الحص يتهم المسؤولين بإجهاض أي مبادرة عربية

حدة السجالات السياسية تتراجع في انتظار المساعي المحلية والإقليمية

TT

تراجعت حدة السجالات بين القوى السياسية اللبنانية في انتظار بلورة المساعي، المحلية والاقليمية والدولية الهادفة الى معالجة الازمة العامة بدءاً بالازمة الحكومية التي وصفها الرئيس الاسبق للحكومة سليم الحص بانها «ازمة سخيفة ومبتذلة» معتبراً ان «اطرافها بمن فيهم المسؤولون، لا يمتلكون زمام الامور بيدهم»، واخذ على المسؤولين «اجهاض اي مبادرة عربية... كأنما المبادرات عمل معيب».

وقال الرئيس الحص، في بيان اصدره امس: «نحن، كما اكثر اللبنانيين، نستهجن تصرف المسؤولين خصوصاً والطبقة السياسية عموماً، حيال الازمة الوزارية المستحكمة. واغرب ما في الوضع ان الكل يتصرف براحة واطمئنان كليين، وكأن الازمة في بلد آخر. اننا لا نرى احداً منهم تقض الازمة مضجعه فلا يفتر عن التحرك طلباً للحل. وتتحفنا وسائل الاعلام بأنباء عن اجتماعات يعقدونها تستمر لساعات وساعات، فيما هم جميعاً يقولون ان القضية تتلخص بكلمتين: ميليشيا ام مقاومة. ثم توافق ام حكم الاكثرية. والناس لا تستطيع ان تدرك علام مفاوضات الساعات الطوال التي تنتهي دوماً بأكذوبة ان الاجواء كانت ايجابية. فأين هي الايجابية عندما يمر الاسبوع تلو الاسبوع ولا يلمس المواطن اي تقدم؟ انها المهزلة بعينها، لا بل انها المضحك المبكي».

واضاف الحص: «اننا لا نفهم اصرار المسؤولين على اعلى المستويات على اجهاض اي مبادرة عربية، انطلاقاً من حرصهم على التأكيد ان المبادرة ليست مبادرة. كأنما المبادرات عمل معيب او شائن. ويريدوننا ان نقتنع بأن البون شاسع بين المبادرات والمساعي. وان المساعي مرحب بها بينما المبادرات رجس من عمل الشيطان. من قال ان المبادرات العربية تعني املاءات على اللبنانيين؟ أليست المبادرات للنقاش مع اللبنانيين وفي ما بين اللبنانيين، بحيث نقبل ما يناسبنا منها ونناقش ما لا يناسبنا، فنستفيد من الدور العربي من اجل التوصل الى تفاهم لبناني مشترك لحل الازمة المستعصية التي نواجه؟ الم يكن مثل هذا في الطائف، حيث آلت المبادرة العربية الى وفاق بين اللبنانيين؟».

ورأى الحص ان «لا تفسير لهذا التمادي في المماطلة والتأجيل والتسويف سوى ان اياً من اطراف الازمة، بمن فيهم المسؤولون، لا يمتلكون زمام الامور بيدهم، وعليهم ان يعودوا الى مراجع في الخارج قبل بت اي موضوع. هكذا تمر الايام والاسابيع والكل مرتاح الى الموقع الذي يتربع فيه، أما الناس فلها رب يحميها».

ودعا «اطراف النزاع المفتوح الى شيء من الحياء في مواجهة الناس الذين يعانون من مغبة ازمة اصبحت سخيفة، لا بل مبتذلة، وكذلك في مواجهة اجيال من الاحداث والشباب نكاد نغيّب عن آفاقهم بصيص امل في مستقبل واعد. كل يوم نبرهن جميعاً اننا لا نستحق الثقة من هذا الشعب الطيب. لا بل لا نستحق هذا الوطن الفريد».

الى ذلك، عقد لقاء الجمعيات الاسلامية في لبنان اجتماعاً في بيروت امس للبحث في الشؤون الداخلية والإقليمية والدولية. وتوقف المجتمعون «مطولاً عند المبادرة العربية والجدل حولها» متمنين على «القوى السياسية كافة وقف هذا الجدل غير المبرر والجلوس الى طاولة الحوار لاخراج لبنان من دائرة الازمات والحفاظ على المقاومة وخطها الجهادي في مواجهة العدو الصهيوني وفي مواجهة كل المؤامرات الصهيونية والاميركية ورفض كل الوصايات والتدخلات الاجنبية لاسيما الاميركية والفرنسية».

في الجنوب، دعا النائب عن حركة «امل» علي بزي الى «التمسك بالثوابت الوطنية الكامنة في مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية والمتصلة بضرورة كشف الحقيقة كاملة في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولجهة حماية المقاومة». وقال: «إن من اعطى الكثير في البيان الوزاري في شأن سلاح المقاومة قادر على اعطاء ثلاث كلمات تنص على ان المقاومة ليست ميليشيا». واضاف: «من غير المفيد اخراج لبنان من علاقته الاقليمية ومحيطه العربي والتنكر للعلاقات التاريخية بين الشعبين اللبناني والسوري».

وفي شمال لبنان، قال عضو كتلة «تيار المستقبل» النيابية النائب محمود المراد: «ان الاجواء السائدة في البلاد تستدعي وقفة جادة ومسؤولة من الاطراف كافة». واعتبر «ان الحلول الناجعة لكل المسائل العالقة تبدأ اولا بالاستفادة مما أمنه النائب سعد الدين الحريري عبر زياراته واتصالاته بدول القرار والولايات المتحدة منذ فترة اولاً، للتبصر والتعقل والتروي من اجل الاستجابة للالتزامات الدولية والقرارات الدولية. وثانياً توفير المناخ للحوار الحقيقي والجاد على قاعدة اننا كلنا ابناء وطن واحد، فلا مزايدة لطرف على آخر بصدقية انتمائه وحرصه على وطنه».