صحيفة فرنسية تسحب أعدادها بعد إعادة نشر الصور

TT

أعلن السفير الدنماركي لدى الرياض، أن حكومة بلاده تقوم حاليا بتحركات كبيرة مع العديد من الأطراف ـ لم يسمها ـ لحل الأزمة التي أحدثها نشر إحدى صحف بلاده لـ12 رسما كاريكاتيريا في الثلاثين من سبتمبر (أيلول) العام الماضي، تسيء لشخص الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.

وقال هانز كلينغنبيرغ سفير كوبنهاغن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، ان الحكومة الدنماركية تبذل قصارى جهدها لاحتواء الأزمة التي نشأت في أعقاب نشر رسوم تسخر من نبي الإسلام، مشيرا إلى اقتناعه بالخطأ الذي أقدمت عليه الصحيفة، وأحدث ألما كبيرا في نفوس المسلمين.

وحول ما إذا كانت سفارة كوبنهاغن في الرياض قد سجلت تعرض أي من رعاياها في السعودية لتحرشات على خلفية هذه القضية، مما استدعى حكومة الدنمارك لإطلاق تحذيرات لمواطنيها بعدم السفر للسعودية أو غيرها من الدول الإسلامية، أوضح هانز، ان مثل هذه التحذيرات التي أطلقتها وزارة الخارجية في بلاده تعد احترازية في مثل هذه المواقف، وليست لها دلالات معينة أخرى، حيث دأبت حكومات العالم على إطلاق مثل هذه التحذيرات في مثل هذه الظروف.

وكانت الدنمارك قد دعت مواطني بلادها إلى الامتناع عن السفر إلى المنطقة، تخوفا من تعرضهم لأذى، في ظل الغضب الشعبي العارم الذي اجتاح الشارع الإسلامي، على خلفية القضية.

وحذرت وزارة الخارجية الدنماركية مواطنيها من السفر إلى السعودية لأسباب غير ضرورية، وطالبت رعاياها الموجودين في عدد من الدول الإسلامية بتوخي الحذر.

وفي تطور لافت في القضية، أعادت صحيفة «فرانس سوار» الفرنسية في عددها الصادر أمس، نشر مجمل الرسوم الكاريكاتيرية الـ 12، التي نشرت في الثلاثين من سبتمبر (أيلول) العام الماضي في إحدى الصحف الدنماركية، لتنضم بذلك إلى الصحيفة النرويجية التي قامت بإعادة ذات الرسوم الساخرة في العاشر من يناير (كانون الثاني) هذا العام.

لكن الصحيفة «عمدت إلى سحب أعدادها ليوم أمس، من عدد من الأكشاك الكبرى في العاصمة الفرنسية، بعد الضجة التي أثارها نشر الصور الكاريكاتورية. وتأكدت «الشرق الأوسط» من ذلك بزيارة بعضها في محيط مبنى الإذاعة الفرنسية الرسمية وجادة الشانزليزيه. وبالإضافة الى ذلك، عمدت الصحيفة المذكورة الى تعديل نسختها الإلكترونية. فالصور موضع الإدانة، كانت على الصفحة الأولى للجريدة: إلا أنها سحبت لاحقا منها ومن الصحيفة الإلكترونية ككل، وظهرت مكانها على الصفحة الأولى العبارة التالية «إن الصور غير متوافرة والصحيفة آسفة لذلك».

وأثار نشر الصور، ردة فعل قوية من المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. وقال رئيسه الدكتور دليل بو بكر إن ما قامت به «فرانس سوار» بمثابة «استفزاز حقيقي» للمسلمين المقيمين في فرنسا، والذين يربو عددهم على 5 ملايين نسمة. وقال بوبكر: «إن هذا العمل الذي خططت له دوائر عنصرية ومعادية للأجانب، يبين العداء للعرب وللمسلمين وللديانة الإسلامية»، مضيفا أن هذه الصور الكاريكاتورية «تستهدف تحقيق القطيعة بين الإسلام والغرب والوصول الى صراع الحضارات». وأكد البيان الذي أصدره بوبكر، أن المجلس يحتفظ بحق تقديم شكوى الى القضاء لاحقا.

وعبرت الخارجية الفرنسية عن تحفظها، إزاء ما قامت به الصحيفة الفرنسية، وقال الناطق باسمها جان باتيست ماتييي في المؤتمر الصحافي الإلكتروني ظهر أمس، إن «مبدأ حرية الصحافة، الذي تدافع عنه السلطات الفرنسية في كل أماكن العالم، لا يمكن أن يكون موضع إعادة نظر، ولكن يجب أن تتم ممارسته في إطار احترام المعتقدات والأديان».

لكن المتحدث قال ان «الرسوم لا تلزم الا الجريدة التي نشرتها».

وفي تونس، أعربت شخصيات دولية بارزة في مقدمتها رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد أمس، عن قلقها البالغ تجاه استمرار الحملات المعادية للاسلام، داعية الى انشاء تحالف حقيقي بين الحضارات بدل من الصدام.

وقال المشاركون في المؤتمر الدولي لتحالف الحضارات في بيان ختامي أطلق عليه «اعلان تونس»، إنهم «قلقون ازاء استمرار الحملات المعادية والمغرضة ضد الاسلام، وحضارته وثقافته وشعوبه، والتي تزداد بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر».

ومن ابرز الشخصيات السياسية والفكرية المشاركة في هذا المؤتمر، الذي استمر ثلاثة ايام عمرو موسى امين عام جامعة الدول العربية، واكمل الدين حسان اوجلي الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي، والمفكر المصري ميلاد حنا.

وفي روسيا دانت الكنيسة الارثوذكسية الروسية أمس، الرسوم «غير المقبولة»، التي نشرت في النرويج والدنمارك، فيما اعتبر المجلس الاسلامي للمفتين الروس انها «تدنيس» للاسلام، من دون ان يدعو الى مقاطعة المنتجات الدنماركية.

وقال المتحدث باسم بطريركية موسكو ميخائيل دودكو في تصريح اوردته وكالة ايتار ـ تاس «أمر خطير جدا ان نسيء الى المشاعر الدينية، لأنها متجذرة عميقا في قلب الروح البشرية».

واذ اعتبر ان «الاساءة الى المشاعر الدينية غير مقبولة»، وشدد على انه «لا يمكن التحدث عن حرب ديانات».

وقال المسؤول الروحي، ان الارثوذكس الروس، واجهوا مشكلة مماثلة في الماضي، حين عرضت في موسكو اعمال فننين روس، اعتبرت البطريركية وبلدية موسكو، انها مسيئة للديانة.