أحمدي نجاد يتحدى القوى الخمس الكبرى .. ولندن تحذر إيران من إضاعة الفرصة الأخيرة

طهران تهدد باستئناف التخصيب على نطاق واسع .. ومفاوضات المسؤولين الروس والصنيين لم تحرز تقدما

TT

تحدى الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد أمس، القوى النووية العظمى في مجلس الأمن الدولي، ووصفها بأنها «قوى هشة»، وذلك عشية الاجتماع الحاسم لوكالة الطاقة الذرية حول الملف الايراني، وقال ان بلاده ايران لن تذعن لهذه الدول أبدا على على صعيد الملف النووي. في غضون ذك هددت طهران باستئناف تخصيب اليورانيوم على نطاق واسع.

وحمل أحمدي نجاد على الرئيس الأميركي غداة الخطاب حول حالة الاتحاد الذي انتقد فيه بوش «قلة دينية صغيرة تعزل شعبا وتقمعه» في ايران.

وندد الرئيس الايراني في خطابه بـ«أولئك الذين تنغمس أيديهم في دماء الشعوب، أولئك الذين لهم يد أينما كان هناك حروب وقمع أولئك الذين يشنون حروبا في آسيا وأفريقيا، ويقتلون الأشخاص بالملايين».

وقال الرئيس الايراني «في المستقبل القريب سنحاكمكم أمام محكمة الشعوب».

وقال أحمدي نجاد «أولئك الذين يملكون مخزونات أسلحة نووية يجتمعون ويتخذون القرارات، ويظنون ان الشعب الايراني سيخضع لقراراتهم».

واستطرد قائلا «أقول للقوى الهشة هذه، إن الشعب الايراني مستقل منذ 27 عاما، وبالاستناد الى تصميمه يتخذ قراراته بإرادته الصرفة».

وأكد أن «الشعب الايراني على صعيد المسألة النووية، سيواصل طريقه الخاص حتى الحصول على حقه».

ومنذ انتخابه رئيسا في يونيو (حزيران) الماضي، يقوم احمدي نجاد بزيارات كثيرة الى محافظات البلاد. وقد استغل زيارته امس لمحافظة بوشهر (جنوب)، حيث يبني الروس أول محطة نووية ايران، ليحمل ليس فقط على القوى النووية في الامم المتحدة، بل على نظيره الاميركي جورج بوش.

وقال الرئيس الايراني في تصريح لوكالة «مهر» للانباء، انه سيزور بعد الظهر محطة بوشهر التي سيبدأ العمل فيها مبدئيا هذه السنة.

ورافق الرئيس الايراني وزير الدفاع مصطفى محمد نجار، الذي حذر من أن «اي تحرك ضد المنشآت النووية الإيرانية، سيليه رد فوري ومدمر من قبل القوات المسلحة الايرانية».

وكانت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا، اتفقت يوم الاثنين على ان تطلع الوكالة الدولية مجلس الأمن على قرارتها بشأن الملف الايراني.

من جانبه هدد كبير المفاوضين في البرنامج النووي الايراني علي لاريجاني أمس، بأن إيران ستستأنف تخصيب اليورانيوم على نطاق واسع، في حال إحالة ملفها النووي على مجلس الأمن الدولي.

وقال لاريجاني في مؤتمر صحافي «إذا أحيل ملف ايران على مجلس الأمن، او تم اطلاعه عليه ستكون الحكومة مرغمة على تعليق كل الاجراءات الطوعية ما يشمل تخصيب اليورانيوم على نطاق واسع وهذا ما سيحصل».

واستبعد لاريجاني ايضا، ان تعود بلاده عن قرارها الذي اعلن في 10 يناير (كانون الثاني) حول استئناف الانشطة النووية الحساسة المرتبطة بالتخصيب.

وقال المسؤول «لا نرى أي سبب عقلاني لوقف الأبحاث النووية حتى ليوم واحد»، في حين ان هذا القرار كان وراء الازمة الحالية.

وأضاف لاريجاني أن «اكثر من 20 مركزا نوويا خضعت لمراقبة على مدى عامين، وذلك لن يحصل بعد الآن، لأننا سنحصر تعاوننا في اطار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية فقط»، في حال احيلت مسألة ايران الى مجلس الأمن.

وتابع بالتأكيد ستتم ازالة بعض كاميرات المراقبة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال إن مصنع تخصيب اليورانيوم في نطنز «جاهز، ويكفي ان نطلع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكي نبدأ عملنا».

وانضمت ايران طوعا الى البروتوكول الاضافي للوكالة، الذي يتيح فرض نظام رقابة مشدد اكثر على منشآتها. وينص قانون صوت عليه مجلس الشورى على العودة عن هذا الانضمام، في حال احالة الملف الايراني الى مجلس الأمن.

واشار لاريجاني ايضا الى، ان مجيء مسؤولين من روسيا والصين الى طهران أمس الاربعاء، لم يؤد الى احراز تقدم في حل الازمة. وقال المسؤول «لقد اجرينا مفاوضات، لديهم وجهة نظرهم لحل المشكلة، ولدينا وجهة نظر اخرى». وقد اعلن الكرملين ان الرئيس الاميركي جورج بوش ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بحثا الملف النووي الايراني، خلال مكالمة هاتفية أمس.

