النفق الرابط بين إسبانيا والمغرب: حلم عمره ربع قرن ويحتاج عقدين آخرين ليتحقق

TT

الربط القاري بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق حلم عمره أكثر من ربع قرن، ويحتاج الى عقدين آخرين ليتجسد واقعا، حسب تصريحات لمسؤولين إسبان.

وقالت مسؤولة الأوراش والنقل في حكومة إقليم الأندلس المحلية، كونسيبسيون غوتيريز، إنه من المرتقب أن يرى الربط القاري النور بين ضفتي مضيق جبل طارق بعد عشرين عاما من الآن. وقالت المسؤولة الإسبانية، في تصريح لوكالة الأنباء الإسبانية «ايفي»، إنه في ظرف عشرين عاما ستكون إسبانيا مرتبطة مع المغرب بنفق تحت الماء، شبيه بالنفق الذي يربط بين فرنسا وإنجلترا عبر بحر المانش.

واعتبرت غوتيريز، أن مضيق جبل طارق سيظل يحظى دوما بدور استراتيجي كبير، سواء بالنسبة للمغرب وإسبانيا، أو بالنسبة لباقي الدول الأوروبية ودول العالم. وأشارت المسؤولة الى أن هناك مرحلة أولية ستستمر من العام المقبل وإلى غاية 2013، تهم دراسات ميدانية، بالاخص تلك التي تتعلق بدراسات الطبقات الجيولوجية في أعماق المضيق، قبل أن تبدأ الاستعدادات الجدية لهذا المشروع.

وعلى الرغم من أن المغرب وإسبانيا لم يتفقا بعد على طبيعة هذه القناة، إلا أن أغلب مسؤولي البلدين يفضلون أن تكون عبارة عن سكة حديد مزدوجة تحت الماء، عوض طريق سيار. وكانت فكرة إقامة ربط قاري بين البلدين انطلقت قبل أزيد من ربع قرن، خلال أول زيارة قام بها إلى المغرب الملك الإسباني خوان كارلوس الأول بضع سنوات بعد رحيل الجنرال فرانسيسكو فرانكو. غير أن هذا المشروع، الذي أطلقة الملك الراحل الحسن الثاني خلال تلك الزيارة، دخل رفوف النسيان لسنوات طويلة، قبل أن يعود من جديد بشكل أكثر جدية، خصوصا بعد وصول الاشتراكيين إلى السلطة قبل حوالي سنتين.

ويعول البلدان على هذا الربط، من أجل تنمية اقتصادية وتجاوز المشاكل التي أصبح يعرفها المضيق، خلال عملية العبور لملايين المغاربة في الخارج الذين يعودون إلى بلادهم كل عام لقضاء عطلة الصيف.

وتتوقع مصادر اقتصادية أن يدر المشروع، في حال إنجازه، مداخيل كثيرة من صناعة السياحة، خصوصا بالنسبة للمغرب الذي يهدف إلى أن يصبح جزءا من الازدهار السياحي العام، الذي يعرفه الجنوب الإسباني الذي يستقبل أزيد من 30 مليون سائح كل عام، في الوقت الذي لا يستقبل المغرب كله أزيد من خمسة ملايين كل سنة.

وكان وزير التجهيز والنقل المغربي، كريم غلاب، أعلن قبل بضعة أسابيع، أن مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا يتقدم بشكل ملموس بهدف ربط أوروبا بإفريقيا.

وقال الوزير المغربي، خلال كلمة كان ألقاها في مؤتمر «الطرق للبلدان الافريقية»، التي عقدت بالجزائر، إن «الربط القاري بين أوروبا وافريقيا عبر مضيق جبل طارق يسير في الطريق الصحيح».

كما أن وزيرة التموين الإسبانية، ماجدلينا ألفارس، قالت إن وزارتها وضعت مشروع الربط القاري في خطة ميزانية وزارتها للخمس عشرة سنة المقبلة. وقالت الوزيرة الإسبانية، في لقاء سابق لها مع وزير التجهيز المغربي، إن الزيارات التي تبادلها ملكا البلدين خلال السنة من قبل عجلت بتقديم المشروع إلى اللجان الاقتصادية للاتحاد الأوروبي.

واعتبرت ألفارس أن تقديم ملف الربط القاري بشكل مشترك، بين المغرب وإسبانيا، إلى لجان الاتحاد الأوروبي سيعزز حظوظه أكثر، من دون أن تقدم توضيحات أكثر عن السقف الزمني الذي سيتطلبه انتظار الدعم الأوروبي لهذا المشروع، أو المدة الزمنية المرتقبة التي يتطلبها إنجاز المشروع في حال البدء في الأشغال، مضيفة أن تحسن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تجعل من إقامة هذا المشروع هدفا استراتيجيا للمستقبل.

وكان المغرب وإسبانيا قد شكلا قبل سنوات لجان تقنية لبحث المشروع وإجراء دراسات وصفت بالمعمقة، في مضيق جبل طارق.

وكان مقاولون مغاربة وإسبان التقوا مرارا السنة الجارية في المغرب وإسبانيا من أجل دراسة المشروع. وخصص البلدان أزيد من 10 ملايين يورو للأبحاث التي ينتظر أن تنتهي نهاية عام 2006، بعد أن حصل اتفاق شبه كامل على أن الربط القاري سيكون عبارة عن نفق تحت البحر، وليس قنطرة معلقة كما كان مرتقبا من قبل. وتقول الحكومة المغربية إن الربط القاري بين المغرب وإسبانيا سيكون نهاية لمشروع ربط بري طويل بين عدد من البلدان الافريقية جنوب الصحراء، وهو المشروع الذي يسمى «طنجة – لاغوس»، في إشارة إلى العاصمة النيجيرية، وآخر مدينة في شمال افريقيا تطل مباشرة على مضيق جبل طارق.

ومن المرتقب أن يمتد طريق «طنجة – لاغوس» لمسافة تزيد عن ستة آلاف كيلومتر، حيث سيربط المغرب بموريتانيا والسنغال وغامبيا ومالي وبوركينا فاسو وغينيا وساحل العاج وغانا وبنين وصولا إلى نيجيريا.

وتقول وزارة التجهيز في المغرب، إن المحور الأول من هذه الطريق، الذي يمتد من شمال المغرب إلى الحدود مع موريتانيا عبر مسافة 2500 كيلومتر، قد تم إنجازه.

ويقول خبراء في السياحة، إن مشروع الربط القاري سيتحول إلى دجاجة تبيض ذهبا بالنسبة للسياحة في المغرب، كما أنه سيقلص الكثير من المشاكل في مجال النقل البحري بين البلدين عبر المضيق، خصوصا أن حركة الملاحة تضطر إلى التوقف عندما تسوء الأحوال الجوية بفعل الرياح القوية التي يعرفها مضيق جبل طارق.