعة. في الواقع أمن أميركا في المستقبل مرتبط به، وكل خطوة على طريق الحرية في العالم تجعل وطننا أكثر أمانا». واعتبر أن «البديل الوحيد للزعامة الأميركية هو عالم أكثر خطورة وأشد قلقا».

ودعا الرئيس ‏الأميركي مصر والسعودية، إلى تعزيز عملية الإصلاح السياسي، مشيدا بما ‏تحقق من خطوات في اتجاه الإصلاح. ورأى أن «الشعب المصري العظيم صوت في ‏انتخابات رئاسية تعددية ‏وعلى حكومته ان تفتح الآن الطريق أمام ‏معارضة سلمية ستؤدي الى الحد ‏من التطرف». ‏وأشاد بخطوات الإصلاح في السعودية قائلا «إن السعودية خطت الخطوات الأولى ‏للإصلاح ويمكنها ‏الآن ان ترسم لشعبها مستقبلا أفضل عبر تعزيز هذه ‏الجهود».

وفي الشأن الاقتصادي أكد الرئيس الاميركي أن الولايات ‏المتحدة ستعمل على ‏خفض وارداتها النفطية من منطقة الشرق الأوسط ‏بنسبة 75% بحلول 2025، ‏عبر تطوير مصادر بديلة ونووية ‏للطاقة. ‏وقال «اننا نواجه مشكلة خطيرة. اميركا مرتبطة اكثر من اللازم ‏بالنفط ‏الذي يأتي من مناطق غير مستقرة في العالم». وأضاف ان «تقدما خارقا في التقنيات الاخرى سيساعدنا على ‏تحقيق هدف ‏آخر هو الحصول على بديل لأكثر من 75% من ‏وارداتنا النفطية من ‏الشرق الأوسط بحلول 2025‏‎». وتابع «باستخدام التقنيات التي نملكها في اميركا ‏يمكن لهذا البلد ان ‏يحسن الى حد كبير بيئته ويتجاوز اقتصادا يعتمد ‏على النفط ويجعل اعتماده ‏على الشرق الأوسط للحصول على النفط شيئا ‏من الماضي».‎‏ وأكد أن «الطريقة ‏الوحيدة لإنهاء تبعيتنا هي التكنولوجيا. أنفقنا ‏حوالي عشرة مليارات دولار ‏منذ 2001 لتطوير مصادر للطاقة أنظف ‏وأرخص ثمنا وأكثر ثقة، ونحن ‏على عتبة تقدم استثنائي». ‏وأعلن الرئيس الاميركي عن زيادة نسبتها 22% للأموال ‏المخصصة للبحث ‏المتعلق بالطاقة النظيفة، وخصوصا الفحم النظيف ‏والطاقة الشمسية و«طاقة ‏نووية نظيفة وآمنة».

وحذر من أن الانعزال ونظام الحماية في التجارة ستجعلان ‏الولايات المتحدة ‏‏«اقتصادا من الدرجة الثانية»، مؤكدا اهمية المحافظة على ‏القدرة ‏التنافسية لبلاده‎. ‎‏ وحذر بوش ايضا منافسين جددا مثل الصين والهند اللتين ‏تحققان تقدما اقتصاديا متسارعا.‏ وقال بوش «سنختار بناء ازدهارنا عبر قيادة اقتصاد العالم ولن ‏نعزل ‏أنفسنا عن التجارة والفرص الاقتصادية»، مؤكدا أن «طريق ‏الانعزالية ‏والانكفاء قد تبدو مغرية في زمن مليء بالتعقيدات ‏والتحديات، لكنه ينتهي ‏بخطر وانهيار». ‏وأضاف أن «دعاة الانكفاء يريدون الهروب من المنافسة وان ‏يؤكدوا أن ‏بإمكاننا أن نحافظ على مستوى حياتنا من خلال بناء ‏جدران حول ‏اقتصادنا». ‎‏وأوضح أن «آخرين يقولون انه يتوجب على الحكومة أن تلعب ‏دورا ‏اكبر في سير اقتصادنا وجعل السلطة اكثر مركزية في واشنطن ‏وزيادة ‏الضرائب. نسمع من يقول إن الهجرة تضر بالاقتصاد مع ان ‏الاقتصاد لا ‏يمكن ان يعمل بدونها».‎ ‏ورأى أنها «حركات انكفائية تؤدي كلها الى اقتصاد يتسم بالركود ‏ومن ‏الدرجة الثانية».‎ وجدد بوش مقترحاته لتنظيم الهجرة، قائلاً إن «المحافظة ‏على القدرة التنافسية لأميركا تتطلب نظام هجرة يحترم ‏قوانيننا ويعكس ‏قيمنا ويخدم مصالح اقتصادنا. بلادنا تحتاج الى ‏حدود هادئة وآمنة». ‏وأضاف: «لتحقيق ذلك، علينا اتباع سياسة مراقبة للهجرة أفضل ‏وحماية ‏حدودنا وعلينا امتلاك برنامج راشد وإنساني لاستقبال العمال ‏المهاجرين». ‏وأشار بوش إلى أن حكومته أوجدت ملايين فرص العمل الجديدة زادت في مجموعها على ‏فرص العمل الجديدة في اليابان ودول الاتحاد الأوروبي مجتمعة.