واقترحت موسكو تخصيب اليورانيوم الايراني في روسيا، لكن ايران شددت سابقا على القيام بالتخصيب على اراضيها.

وقال لاريجاني ان «التخصيب في دولة اخرى، يجب ان يحضر للتخصيب في ايران ومدته لا يمكن ان تكون ابدية».

وحذر من جهة أخرى الغربيين من احتمال فرض عقوبات، وقال «لا ننصحهم باستخدام مثل هذا النوع من الوسائل، لأنه لدينا وسائل الرد»، مشيرا ضمنا الى ازمة النفط.

وذكر لاريجاني بأن «المرة الأخيرة التي تحدث فيها (الغربيون) عن عقوبات، ارتفع سعر النفط».

وأوصى لاريجاني مجلس حكام وكالة الطاقة الذرية «بعدم التحرك تحت وطأة الغضب».

وقال «اذا اعطونا وقتا، فذلك يمكن ان يحل عبر التفاوض. لكننا لا نصر على ذلك، لأننا مستعدون لسيناريو آخر». في الوقت ذاته قال رئيس مجلس الشورى الايراني غلام علي حداد أمس إن القانون يلزم الحكومة «وقف تعاونها الطوعي مع الوكالة الدولية، في اطار البروتوكول الاضافي»، لو أحيل الملف على مجلس الأمن.

وقال حداد «سيحصل ذلك على حساب الوكالة، وفي حال استمر الوضع ستستأنف الحكومة نشاطات التخصيب».

وفي لندن أعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس، عزمه على متابعة الملف النووي الايراني «بالسبل السلمية والدبلوماسية».

وردا على سؤال حول تدخل عسكري محتمل ضد نظام طهران، خلال جلسة المساءلة الاسبوعية في مجلس العموم، اشار بلير الى اتفاق حول رفع المسألة الى «مجلس الأمن الدولي»، مضيفا «سنتابع هذا الملف بالسبل السلمية والدبلوماسية».

وتابع «يجب أن تعترف إيران بواجباتها الدولية، وجميعنا نؤيد التحركات الضرورية من اجل ذلك»، مضيفا «كما سبق ان قلت، فإننا نقوم بذلك امام مجلس الأمن الدولي».

ورأى بلير انه من المهم ان تعترف طهران بواجباتها الدولية، ولا سيما على ضوء، ما تفعله ايران حاليا ليس من خلال مخالفة واجباتنا على صعيد الاسلحة النووية فحسب، بل كذلك بتصدير الارهاب في منطقتها والتصرف كما تفعل على صعيد حقوق الانسان».

في الوقت ذاته حذرت لندن ايران من ان لديها «فرصة أخيرة»، للوفاء بالتزاماتها على الصعيد النووي. وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو في تصريح لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) قبل لقاء نظيره الايراني منوشهر متقي في لندن، ان على ايران ان «تنظر حقا إلى موقف قادة الأسرة الدولية، ليس كتهديد، بل كفرصة للعودة الى السكة والوفاء بالتزاماتها، وعدم الاقدام على شيء يمكن ان يقود الى تطوير السلاح النووي».

وعلق سترو على تهديد طهران بوقف أي تعاون طوعي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال إحالة ملفها النووي إلى مجلس الأمن، فاعتبر ان هذه «فكرة سيئة جدا»، داعيا طهران الى التوقف عن دعم مجموعات «ارهابية».

وقال «لطالما ساندت ايران (حركة المقاومة الاسلامية) حماس وحزب الله»، الشيعي اللبناني، معتبرا انه «من الاساسي، اذا ما ارادت ايران حقا الخروج من عزلتها العودة الى صفوف الاسرة الدولية، ان تضع حدا لدعم منظمات تعلن انها تكافح من اجل الحرية، لكنها في الحقيقة منظمات ارهابية».

وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن سترو التقى متقي صباح أمس، على هامش المؤتمر الدولي حول افغانستان المنعقد في لندن ليعرض عليه هذا الموقف.

وفي موسكو اعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي، ان فرض عقوبات على ايران سيضاعف مخاطر برنامجها النووي على العالم، وقد يجعلها تسارع الى امتلاك القنبلة النووية.

وقال كونستانتين كوساتشيف خلال لقاء مع مجموعة صغيرة من الصحافيين «أخشى أن يتم التوصل الى قنبلة نووية ايرانية في شكل اسرع بكثير بعد فرض عقوبات، منه في أي سيناريو آخر «للخروج من الازمة الحالية».

واضاف ان «العقوبات لا تحل مشكلة البرنامج النووي الايراني، بل تلبي الطموحات السياسية لبعض السياسيين. المشكلة النووية الايرانية تشكل خطرا علينا جميعا، وينبغي ايجاد السبل لازالة هذا الخطر وليس لمعاقبة ايران».